وعن أبي محمد عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به} حديث صحيح، رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح.
هذا الحديث حديث مشهور؛ وذلك لكونه في كتاب التوحيد، قال -عليه الصلاة والسلام-: { لا يؤمن أحدكم، حتى يكون هواه تبعا لما جئت به } وهذا حديث حسن، كما حسنه هنا النووي، بل قال: حديث حسن صحيح، وسبب تحسينه أنه في معنى الآية، وهي قوله -جل وعلا -: { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} سورة النساء اية 65 وتحسين الحديث، بمجيء آية فيها معناه.
مذهب كثير من المتقدمين من أهل العلم كابن جرير الطبري، وجماعة من حذاق الأئمة والمحدثين.
وقوله هنا: { لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به} يعني: الإيمان الكامل لا يكون، حتى يكون هوى المرء ورغبة المرء تبعا لما جاء به المصطفى -صلى الله عليه وسلم- يعني: أن يجعل مراد الرسول -صلى الله عليه وسلم- مقدما على مراده، وأن يكون شرع النبي -صلى الله عليه وسلم- مقدما على هواه، وهكذا، فإذا تعارض رغبه وما جاء به، جاءت به السنة، فإنه يقدم ما جاءت به السنة، وهذا جاء بيانه في آيات كثيرة، وفي أحاديث كثيرة، كقول الله -جل وعلا -:{ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ …} الآية إلى أن قال: { أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ } التوبة : الاية24 فالواجب أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وإذا كان كذلك فسيكون هوى المرء تبعا لما جاء به المصطفى -صلى الله عليه وسلم-.
الاربعين النووية :
شرح الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