المدير العام المدير العام
عدد المساهمات : 1002 نقاط : 1421 التقييم : : 44 تاريخ التسجيل : 25/09/2009 العمر : 64
| موضوع: الجهل الظن والشك أضداد العلم السبت ديسمبر 05, 2009 5:41 pm | |
| الْجَهْلُ وَالظَّنُّ وَالشَّكُّ أَضْدَادُ الْعِلْمِعِنْدَنَا ، وَذَهَبَ أَكْثَرُ الْمُعْتَزِلَةِ إلَى أَنَّ الْجَهْلَ مُمَاثِلٌ لِلْعِلْمِ . وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ اعْتِقَادَ الْمُقَلِّدِ لِلشَّيْءِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِثْلُ الْعِلْمِ . يُطْلَقُ الْعِلْمُ عَلَى الظَّنِّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ } إذْ الْعِلْمُ الْقَطْعِيُّ فِي ذَلِكَ لَا سَبِيلَ إلَيْهِ ، وَقَوْلِهِ : { وَمَا شَهِدْنَا إلَّا بِمَا عَلِمْنَا } سَمَّوْا غَيْرَ الْمُطَابِقِ عِلْمًا ، فَكَيْفَ الظَّنُّ الْمُطَابِقُ ؟ وَأُقِرُّوا عَلَيْهِ ، وَالْأَصْلُ فِي الْكَلَامِ : الْحَقِيقَةُ . وَقَوْلِهِ : { وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْمٌ } وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَقْفُوَ مَا يَظُنُّهُ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ : يَقْضِي الْقَاضِي بِعِلْمِهِ . وَيُطْلَقُ الظَّنُّ عَلَى الْعِلْمِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ } أَيْ يَعْلَمُونَ ، إذْ الظَّنُّ فِي ذَلِكَ غَيْرُ كَافٍ ، وَيُطْلَقُ الظَّنُّ عَلَى غَيْرِ الْمُطَابِقِ كَثِيرًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا } وَيُطْلَقُ الشَّكُّ عَلَى الظَّنِّ وَعَلَيْهِ غَالِبُ إطْلَاقِ الْفُقَهَاءِ . وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ ، فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى } لِأَنَّ الشَّكَّ وَالظَّنَّ فِيهِ سَوَاءٌ فِي الْحُكْمِ . وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الظَّنُّ ، وَأَنْ يُرَادَ الشَّكُّ ، وَالظَّنُّ مَقِيسٌ عَلَيْهِ ، وَأَنْ يُرَادَ الْأَعَمُّ . مَسْأَلَةٌ [ اسْتِعْمَالُ الظَّنِّ بِمَعْنَى الْعِلْمِ الْيَقِينِيِّ مَجَازٌ ] الْمَشْهُورُ أَنَّ اسْتِعْمَالَ الظَّنِّ بِمَعْنَى الْعِلْمِ الْيَقِينِيِّ مَجَازٌ . وَيَتَلَخَّصُ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالنَّحْوِ فِيهِ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ : أَحَدُهَا : أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الشَّكِّ مَجَازٌ فِي الْيَقِينِ ، وَالثَّانِي : أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا فَيَكُونُ مُشْتَرَكًا . وَعَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ يَنْشَأُ خِلَافٌ فِيمَا إذَا قُلْت : ظَنَنْت ظَنًّا . هَلْ يَتَعَيَّنُ لِلْيَقِينِ بِالتَّأْكِيدِ أَوْ الِاحْتِمَالُ بَاقٍ ؛ لِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا لَا حَقِيقَةٌ وَمَجَازٌ ؟ وَالثَّالِثُ : أَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي الشَّكِّ ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ الْعَبْدَرِيِّ وَقَالَ : وَلَا يُعَوَّلُ عَلَى حِكَايَةِ مَنْ حَكَى " ظَنَّ " : بِمَعْنَى " تَيَقَّنَ " بَلْ الظَّنُّ وَالْيَقِينُ مُتَنَافِيَانِ .
فَصْلٌ [ الْعَقْلُ ] الْعَقْلُ لُغَةً : الْمَنْعُ ، وَلِهَذَا يَمْنَعُ النَّفْسَ مِنْ فِعْلِ مَا تَهْوَاهُ . مَأْخُوذٌ مِنْ عِقَالِ النَّاقَةِ الْمَانِعِ لَهَا مِنْ السَّيْرِ حَيْثُ شَاءَتْ ، وَهُوَ أَصْلٌ لِكُلِّ عِلْمٍ . قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ : وَكَانَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ يُسَمِّيهِ أُمَّ الْعِلْمِ . وَكَثُرَ الِاخْتِلَافُ فِيهِ حَتَّى قِيلَ : إنَّ فِيهِ أَلْفَ قَوْلٍ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : سَلْ النَّاسَ إنْ كَانُوا لَدَيْك أَفَاضِلًا عَنْ الْعَقْلِ وَانْظُرْ هَلْ جَوَابٌ يُحَصَّلُ . وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ أَصْنَافُ الْخَلْقِ مِنْ الْفَلَاسِفَةِ وَالْأَطِبَّاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ وَالْفُقَهَاءِ كُلُّ وَاحِدٍ مَا يَلِيقُ بِصِنَاعَتِهِ . فَأَمَّا الْفَلَاسِفَةُ فَشَأْنُهُمْ الْكَلَامُ فِي الْمَوْجُودَاتِ كُلِّهَا ، وَمَعْرِفَةُ حَقِيقَتِهَا . وَالْعَقْلُ مَوْجُودٌ . وَالْأَطِبَّاءُ شَأْنُهُمْ الْخَوْضُ فِيمَا يُصْلِحُ الْأَبْدَانَ ، وَالْعَقْلُ سُلْطَانُ الْبَدَنِ . وَالْمُتَكَلِّمُونَ هُمْ أَهْلُ النَّظَرِ ، وَالنَّظَرُ أَبَدًا يَتَقَدَّمُ الْعَقْلَ . وَالْفُقَهَاءُ تَكَلَّمُوا فِيهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَنَاطُ التَّكْلِيفِ ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : آلَةٌ خَلَقَهَا اللَّهُ لِعِبَادِهِ يُمَيَّزُ بِهَا بَيْنَ الْأَشْيَاءِ وَأَضْدَادِهَا ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ : وَالْعُقُولُ الَّتِي رَكَّبَهَا اللَّهُ فِيهِمْ لِيَسْتَدِلُّوا بِهَا عَلَى الْعَلَامَاتِ الَّتِي