أبو أحمد الغنيمى عضو نشيط
عدد المساهمات : 92 نقاط : 216 التقييم : : 13 تاريخ التسجيل : 26/09/2009 الموقع : www.elnaghy.com رئيس المشرفين
| موضوع: شرح حديث الملأ الأعلى للشيخ الناغى بن عبد الحميد العريان جـ 2 الإثنين أكتوبر 12, 2009 5:52 pm | |
| الكفَّارة الأولى قوله e : ( مشى الأقدام إلى الجماعات ) فالأقدام كثيراً ما تمشى ولكن هناك مشى دون مشى فربما مشت قدم ولكن فى غير طاعة الله ، كقدم مشت لإرتكاب معصية فهل تستوى مع قدم مشت لإدراك طاعة ؟ والجواب : كلا يقول شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله : (1) أنه يسن للخروج إليها متطهراً بخشوع لقوله e " إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامداً إلى المسجد فلا يشبكن بين أصابعه فإنه فى صلاة " (2) وأن يقول إذا خرج من بيته ولو لغير الصلاة كما علمنا e " اللهم إنى أعوذ بك أن أضل أو أُضل أو أزل أو أُزل أو أظلم أو أُظلم أو أجهل أو يُجهل علىّ " (3) وأن يمشى إليها بسكينة ووقار لقوله e : " إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون ، وأتوها تمشون ، وعليكم السكينة ، فما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فأتموا " . (4)وهنا نجد أن النبى e يعلمنا كيف نمشى إلى الصلاة وكأن حال المسلم المؤمن كله طاعة لله رب العالمين فلا يمشى إلا بطهارة قدر ما يستطيع وأن لا يفتر لسانه عن ذكر الله فى كل حركاته وسكناته إذ أنّ النبى e قد علمنا ما نقوله فى كل منزل ننزله فإن التزم العبد منا بما جاء وصح عنه e لم يخطو خطوة من هذه الخطوات إلا رفعه الله تعالى بها درجة و حط عنه بها خطيئة ، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي e قال : " من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله ، كانت خطوتاه : إحداهما تحط خطيئة ، والأخرى ترفع درجة ". (5)وعن ابن عمر رضى الله عنه عن النبى e قال : " صلاة الجماعة تفضل على صلاةالفذ بسبع وعشرين درجة " (6)_____________________ (1) كتاب شروط الصلاة وأركانها وواجباتها وآدب المشى إلى الصلاة صـ 13 (2) رواه أبو داود 1/154 يرقم ( 562 ) والترمذى 2/228 برقم ( 386 ) وفى المشكاة جـ 1/994 وصحيح الترهيب والترغيب جـ 1 برقم (294) وانظر صحيح الجامع رقم ( 442 ) عن كعب بن عجرة وعزاه الشيخ الألبانى رحمه الله للإمام أحمد والنسائى والدارمى أيضاً. (3) الحديث رواه النسائى 8/268برقم ( 5486 ) والترمذى فى جامعه 5/490 ( حديث رقم 3427 ) وقال حسن صحيح وعزاه الألبانى رحمه الله للإمام أحمد وابن ماجة عن أم سلمة رضى الله عنها وانظر مشكاة المصابيح جـ 2 ( حديث رقم 2442 ) وصححه . مع بعض الإختلافات البسيطة من تقديم أو تأخير لبعض كلمات متن الحديث . (4) أخرجه مسلم فى صحيحه 5/ 100 ( رقم 1358 نووى ) وابن ماجه فى كتاب المساجد والجماعات ( الحديث رقم 775 ) والترمذى فى كتاب الصلاة باب : ما جاء فى المشى إلى المسجد ( الحديث رقم 329) ، والنسائى فى كتاب الإمامة ، باب السعى إلى الصلاة ( الحديث رقم 860 ) تحفة الأشراف ( 13137 ) وأبو داود فى كتاب : الصلاة باب : السعى إلى الصلاة ( الحديث 572) (5) الحديث تفرد به مسلم ( جـ 5/173 نووى ) باب : المشى إلى الصلاة تمحى به الخطايا وترفع به الدرجات ( الحديث رقم 1519 ) ، ( تحفة الأشراف 13415 ) وانظر صحيح الجامع للألبانى رحمه الله ( رقم 6155 ) (6) أخرجه البخارى كتاب الأذان باب فضل صلاة الجماعة (الفتح جـ 2/154) ومسلم جـ 5/154 ) وأخرجه النسائى فى كتاب الإمامة باب فضل صلاة الجماعة برقم 8367وعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله e قال : " صلاة الرجل فى الجماعة تُضعَّفُ على صلاته فى بيته وفى سوقه خمساً وعشرين ضعفاً ، وذلك أنَّه إذا توضأ فأحسن الوضوء ، ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة ، لم يخطُ خطوة إلا رُفعت له بها درجة وحُطَّ عنه بها خطيئة فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلى عليه ما دام فى مصلاه : اللهمَّ صل عليه ، اللهم ارحمه . ولا يزال أحدكم فى صلاة ما انتظر الصلاة " . (1) فالأقدام كثيراً ما تمشى ولكن هناك مشى دون مشى فلا تستوى قدم مشت فى معصية الله مع قدم مشت إلى طاعة الله تبارك وتعالى كما ذكرنا من قبل .يقول ابن رجب فى كتابه اختيار الأولى صـ 8 : وكلما بعد المكان الذي يمشي منه إلى المسجد كان المشي منه أفضل لكثرة الخطا ، وفي صحيح مسلم عن جابر قال : كانت دارنا نائية عن المسجد ، فأردنا أن نبيع بيوتنا فنقرب من المسجد ، فنهانا رسول الله e وقال : " إن لكم بكل خطوة درجة ". (2) وفي صحيح البخاري عن أنس أن النبي e قال : " يا بني سلمة ! ألا تحسبون آثاركم ؟! ". (3) وفي الصحيحين عن أبي موسى أن النبي e قال : " إن أعظم الناس أجراً في الصلاة : " أبعدهم إليها ممشى ، فأبعدهم ، والذى ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجراً من الذى يصليها ثم ينام " . (4)ومع هذا فنفس الدار القريبة من المسجد أفضل من الدار البعيدة عنه ، لكن المشي من الدار البعيدة أفضل ، والمشي إلى المسجد أفضل من الركوب ولهذا جاء في حديث معاذ ذكر المشي على الأقدام ، وكان النبي e لا يخرج إلى الصلاة إلا ماشياً حتى العيد يخرج إلى المصلى ماشياً ، فإن الآتي للمسجد زائر لله ، والزيارة على الأقدام أقرب إلى الخضوع والتذلل . كما قيل : لو جئتكم زائراً أسعى على بصري *** لم أَدِّ حقاً وأيُّ الحـقِّ أدَّيتُ؟! . انتهى _____________________ (1) رواه البخارى (جـ 2/154 فتح البارى ) باب : فضل صلاة الجماعة ( برقم 647 ) ومسلم فى صحيحه ( جـ 5/ 168 نووى ) والترمذى فى كتاب : الصلاة ، باب : ما جاء فى فضل صلاة الجماعة ( الحديث رقم 215) ، وأبو داود فى كتاب : الصلاة ، باب : ما جاء فى فضل المشى إلى الصلاة ( الحديث رقم 559 ) ، وابن ماجه فى كتاب : المساجد والجماعات ، باب : فضل الصلاة فى جماعة ( الحديث رقم 786 ) ، ومالك فى موطأه ، كتاب صلاة الجماعة ، باب : فضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ صـ 129 . (2) تفرد به مسلم كتاب الصلاة ( باب فضل كثرة الخطا للمساجد ) جـ 5 / 172 نووى (3) رواه البخارى كتاب الأذان ( باب