هل يمكن أن نقيس الآن مدى نجاح ثورة 25 يناير ؟؟؟

قال لي قائل إن مصر بعد 25 يناير أسوأ من مصر قبل 25 يناير ؟

وأقول له

الأخ العزيز

مع احترامي الكامل لرأيك فإن حياة الشعوب لا تقاس بالأيام ومضى حتى الآن منذ 25 يناير شهر ونصف والثورة في حد ذاتها لم تكتمل بعد ومازالت الثورة البيضاء حتى الآن في مرحلة الانتقال من النظام القديم إلى النظام الجديد

والتغيير لن يتم بتغيير القيادات فقط ولابد أن يتزامن ذلك مع تغيير سلوكيات الشعوب نفسها

ولعل ما يجري من بعض الخارجين عن القانون في بلادنا حاليا هو دليل على أنه توجد فئات ضالة بيننا ليس لها مكان في المجتمع السليم ومكانها الوحيد هو السجون أو في التراب غير مأسوف عليهم

ولست أدري إن كنت تذكر مثلا ثورة 23 يوليو حيث كان من أهدافها ما هو معروف لنا جميعا كالآتي :
- الاستقلال عن المستعمر الأجنبي
- صياغة دستور للبلاد
- حياة ديمقراطية سليمة
- عدالة اجتماعية
- إنشاء جيش قوي للبلاد
- القضاء على الاحتكار

ولعله بعد 59 سنة يمكننا الحكم على ثورة 23 يوليو حيث مرت فترة كافية ومر علينا 4 رؤساء جمهورية (محمد نجيب - جمال عبدالناصر - السادات - مبارك) وكلهم قادة عسكريون وسوف يكون حكمنا عادلا عندها

- فقد تم جلاء المستمر الأجنبي
- وتم صياغة دستور (وإن كان به عيوب كثيرة)
- فشل الحياة الديمقراطية
- فشل العدالة الاجتماعية
- نجاح مبدأ الجيش نسبيا (وإن كانت معاهدة السلام قد أضعفت الجيش نسبيا)
- لم يتم القضاء على الاحتكار

والآن ماذا عن الثورة الجديدة 25 يناير وماذا عن أهدافها :

كانت أهداف الثورة الجديدة كالآتي :
- إزالة فساد النظام الحاكم ورموزه (مبارك - مجلسي الشعب والشورى - سيطرة رأس المال على الحكومة)
- تعديل الدستور أو إنشاء دستور جديد يتماشى مع احتياجات التطوير في البلاد دون المساس بالأسس الأصيلة للدولة.
- تحقيق العدالة الاجتماعية (القضاء على مراكز القوى الممثلة في جهاز الشرطة وأمن الدولة والذي تجاوز الحد وعودة الشرطة لدورها في تأمين المواطن بكرامة) وتقليص سلطة راس المال وسياسة (ابن مين في مصر)
- حياة ديمقراطية سليمة بالقضاء على الفساد الانتخابي وفساد المجالس النيابية والمحلية وعودة القضاء للإشراف الانتخابي وعودة حرية الأحزاب ونشاطها وإطلاق الحريات
- استقلالية القضاء والإعلام والمؤسسات الدينية ووضعها تحت رقابة القانون فقط وليس رقابة السلطة
- القضاء على الفساد الإداري المتمثل في الرشوة والمحسوبية والقضاء على الاحتكار ورموزه (مثل عز)

إضافة إلى بعض الأهداف الفرعية والتي لا تقل أهمية عن تلك الأهداف ولكنها ستأخذ وقتا أطول مثل :
- الإصلاح الاقتصادي
- القضاء على البطالة
- إصلاح التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية
- زيادة دور النقابات المهنية والاتحادات الطلابية في الحياة السياسية العامة

ولكن هل يمكن أن يتحقق هذا في أيام أو شهور أو سنوات ؟؟

بالطبع مستحيل ولكن الأمر سيأخذ وقتا وسيمر بفترات وعلينا أن ندعم الخطوات طالما كانت على الطريق الصحيح وقد بدأت العجلة تدور وقد تمت الخطوات الضرورية مرحليا :

- فقد تم الإطاحة برأس النظام ورموز النظام (الرئيس - نائب الرئيس - الوزارة - مجلس الشعب - مجلس الشورى - المحافظين - مديري الأمن بالمحافظات)
- تعطيل الدستور واقتراح تعديلات مرحلية حتى يتم تغيير الدستور بالكامل
- سيطرة الجيش على مجريات الأمور بشكل تصاعدي طبقا لمستلزمات الأمور وبشكل يمكن السيطرة عليه فلا يمكن أن نصل لمرحلة صدام بين الجيش والشرطة وبالتالي كان لابد من ترك الفرصة للجيش للتنسيق مع القيادات الجديدة للشرطة والتي تلبي السياسات المقترحة للشرطة وبالتالي تأخر الوقت قليلا حتى تم قبول استقالة أحمد شفيق
- ثم تأتي خطوات محاسبة رموز الفساد وكلنا يقين أن خارج السور أكثر كثير من داخله وبالتالي فمطلوب صبر قليل حتى يتم التعامل مع الأمور

أما التغيير السياسي الشامل وجني ثماره فربما لن تراه قبل عشر سنوات من الآن وهذا وضع طبيعي لأن الشعب هو الشعب ومن باع صوته من قبل بمائة جنيه قد يبيعه ثانية بمائة أو مائتين والمرشحين للرئاسة من نفس الوجوه القديمة حتى نعيش الحياة السياسية الحرة بحق (في أفضل الظروف) فيبرز أمامنا من يقنعنا بالحل فعلا ومن يمكنه قيادة الأمة للنجاخ والتقدم الذي نرجوه

أما التغيير الاقتصادي فلن نشعر به بشكل مفاجئ أيضا بل على العكس فربما نشعر بضيق في الحياة لعام أو عامين من أثر تعطيل الحياة لشهرين أو أكثر حسب الأمور ولكن بالتأكيد فرأس المال الهارب سيعود إن رأى الأمن في الشارع المصري وبالتالي ستعود المياة إلى مجاريها

إن ما ذكرته يعني أننا لا يمكن أن نحكم على البلاد قبل خمسة أعوام على الأقل وهناك أحكام لن تكون عادلة قبل أكثر من عشر سنوات

لكن الذي لا شك فيه أن ثورة 25 يناير غيرت وجه العالم كله وليس وجه مصر فقط وسوف ترى ذلك واضحا خلال السنوات السابقة إن مد الله في أعمارنا جميعا لنشاهد هذه الأحداث الجليلة في تاريخ بلادنا تاريخ العالم من حولنا