نَصَبَهَا لَهُمْ عَلَى الْقِبْلَةِ وَغَيْرِهَا مَنًّا مِنْهُ وَنِعْمَةً ، قَالَهُ ابْنُ سُرَاقَةَ ، وَهَذَا النَّصُّ مَوْجُودٌ فِي " الرِّسَالَةِ " . قَالَ الصَّيْرَفِيُّ فِي شَرْحِهَا : بَيَّنَ الشَّافِعِيُّ أَنَّ الْعَقْلَ مَعْنًى رَكَّبَهُ اللَّهُ فِي الْإِنْسَانِ أَيْ خَلَقَهُ فِيهِ لَا أَنَّهُ فِعْلُ الْإِنْسَانِ كَمَا زَعَمَ بَعْضُ النَّاسِ . وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي " الْقَوَاطِعِ " : رُوِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ آلَةُ التَّمْيِيزِ . قُلْت : وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي " الرِّسَالَةِ " حَيْثُ قَالَ : دَلَّهُمْ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ بِالْعُقُولِالَّتِي رُكِّبَتْ فِيهِمْ ، الْمُمَيِّزَةِ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ وَأَضْدَادِهَا إلَخْ . وَقِيلَ : قُوَّةٌ طَبِيعِيَّةٌ يُفْصَلُ بِهَا بَيْنَ حَقَائِقِ الْمَعْلُومَاتِ ، وَقِيلَ : جَوْهَرٌ لَطِيفٌ يُفْصَلُ بِهِ بَيْنَ حَقَائِقِ الْمَعْلُومَاتِ . وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ : الْعَقْلُ هُوَ الْعِلْمُ . وَكَذَا قَالَ ابْنُ سُرَاقَةَ : هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ بِشَيْءٍ غَيْرَ الْعِلْمِ لَكِنَّهُ عِلْمٌ عَلَى صِفَةٍ فَجَمِيعُ الْمَعْلُومَاتِ بِحِسٍّ وَغَيْرِهِ إلَيْهِ مَرْجِعُهَا ، وَهُوَ يُمَيِّزُهَا وَيَقْضِي عَلَيْهَا ، وَحُجَّتُهُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِخَلْقِهِ ذَلِكَ فِي الْإِنْسَانِ . انْتَهَى . وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي شَرْحِ التَّرْتِيبِ " : الْعَقْلُ هُوَ الْعِلْمُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِلْمًا ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَصْحَابِنَا ، وَهُوَ قَوْلُ الْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ الْإِسْلَامِيِّينَ ، وَبِهِ قَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ ، وَفَرَّقَ بَعْضُ الْفَلَاسِفَةِ بَيْنَ الْعَقْلِ وَالْعِلْمِ ، فَقَالُوا : الْعَقْلُ جَوْهَرٌ مَخْلُوقٌ فِي الْإِنْسَانِ ، وَهُوَ مَرْكَزُ الْعُلُومِ ، وَلَا يُسْتَفَادُ الْعَقْلُ إنَّمَا تُسْتَفَادُ الْعُلُومُ . ا هـ . وَكَذَلِكَ نَقَلَ فِي كِتَابِهِ فِي الْأُصُولِ عَنْ أَهْلِ الْحَقِّ تَرَادُفَ الْعِلْمِ وَالْعَقْلِ . قَالَ : فَقَالُوا : وَاخْتِلَافُ النَّاسِ فِي الْعُقُولِ لِكَثْرَةِ الْعُلُومِ وَقِلَّتِهَا . وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ الطَّبَرِيُّ : نُورٌ وَبَصِيرَةٌ فِي الْقَلْبِ مَنْزِلَتُهُ الْبَصَرُ مِنْ الْعَيْنِ . قَالَ ابْنُ فُورَكٍ : هُوَ الْعِلْمُ الَّذِي يُمْتَنَعُ بِهِ مِنْ فِعْلِ الْقَبِيحِ ، وَذَهَبَ الْحَارِثُ الْمُحَاسِبِيُّ إلَى أَنَّهُ غَرِيزَةٌ يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى الْمَعْرِفَةِ ، وَمَثَّلَهُ بِالْبَصَرِ ، وَمَثَّلَ الْعِلْمَ بِالسِّرَاجِ ، فَمَنْ لَا بَصَرَ لَهُ " لَا يَنْتَفِعُ بِالسِّرَاجِ " وَمَنْ لَهُ بَصَرٌ بِلَا سِرَاجٍ لَا يَرَى مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ . فَصَرَّحَ بِمُخَالَفَةِ الْعَقْلِ الْعِلْمَ ، وَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ : الْعَقْلُ غَرِيزَةٌ . قَالَ الْقَاضِي : أَيْ خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى ابْتِدَاءً وَلَيْسَ اكْتِسَابًا . قَالَ الْأُقْلِيشِيُّ : وَهَذِهِ الْغَرِيزَةُ لَيْسَتْ حَاصِلَةً لِلْبَهِيمَةِ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ . وَاسْتَحْسَنَهُ الْإِمَامُ فِي " الْبُرْهَانِ " وَاعْتَقَدَهُ رَأْيًا . إذْ أَكْثَرُ الْأَشْعَرِيَّةِ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَالْبَهِيمَةِ فِي السَّجِيَّةِ ، وَإِنَّمَا فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا فِي الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ ، وَهِيَ الْعُلُومُ الْكَسْبِيَّةُ الَّتِي مَنْشَؤُهَا مِنْ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ . لَكِنَّهُ فِي " الشَّامِلِ " حَكَاهُ ، ثُمَّ قَالَ : إنَّهُ لَا يَرْضَاهُ وَإِنَّهُ يَتَّهِمُ النَّقَلَةَ عَنْهُ فِيهِ ، وَأَطَالَ فِي رَدِّهِ . وَصَارَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو الطَّيِّبِ ، وَسُلَيْمٌ الرَّازِيَّ ، وَابْنُ الصَّبَّاغِ ، وَغَيْرُهُمْ إلَى أَنَّهُ بَعْضُ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ ، فَخَرَجَتْ الْعُلُومُ الْكَسْبِيَّةُ ؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَ يَتَّصِفُ بِكَوْنِهِ عَاقِلًا مَعَ عَدَمِ جَمِيعِ الْعُلُومِ النَّظَرِيَّةِ . وَإِنَّمَا قُلْنَا : بَعْضُهَا ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ جَمِيعُهَا لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْفَاقِدُ لِلْعِلْمِ بِالْمُدْرِكَاتِ ، لِعَدَمِ الْإِدْرَاكِ الْمُتَعَلِّقِ بِهَا غَيْرَ عَاقِلٍ ، فَثَبَتَ أَنَّهُ بَعْضُ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ ، وَذَلِكَ نَحْوُ الْعِلْمِ بِاسْتِحَالَةِ اجْتِمَاعِ الضِّدَّيْنِ ، وَالْعِلْمِ بِأَنَّ الْمَعْلُومَ لَا يَخْرُجُ عَنْ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا أَوْ مَعْدُومًا وَأَنَّ الْمَوْجُودَ لَا يَخْلُو عَنْ الِاتِّصَافِ بِالْقِدَمِ أَوْ بِالْحُدُوثِ ، وَالْعِلْمِ بِمَجَارِي الْعَادَاتِ الْمُدْرَكَاتِ بِالضَّرُورَةِ ، كَمُوجِبِ الْأَخْبَارِ الْمُتَوَاتِرَةِ الصَّادِرَةِ عَنْ الْمُشَاهَدَاتِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْعُلُومِ الَّتِي يُخَصُّ بِهَا الْعُقَلَاءُ . وَحَاصِلُهُ : الْعِلْمُ بِوُجُوبِ الْوَاجِبَاتِ ، وَاسْتِحَالَةِ الْمُسْتَحِيلَاتِ ، وَجَوَازِ الْجَائِزَاتِ ، وَقِيلَ : إنَّهُ عُلُومٌ بَدِيهِيَّةٌ كُلُّهُ . قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ : فَقُلْت لَهُ : أَفَتَخُصُّ هَذَا النَّوْعَ مِنْ الضَّرُورَةِ بِوَصْفٍ ؟ قَالَ : يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ : مَا صَحَّ مَعَ الِاسْتِنْبَاطِ . وَالْحَقُّ : أَنَّ الْعَقْلَ الْغَرِيزِيَّ لَيْسَ بِالْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ ، إذْ الْإِنْسَانُ يُوصَفُ بِالْعَقْلِ مَعَ ذُهُولِهِ عَنْ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ . قَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ بَعْدَ إبْطَالِهِ قَوْلَ الْقَاضِي فِي الْعَقْلِ : وَعِنْدَ هَذَا ظَهَرَ أَنَّ الْعَقْلَ غَرِيزَةٌ تَلْزَمُهَا هَذِهِ الْعُلُومُ الْبَدِيهِيَّةُ مَعَ سَلَامَةِ الْآلَاتِ ، وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ : الْعِبَارَةُ الْوَجِيزَةُ فِيهِ : عُلُومٌ ضَرُورِيَّةٌ بِاسْتِحَالَةِ مُسْتَحِيلَاتٍ وَجَوَازِ جَائِزَاتٍ . أَوْ نُورٌ يُقْبِلُ مِنْ النُّورِ الْأَعْلَى بِمِقْدَارِ مَا يَحْتَمِلُهُ ، وَهُوَ مَوْجُودٌ بِالْمَجْنُونِ وَغَيْرِهِ عِنْدَ هَذَا الْقَائِلِ لَكِنْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَبُولِ حَائِلٌ كَمَا فِي نُورِ الشَّمْسِ مَعَ السَّحَابِ . وَقَالَ الْغَزَالِيُّ : هُوَ غَرِيزِيٌّ وَضَرُورِيٌّ وَهُمَا نَظَرِيٌّ وَتَجْرِيبِيٌّ ، وَالْعِلْمُ بِعَوَاقِبِ الْأُمُورِ ، وَهُمَا مُكْتَسَبَانِ . وَقَالَ ابْنُ فُورَكٍ : هُوَ الْعِلْمُ الَّذِي يُمْتَنَعُ بِهِ عَنْ فِعْلِ الْقَبِيحِ . وَاخْتَارَ الْآمِدِيُّ : أَنَّهُ الْعُلُومُ الضَّرُورِيَّةُ الَّتِي لَا خُلُوَّ لِنَفْسِ الْإِنْسَانِ عَنْهَا بَعْدَ كَمَالِ آلَةِ الْإِدْرَاكِ وَعَدَمِ أَضْدَادِهَا ، وَلَا يُشَارِكُهُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ . وَحَكَاهُ عَنْ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ قَوْلَانِ ثُمَّ هُوَ غَيْرُ جَامِعٍ لِلْعَقْلِ الثَّابِتِ لِلصِّبْيَانِ ، فَإِنَّهُمْ عُقَلَاءُ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي مِنْ الْحَنَابِلَةِ فِي كِتَابِ " الْعُدَّةِ " مَعَ انْتِفَاءِ مَا ذَكَرَهُ ؛ لِامْتِنَاعِ صِحَّةِ نَفْيِ الْعَقْلِ عَنْهُمْ مُطْلَقًا ، وَإِلَّا لَزِمَ جَوَازُ وَصْفِهِمْ بِضِدِّهِ ، وَهُوَ الْجُنُونُ وَذَلِكَ مُحَالٌ ، وَغَيْرُ مَانِعٍ لِعُلُومِ الْمَجَانِينِ الَّتِي لَا خُلُوَّ ؛ لِأَنْفُسِهِمْ عَنْهَا ، كَعِلْمِهِمْ بِأَنَّ الِاثْنَيْنِ أَكْثَرُ مِنْ الْوَاحِدِ وَنَحْوَهُ مَعَ أَنَّهُمْ غَيْرُ عُقَلَاءَ ، وَقَالَ الْجِيلِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي كِتَابِ " الْإِعْجَازِ " : فَرْقٌ بَيْنَ الْعَقْلِ وَالْعِلْمِ ، وَيَظْهَرُ شَرَفُ الْعَقْلِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَنْبَعُ الْعِلْمِ وَأَسَاسُهُ ، وَالْعِلْمُ يَجْرِي مِنْهُ مَجْرَى الثَّمَرَةِ مِنْ الشَّجَرَةِ . قَالَ : وَفِي الْحَدِيثِ : { أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْعَقْلُ ، وَقَالَ : وَعِزَّتِي وَجَلَالِي مَا خَلَقْت خَلْقًا أَكْرَمَ مِنْك ، بِك آخُذُ ، وَبِك أُعْطِي ، وَبِك أُعَاقِبُ } . فَإِنْ قُلْت : إنْ كَانَ الْعَقْلُ عَرَضًا فَكَيْفَ يُخْلَقُ قَبْلَ الْأَجْسَامِ ، وَإِنْ كَانَ جَوْهَرًا فَكَيْفَ يَكُونُ قَائِمًا بِنَفْسِهِ لَا بِمُتَحَيِّزٍ ؟ . قُلْنَا : هَذَا يَتَعَلَّقُ بِعِلْمِ الْمُكَاشَفَةِ . قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : { جَدَّ الْمَلَائِكَةُ وَاجْتَهَدُوا فِي طَاعَةِ اللَّهِ بِالْعَقْلِ ، وَجَدَّ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ بَنِي آدَمَ عَلَى قَدْرِ عُقُولِهِمْ } . عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْأُصُولِيِّينَ قَالَ : إنَّ الْجَوْهَرَ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ ، وَلَا تَنَاقُضَ بَيْنَ قَوْلِنَا : إنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ ، وَبَيْنَ قَوْلِنَا : إنَّهُ خُلِقَ قَبْلَ الْأَشْيَاءِ . انْتَهَى .
الْعَقْلُ ضَرْبَانِ ] ثُمَّ هُوَ ضَرْبَانِ غَرِيزِيٌّ وَهُوَ أَصْلٌ ، وَمُكْتَسَبٌ وَهُوَ فَرْعٌ . فَأَمَّا الْغَرِيزِيُّ : فَهُوَ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّكْلِيفُ ، وَأَمَّا الْمُكْتَسَبُ : فَهُوَ الَّذِي يُؤَدِّي إلَى صِحَّةِ الِاجْتِهَادِ وَقُوَّةِ النَّظَرِ ، وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَتَجَرَّدَ الْمُكْتَسَبُ عَنْ الْغَرِيزِيِّ ، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَتَجَرَّدَ الْغَرِيزِيُّ عَنْ الْمُكْتَسَبِ ؛ لِأَنَّ الْغَرِيزِيَّ أَصْلٌ يَصِحُّ قِيَامُهُ بِذَاتِهِ ، وَالْمُكْتَسَبَ فَرْعٌ لَا يَصِحُّ قِيَامُهُ إلَّا بِأَصْلِهِ ، وَمِنْ النَّاسِ مَنْ امْتَنَعَ مِنْ تَسْمِيَةِ الْمُكْتَسَبِ عَقْلًا ؛ لِأَنَّهُ مِنْ نَتَائِجِهِ ، وَلَا اعْتِبَارَ بِالنِّزَاعِ فِي التَّسْمِيَةِ إذَا كَانَ الْمَعْنَى مُسَلَّمًا . وَاخْتُلِفَ فِيهِ فِي أُمُورٍ : [ تَفَاوُتُ الْعُقُولِ ] أَحَدُهَا : هَلْ يَتَفَاوَتُ ؟ وَالْأَصَحُّ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ فِي " التَّلْخِيصِ " وَسُلَيْمٌ الرَّازِيَّ فِي " التَّقْرِيبِ " وَابْنُ الْقُشَيْرِيّ وَغَيْرُهُمْ : أَنَّهُ لَا يَتَفَاوَتُ ، فَلَا يَتَحَقَّقُ شَخْصٌ أَعْقَلُ مِنْ شَخْصٍ ، وَإِنْ أُطْلِقَ ذَلِكَ كَانَ تَجَوُّزًا ، أَوْ صَرْفًا إلَى كَثْرَةِ التَّجَارِبِ ، قَالَ فَإِنَّا بَعْدَ أَنْ قُلْنَا : إنَّهُ بَعْضُ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ فَلَا يَتَحَقَّقُ التَّفَاوُتُ فِيهَا ، وَعَنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ يَتَفَاوَتُ ؛ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : { نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ } . وَقِيَاسُ مَنْ فَسَّرَ الْعَقْلَ بِالْعِلْمِ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي تَفَاوُتِ الْعُلُومِ ، وَالتَّحْقِيقُ : أَنَّهُ إنْ أُرِيدَ الْغَرِيزِيُّ فَلَا يَتَفَاوَتُ ، أَوْ التَّجْرِيبِيُّ فَلَا شَكَّ فِي تَفَاوُتِهِ ، وَإِلَيْهِ يَمِيلُ كَلَامُ ابْنُ سُرَاقَةَ حَيْثُ قَالَ : هُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ : مِنْهُ مَخْلُوقٌ فِي الْإِنْسَانِ ، وَمِنْهُ يَزْدَادُ بِالتَّجْرِبَةِ وَالِاعْتِبَارِ ، وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ ، كَالْعِلْمِ وَالْإِرَادَةِ وَالشَّهْوَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ أَفْعَالِ الْقُلُوبِ ، وَلِهَذَا يُقَالُ : فُلَانٌ وَافِرُ الْعَقْلِ وَفُلَانٌ نَاقِصُ الْعَقْلِ . الثَّانِي : اخْتَلَفُوا فِي مَحَلِّهِ : فَقِيلَ لَا يُعْرَفُ مَحَلُّهُ ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ، وَعِنْدَ أَصْحَابِنَا كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ الْقَلْبُ ؛ لِأَنَّهُ مَحَلٌّ لِسَائِرِ الْعُلُومِ ، وَقَالَتْ الْفَلَاسِفَةُ وَالْحَنَفِيَّةُ : الدِّمَاغُ ، وَالْأَوَّلُ : مَنْقُولٌ عَنْ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ ، وَالثَّانِي : مَنْقُولٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ حَكَاهُ الْبَاجِيُّ عَنْهُ ، وَرَوَاهُ ابْنُ شَاهِينِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَيْضًا . وَالثَّالِثُ : أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الرَّأْسِ وَالْقَلْبِ . وَقَالَ الْأَشْعَرِيُّ : لَك حَاسَّةٌ مِنْهُ نَصِيبٌ ، وَهَذَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ قَوْلًا رَابِعًا ، وَذَكَرَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي " النِّهَايَةِ " فِي بَابِ أَسْنَانِ إبِلِ الْخَطَأِ : أَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ لِلشَّافِعِيِّ مَحَلُّهُ : وَهَذَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ قَوْلًا خَامِسًا . وَقِيلَ : الصَّدْرُ ، وَلَعَلَّ قَائِلَهُ أَرَادَ الْقَلْبَ ، وَقِيلَ : هُوَ مَعْنًى يُضِيءُ فِي الْقَلْبِ ، وَسُلْطَانُهُ فِي الدِّمَاغِ ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْحَوَاسِّ فِي الرَّأْسِ . وَلِهَذَا قَدْ يَذْهَبُ بِالضَّرْبِ عَلَى الدِّمَاغِ . حَكَاهُ ابْنُ سُرَاقَةَ . قَالَ : وَقَالَ آخَرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا : هُوَ قُوَّةٌ وَبَصِيرَةٌ فِي الْقَلْبِ مَنْزِلَتُهُ مِنْهُ مَنْزِلَةُ الْبَصَرِ مِنْ الْعَيْنِ ، وَنَبَّهَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي " أَدَبِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا " عَلَى فَائِدَتَيْنِ : إحْدَاهُمَا : أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْغَرِيزِيِّ . أَمَّا التَّجْرِيبِيُّ فَمَحَلُّهُ الْقَلْبُ قَطْعًا . الثَّانِيَةُ : أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ جَوْهَرٌ لَطِيفٌ يُفْصَلُ بِهِ بَيْنَ حَقَائِقِ الْمَعْلُومَاتِ ، وَأَنَّ مَنْ نَفَى كَوْنَهُ جَوْهَرًا أَثْبَتَ أَنَّ مَحَلَّهُ الْقَلْبُ ، وَقَالَ الْعَبْدَرِيُّ فِي " شَرْحِ الْمُسْتَصْفَى " : الْخِلَافُ فِي أَنَّ الْعَقْلَ مَحَلُّهُ مَاذَا ؟ مِمَّا يَلْتَبِسُ عَلَى كَثِيرٍ . فَإِنَّهُمْ إنْ عَنَوْا بِهِ الْقُوَّةَ النَّاطِقَةَ عَلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ فَخَطَأٌ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَتْ لَهَا آلَةٌ وَلَا هِيَ مَنْسُوبَةٌ إلَى عُضْوٍ مِنْ الْأَعْضَاءِ ، وَإِنَّمَا الَّذِي ، يَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ الْخِلَافُ فِيهِ . هَلْ هِيَ الْقُوَّةُ الْمُفَكِّرَةُ الَّتِي تُنْسَبُ إلَى الدِّمَاغِ ؟ وَهِيَ مُلْتَبِسَةٌ بِالْقُوَّةِ النَّاطِقَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ : كَوْنُهَا مُخْتَصَّةً بِالْإِنْسَانِ ، وَكَوْنُهَا مُمَيِّزَةً ، وَلِهَذَا الِالْتِبَاسِ ظَنُّوا أَنَّهَا الْقُوَّةُ النَّاطِقَةُ ، وَحَكَوْا فِيهَا الْخِلَافَ . وَاَلَّذِي غَلَّطَهُمْ فِي ذَلِكَ عَكْسُ الْقَضِيَّةِ الْمُوجَبَةِ الْكُلِّيَّةِ مِثْلَ نَفْسِهَا ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْقُوَّةُ النَّاطِقَةُ مُمَيِّزَةً مُخْتَصَّةً بِالْإِنْسَانِ عَكَسُوا الْقَضِيَّةَ ، فَقَالُوا : كُلُّ قُوَّةٍ مُمَيِّزَةٍ خَاصَّةٍ بِالْإِنْسَانِ فَهِيَ قُوَّةٌ نَاطِقَةٌ . وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، إذْ فِي الْإِنْسَانِ قُوَّةٌ أُخْرَى مُمَيِّزَةٌ خَاصَّةٌ بِهِ ، وَلَيْسَتْ النَّاطِقَةَ . وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا : أَنَّ هَذِهِ مَوْجُودَةٌ فِي الْإِنْسَانِ لَهَا آلَةٌ جُسْمَانِيَّةٌ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ قُوَى النَّفْسِ فَهَذِهِ إذَنْ يَجِبُ النَّظَرُ فِي آلَتِهَا الدِّمَاغِ أَوْ الْقَلْبِ ، فَأَمَّا الْقُوَّةُ النَّاطِقَةُ الَّتِي سَمَّوْهَا عَقْلًا ، فَلَيْسَتْ قُوَّةً فِي جِسْمٍ أَصْلًا ، وَلَا هِيَ جِسْمٌ ، وَلَا لَهَا آلَةٌ جُسْمَانِيَّةٌ . وَالْفَرْقُ بَيْنَ تَمْيِيزَيْهِمَا : أَنَّ تَمْيِيزَ الْمُفَكِّرَةِ شَخْصِيٌّ ؛ لِأَنَّهَا تُمَيِّزُ مَعْنَى الشَّيْءِ الْمُخَيَّلِ الْمُشَخَّصِ تَمْيِيزًا شَخْصِيًّا ، فَهِيَ تَالِيَةٌ لِلْقُوَّةِ الْمُتَخَيِّلَةِ ، كَمَا أَنَّ الْمُتَخَيِّلَةَ تَالِيَةٌ لِلْقُوَّةِ الْحِسِّيَّةِ ، فَهِيَ إذَنْ أَكْثَرُ رُوحَانِيَّةً مِنْ التَّخَيُّلِيَّةِ ، وَلِهَذَا اخْتَصَّتْ بِالْإِنْسَانِ ، وَتَمْيِيزُ النَّاطِقَةِ كُلِّيٌّ وَهِيَ عَرِيَّةٌ مِنْ مُخَالَطَةِ الْجِسْمِ ، وَلَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الْقُوَى الْحَادِثَةِ الشَّخْصِيَّةِ فَافْتَرَقَا ، وَلَيْسَتْ رُوحَانِيَّتُهَا كَذَلِكَ ، فَلِذَلِكَ شَارَكَ فِيهَا الْإِنْسَانُ سَائِرَ الْحَيَوَانَاتِ . وَمَا يَتَفَرَّعُ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَاذَا ؟ مَا لَوْ أُوضِحَ رَجُلٌ ، فَذَهَبَ عَقْلُهُ ، فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ يَلْزَمُهُ دِيَةُ الْعَقْلِ ، وَأَرْشُ الْمُوضِحَةِ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَتْلَفَ عَلَيْهِ مَنْفَعَةً لَيْسَتْ فِي عُضْوِ الشَّجَّةِ تَبَعًا لَهَا ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : إنَّمَا عَلَيْهِ الْعَقْلُ فَقَطْ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا شَجَّ رَأْسَهُ . وَأَتْلَفَ عَلَيْهِ الْعَقْلَ الَّذِي هُوَ مَنْفَعَةٌ فِي الْعُضْوِ الْمَشْجُوجِ ، وَدَخَلَ أَرْشُ الشَّجَّةِ فِي الدِّيَةِ .
الْحَدُّ النَّظَرُ فِي حَقِيقَتِهِ وَأَقْسَامِهِ وَشُرُوطِ صِحَّتِهِ [ حَقِيقَةُ الْحَدِّ ] أَمَّا حَقِيقَتُهُ : فَالْقَوْلُ الدَّالُّ عَلَى مَاهِيَّةِ الشَّيْءِ . وَقِيلَ : خَاصِّيَّةُ الشَّيْءِ عَلَى الْخِلَافِ فِي تَفْسِيرِ مَا هُوَ الْغَرَضُ بِالْحَدِّ ؟ . هَلْ حَصْرُ الذَّاتِيَّاتِ أَوْ مُجَرَّدُ التَّمْيِيزِ كَيْفَ اتَّفَقَ ؟ أَوْ الشَّرْطُ أَنْ يَكُونَ لِوَصْفٍ خَاصٍّ ؟ وَهُوَ يَرْجِعُ إلَى وَصْفِ الْمَحْدُودِ دُونَ قَوْلِ الْوَاصِفِ الْحَادِّ عِنْدَ مُعْظَمِ الْمُحَقِّقِينَ ، كَمَا قَالَ الْإِمَامُ فِي " التَّلْخِيصِ " وَتَبِعَهُ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ وَقَالَ : إنَّهُ قَوْلُ مُعْظَمِ أَئِمَّتِنَا . وَقَالَ الْقَاضِي : يُرْجَعُ إلَى قَوْلِ الْوَاصِفِ ، وَهُوَ عِنْدَهُ الْقَوْلُ الْمُفَسِّرُ لِاسْمِ الْمَحْدُودِ وَصِفَتِهِ عَلَى وَجْهٍ يَخُصُّهُ وَيَحْصُرُهُ . فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ ، وَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ مَا هُوَ مِنْهُ . قَالَ الْإِمَامُ : وَهُوَ مُنْفَرِدٌ بِذَلِكَ مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِهِ . وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ : الْحَدُّ وَالْحَقِيقَةُ عِنْدَنَا بِمَعْنًى ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الشَّيْءِ مَانِعَةٌ لَهُ مِنْ الِالْتِبَاسِ بِغَيْرِهِ نَاطِقَةٌ بِمَا لَيْسَ مِنْهُ مِنْ الدُّخُولِ فِي حُكْمِهِ ، وَقَالَتْ الْفَلَاسِفَةُ : هُوَ الْجَوَابُ الصَّحِيحُ فِي سُؤَالٍ مَا هُوَ ؟ إذَا أَحَاطَ بِالْمَسْئُولِ عَنْهُ ، وَهَذَا خَطَأٌ ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ قَدْ يُذْكَرُ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ سُؤَالٍ . وَالصَّحِيحُ عِنْدَنَا : أَنَّ حَدَّ الشَّيْءِ : مَعْنَاهُ الَّذِي لِأَجْلِهِ اسْتَحَقَّ الْوَصْفَ الْمَقْصُودَ بِالذِّكْرِ ، وَتَسْمِيَةُ الْعِبَارَةِ عَنْ الْحَدِّ مَجَازٌ ، وَمَعْنَى الْحَقِيقَةِ وَالْحَدِّ وَاحِدٌ إلَّا أَنَّ لَفْظَ الْحَقِيقَةِ يُسْتَعْمَلُ فِي الْقَدِيمِ وَالْمُحْدَثِ وَالْجِسْمِ وَالْعَرَضِ ، وَلَفْظَ الْحَدِّ يَغْلِبُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْحُجَّةِ . قَالَ : وَاخْتَلَفُوا فِي الْعِلْمِ بِالْمَحْدُودِ هَلْ يَجُوزُ حُصُولُهُ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ عَارِفًا بِحَدِّهِ وَحَقِيقَتِهِ ؟ . أَجَازَهُ قَوْمٌ ، وَقَالَ أَصْحَابُنَا : لَا يَجُوزُ ، وَلِذَلِكَ قَالُوا : إنَّ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ عِلْمًا وَقَدْرًا وَحَيَاةً لَمْ يَعْلَمْهُ عَالِمًا قَادِرًا حَيًّا ، وَإِنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ عَالِمٌ قَادِرٌ حَيٌّ ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِكَوْنِ الْعَالِمِ عَالِمًا عِلْمٌ بِعِلْمِهِ ، وَالنَّافِي لِعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَحَيَاتِهِ غَيْرُ عَالِمٍ بِكَوْنِهِ عَالِمًا قَادِرًا حَيًّا . وَهَذَا قَوْلٌ يَطَّرِدُ عَلَى أَصْلِنَا فِي جَمِيعِ الْحُدُودِ ، وَفَرَّقَ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا الْقُدَمَاءِ بَيْنَ الْحَدِّ وَالْحَقِيقَةِ . قَالَ : الْحَدُّ مَا اُسْتُعْمِلَ فِي الشَّيْءِ نَفْسِهِ ، وَالْحَقِيقَةُ مَا جَازَ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي الشَّيْءِ وَضِدِّهِ . قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ : الشَّيْءُ لَهُ فِي الْوُجُودِ أَرْبَعُ مَرَاتِبَ : الْأُولَى : حَقِيقَتُهُ فِي نَفْسِهِ ، وَالثَّانِيَةُ : ثُبُوتُ مِثَالِ حَقِيقَتِهِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ الذِّهْنِ الَّذِي يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْعِلْمِ . وَالثَّالِثَةُ : تَأْلِيفُ صَوْتٍ بِحُرُوفٍ تَدُلُّ عَلَيْهِ ، وَهُوَ الْعِبَارَةُ الدَّالَّةُ عَلَى الْمِثَالِ الَّذِي فِي النَّفْسِ ، وَالرَّابِعَةُ : تَأْلِيفُ رُقُومٍ تُدْرَكُ بِحَاسَّةِ الْبَصَرِ تَدُلُّ عَلَى اللَّفْظِ وَهُوَ الْكِتَابَةُ . قَالَ : وَالْعَادَةُ لَمْ تَجْرِ بِإِطْلَاقِ اسْمِ الْحَدِّ عَلَى الْعِلْمِ ، وَلَا عَلَى الْكِتَابَةِ ، بَلْ هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَاللَّفْظِ . وَقَالَ الْعَبْدَرِيُّ : وَمَا أَخَذُوهُ مِنْ حَدِّ الْحَدِّ هَلْ الْمُرَادُ بِهِ الْمَعْنَى الَّذِي فِي النَّفْسِ خَاصَّةً أَمْ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى مَا فِي النَّفْسِ ؟ فَالْجَوَابُ فِيهِ قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا : الْمَعْنَى الَّذِي فِي النَّفْسِ خَاصَّةً ، وَالثَّانِي : الْمُرَادُ الْمَعْنَيَانِ جَمِيعًا ، لَا عَلَى أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا ، بَلْ عَلَى أَنَّهُ يُقَالُ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي فِي النَّفْسِ ، فَإِنَّهُ أَوْلَى ، وَيُقَالُ عَلَى اللَّفْظِ بِحُكْمِ التَّبَعِ ، لِدَلَالَتِهِ عَلَى مَا فِي النَّفْسِ . [ مَذَاهِبُ اقْتِنَاصِ الْحَدِّ ] وَفِي اقْتِنَاصِ الْحَدِّ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ حَكَاهَا الْعَبْدَرِيُّ فِي " الْمُسْتَوْفَى فِي شَرْحِ الْمُسْتَصْفَى " . أَحَدُهَا : وَهُوَ مَذْهَبُ أَفْلَاطُونَ أَنَّهُ يُقْتَنَصُ بِالتَّقْسِيمِ بِأَنْ تَأْخُذَ جِنْسًا مِنْ أَجْنَاسِ الْمَحْدُودِ ، وَتَقْسِمَهُ بِفُصُولِهِ الذَّاتِيَّةِ لَهُ ، ثُمَّ تَنْظُرَ الْمَحْدُودَ تَحْتَ أَيِّ فَصْلٍ هُوَ مِنْ تِلْكَ الْفُصُولِ ؟ فَإِذَا وَجَدْته ضَمَمْتَ ذَلِكَ الْفَصْلَ إلَى الْجِنْسِ الَّذِي كُنْت أَخَذْته . ثُمَّ تَنْظُرَ فَإِنْ كَانَ مُسَاوِيًا لِلْمَحْدُودِ فَقَدْ وُجِدَ جِنْسُ الْحَدِّ وَفَصْلُهُ ، وَكَمَلَ الْحَدُّ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسَاوِيًا لَهُ عَلِمْت أَنَّ ذَلِكَ الْجِنْسَ وَالْفَصْلَ إنَّمَا هُوَ حَدٌّ لِجِنْسِ الْمَحْدُودِ لَا لِلْمَحْدُودِ ، فَتَأْخُذَ اسْمَ ذَلِكَ الْجِنْسِ بَدَلَ الْحَدِّ الْمَذْكُورِ ، وَتَقْسِمَهُ أَيْضًا إلَى فُصُولِهِ الذَّاتِيَّةِ ، ثُمَّ تَنْظُرَ الْمَحْدُودَ تَحْتَ أَيِّ فَصْلٍ ؟ فَتَأْخُذَهُ ، وَتَقْسِمَهُ إلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْجِنْسِ وَالْفَصْلِ ، ثُمَّ تَنْظُرَ هَلْ هُوَ مُسَاوٍ لَفْظًا وَحْدَهُ أَمْ لَا ؟ فَإِنْ سَاوَاهُ فَقَدْ تَمَّ الْحَدُّ ، وَإِلَّا فَعَلْت كَمَا تَقَدَّمَ هَكَذَا . وَالثَّانِي : فِي مَذْهَبِ الْحَكِيمِ أَنَّهُ يُقْتَنَصُ بِطَرِيقِ التَّرْكِيبِ ؛ لِأَنَّهَا عِنْدَهُ أَقْرَبُ مِنْ طَرِيقِ الْقِسْمَةِ ، وَهُوَ أَنْ تُجْمَعَ الْأَوْصَافُ الَّتِي تَصْلُحُ أَنْ تُحْمَلَ عَلَى الشَّيْءِ الْمَحْدُودِ كُلُّهَا ، ثُمَّ تَنْظُرَ مَا فِيهَا ذَاتِيٌّ وَمَا فِيهَا عَرَضِيٌّ ، فَتَطْرَحَ الْعَرَضِيَّ ، ثُمَّ تَرْجِعَ إلَى الذَّاتِيِّ فَتَأْخُذَ مِنْهَا الْمَقُولَ فِي جَوَابِ مَا هُوَ ؟ فَتَجْمَعَهَا كُلَّهَا ، ثُمَّ تَطْرَحَ الْأَعَمَّ فَالْأَعَمَّ حَتَّى تَنْتَهِيَ إلَى الْجِنْسِ الْأَقْرَبِ ، ثُمَّ تَرْجِعَ إلَى الْفُصُولِ فَتَجْمَعَهَا أَيْضًا كُلَّهَا ، ثُمَّ تَطْرَحَ الْأَبْعَدَ فَالْأَبْعَدَ حَتَّى تَنْتَهِيَ إلَى الْفَصْلِ الْقَرِيبِ جِدًّا ، وَحِينَئِذٍ فَيَكْمُلُ . وَالثَّالِثُ : مَذْهَبُ بُقْرَاطِيسَ أَنَّهُ يُقْتَنَصُ بِالْبُرْهَانِ وَقَدْ أَبْطَلُوهُ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ إذَا سُلِكَ فِي اقْتِنَاصِهِ الْقِسْمَةُ أَوْ التَّرْكِيبُ ، وَكَانَ لَا يُتَوَصَّلُ إلَيْهَا إلَّا بَعْدَ تَصَفُّحِ جَمِيعِ ذَاتِيَّاتِ الشَّيْءِ الْمَطْلُوبِ وَحْدَهُ كَانَ الْحَدُّ الْمُقْتَنَصُ بِهَذَا الطَّرِيقِ مَعْلُومًا ، فَأَوَّلُ الْعَقْلِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الدَّلِيلِ ، فَإِذَنْ اقْتِنَاصُ الْحَدِّ لَا يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ . وَالثَّانِي : أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي طَلَبِ الْبُرْهَانِ مِنْ وَسَطٍ يُحْمَلُ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ حَدٌّ لَهُ لَا عَلَى أَنَّهُ جِنْسٌ لَهُ وَلَا فَصْلٌ ، وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ عَلَى أَنَّهُ حَدٌّ لَهُ أَيْضًا . مِثَالُهُ : أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ حَدَّ الْعِلْمِ الْمَعْرِفَةُ ، فَيُقَالَ لَنَا : وَمَا الدَّلِيلُ عَلَيْهِ ؟ فَلَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ طَلَبِ وَسَطٍ يُحْمَلُ عَلَى الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ حَدٌّ لَهُ ، وَتُحْمَلُ الْمَعْرِفَةُ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهَا حَدٌّ لَهُ أَيْضًا وَلْيَكُنْ ذَلِكَ الْحَدُّ الِاعْتِقَادَ . فَنَقُولُ : لِكُلِّ عِلْمٍ بِالِاعْتِقَادِ يُؤْخَذُ لَهُ عَلَى أَنَّهُ حَدٌّ ، وَكُلُّ اعْتِقَادٍ يُؤْخَذُ الْعِلْمُ لَهُ عَلَى أَنَّهُ حَدٌّ ، فَالْمَعْرِفَةُ تُؤْخَذُ لَهُ عَلَى أَنَّهَا حَدٌّ . فَإِذَنْ كُلُّ عِلْمٍ فَالْمَعْرِفَةُ تُؤْخَذُ لَهُ عَلَى أَنَّهَا حَدٌّ ، فَيُنَازَعُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ مُقَدِّمَتَيْ هَذَا الدَّلِيلِ ؛ لِأَنَّهَا حَدٌّ ، وَيُطْلَبُ الْبُرْهَانُ كَمَا طُلِبَ عَلَى الْحَدِّ الْأَوَّلِ فَيَحْتَاجُ إلَى أَنْ يُبَيِّنَهَا بِدَلِيلَيْنِ . فَيُنَازَعُ أَيْضًا فِي كُلِّ مُقَدِّمَةٍ مِنْ مُقَدِّمَتَيْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ذَيْنِك الدَّلِيلَيْنِ . فَإِمَّا أَنْ يَتَسَلَّلَ الْأَمْرُ إلَى غَيْرِ نِهَايَةٍ ، وَهُوَ مُحَالٌ ، وَإِمَّا أَنْ يَقِفَ عِنْدَ أَمْرٍ بَيِّنٍ بِنَفْسِهِ .
عدل سابقا من قبل المدير العام في الأحد فبراير 07, 2010 7:16 pm عدل 1 مرات | |
|
امة الله عضو مبدع
عدد المساهمات : 2095 نقاط : 3500 التقييم : : 98 تاريخ التسجيل : 28/09/2009 مشرف أقسام المرأة المسلمة ومراقب عام الموقع
| موضوع: رد: الجهل الظن والشك أضداد العلم الأربعاء ديسمبر 09, 2009 6:03 pm | |
| | |
|
حسن الشحات عضو مبدع
عدد المساهمات : 722 نقاط : 1045 التقييم : : 14 تاريخ التسجيل : 26/09/2009 الموقع : http://hassanheha.forumn.org نائب المدير العام
| موضوع: رد: الجهل الظن والشك أضداد العلم الخميس ديسمبر 10, 2009 3:08 am | |
| جزاكم الله خيرا شيخنا العزيز وأحب أن أشير إشارة بسيطة من ناحية اللغة والتي هي بالتأكيد تؤكد ما أوردته في هذا الموضوع الطيب من حيث التفسير لمن قد يشكل عليه الأمر :
فالعلم في اللغة هو ما ينافي الجهل أي لا يوجد شئ آخر ينقضه ومثال ذلك التعبير بالقول رأيت وسمعت وأبصرت إلى غير ذلك من الألفاظ التي تحتمل المعاينة
أما الظن فهو العلم بشئ مع وجود جهل مضاد ولكن يترجح جانب العلم على جانب الجهل أي أنه أقرب إلى العلم مع وجود شئ من الجهل فيه ومثال ذلك الأخبار المنقولة بصدق المخبر كأن أقول حدثني فلان أو أخبرني فلان وهكذا
والشك هو الجهل مع وجود بعض العلم ولكن الجهل أرجح وبالتالي فهو للجهل أقرب منه للعلم ومثال ذلك الأقوال المنسوبة إلى مجهول مثل يحكى أن أو يروى أن فهي تحمل معنى الشك لعدم التأكد من القائل
والجهل هو ما ينافي العلم أي لا يوجد علم بالموضوع تماما مثل الحديث عن نشأة الكون ومثيله لعامة الناس فلا يوجد من شهد هذا منا ولا يوجد من نقل الخبر لنا (( ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم ))
وجزاكم الله خيرا على الموضوع الطيب
| |
|
المدير العام المدير العام
عدد المساهمات : 1002 نقاط : 1421 التقييم : : 44 تاريخ التسجيل : 25/09/2009 العمر : 64
| موضوع: رد: الجهل الظن والشك أضداد العلم الجمعة ديسمبر 11, 2009 6:30 pm | |
| وقالوا بأن العلم معرفة المعلوم أي إدراك ما من شأنه أن يُعلم وأذكر أن أبا حامد الغزالي -رحمه الله- عرف العلم بتعريفات، ثم كلما عرفه تعريفا انتقده هو ثم أورد تعريفا آخر ثم انتقده، ثم في الأخير قال: والعلم أشهر من أن يعرف وتركه ومضى . وقالوا فى الظن أن الظن تجويز أمرين أحدهما أظهر من الآخر عند المجوز. وفيه أيضاً الظن هو الإدراك الراجح من تجويز أمرين فأكثر . وأما الشك فقالوا فيه : الشك تجويز أمرين لا مزية لأحدهما على الآخر عند المجوز، فالتردد في قيام زيد ونفيه على السواء، شك. هذا مثال قال: التردد في قيام زيد. نعم ونفيه نفي القيام على السواء شك. نعم. وقالو فى الجهل : أن الجهل تصور الشيء أي إدراكه على خلاف ما هو به في الواقع. وقد كثرت تعريفات هذه الصفات بين علماء الأصول وإن كنت قد أردت بما ذكرت من تعريفات أنها تعريفات خاصة بغلم الأصول رغم إختلاف رأى بعض العلماء فى مضامين لا تخرج الصفة بالكلية عن سياقها المعهودة عليها إذ أن الخلافات بين العلماء فى بعض لا ترتقى لتغيير جوهر الصفة . ومع ذلك فلقد أستفدنا كثيراً أخى الحبيب / حسن من هذه الإضافة التى أضفتها وأشهد الله على ذلك فجزاك الله عنا خيراً . | |
|
محمود طه عضو مبدع
عدد المساهمات : 897 نقاط : 1182 التقييم : : 8 تاريخ التسجيل : 01/02/2010 العمر : 36 مشرف قسمى الأدب والشعر واللغة العربية إحذر أن تكون سببا في دموع امرأه... لأن الله يحصي دمعتها ورسوله وصى بها
| موضوع: رد: الجهل الظن والشك أضداد العلم الجمعة فبراير 12, 2010 8:21 am | |
| | |
|