احتساب الآثار ) الفتح جـ 2 / 163 – 164 (4) رواه البخارى فى كتاب الأذان ( باب فضل صلاة الفجر فى جماعة ) الفتح جـ 2 / 161 ومسلم فى كتاب الصلاة ( باب فضل كثرة الخطا إلى المساجد ) نووى جـ 5 / 170وفي المسند وصحيح ابن حبان عن عقبة بن عامر عن النبي e قال: "إذا تطهر الرجل ثم أتى المسجد يرعى الصلاة كتب له كاتباه - أو كاتبه - بكل خطوة يخطوها إلى المسجد عشر حسنات والقاعد يرعى الصلاة كالقانت ويكتب للمصلين من حين يخرج من بيته حتى يرجع إليه " . (1)وفي سنن أبي داود عن أبي أمامة عن النبي e قال: " من خرج من بيته متطهراً إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاجّ المحرم ومن خرج إلى تسبيح الضحى لا ينصبه إلا إياه فأجره كأجر المعتمر وصلاة على إثر صلاة لا لغو بينهما كتاب فى عليين " . (2)والأحاديث التى سقناها أكبر دليل على ذلك ، ولنا فى قوله e ( صلاة الرجل فى الجماعة تُضعَّفُ على صلاته فى بيته وفى سوقه خمساً وعشرين ضعفاً ، وذلك أنَّه إذا توضأ فأحسن الوضوء ، ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة ، لم يخطُ خطوة إلا رُفعت له بها درجة وحُطَّ عنه بها خطيئة ) عدة فوائد وهى :1- أن العبد يحصل على مراتب من الدرجات ، ومزيد من الفضل لا يحصل عليه بصلاته منفرداً وذلك بسبب حضورة وحرصه على صلاة الجماعة. 2 - أن النبى e قد حدد لنا الهدف من الخروج بأنه ما أخرجه من بيته إلا الصلاة فالنية بالخروج متطهراً من بيتك للصلاة فحسب تختلف بإختلاف الخروج لغيرها من المصالح الدنيوية فأدركتك الصلاة فى موضع ما فصليت وهذا لا يقدح فى احتساب نفس الأجر لمن كان فى عمل ما ، مما يُصلح به شأنه وشأن من يعول فحان وقت الصلاة فخرج إليها متطهراً كما أمره النبى e .3- إخباره e بأن الله تعالى يرفعه درجة ويحط عنه خطيئة بكل خطوة يخطوها كما بينا ذلك فى حديث أبى هريرة السابق عند مسلم ومن مزيد الفضل أن الملائكة لا تزال تصلى عليه وتدعو له .يقول ابن رجب رحمه الله :قال النخعي : وكانوا يرون أن المشي في الليلة الظلماء إلى الصلاة موجبة. يعني توجب المغفرة . وروينا عن الحسن قال : أهل التوحيد في النار لا يُقيدون ، فيقول الخزنة بعضهم لبعض : ما بال هؤلاء لا يقيدون وهؤلاء يقيدون ؟! فيناديهم منادٍ : إن هؤلاء كانوا يمشون في ظلم الليل إلى المساجد . كما أن مواضع السجود عن عصاة الموحدين في النار لا تأكلها النار، فكذلك الأقدام التي تمشي إلى المساجد في الظلم لا تقيد في النار، ولا يسوي في العذاب بين من خدمه وبين من لم يخدمه وإن عذبه : ومَنْ كانَ في سُخطه محسناً *** فكيف يكونُ إذا مـا رضـي؟! (3) _____________________ (1) إسناده حسن , رواه أحمد فى مسنده جـ 13 / 373 وصححه الحاكم جـ 1 / 211 ووافقه الذهبى , وقال الهيثمى جـ 2 / 29 رواه أحمد وأبويعلى والطبرانى فى الكبير والأوسط وفى بعض طرقه ابن لهيعة وبعضها صحيح . (2) رواه أبو داود جـ 1 / 153 حديث رقم 558 وحسنه الألبانى رحمه الله (3) إختيار الأولى لإبن رجب صـ 26-27لذلك بشرهم النبى e بالنور التام يوم القيامة جزاءً لما كانوا يفعلون من المشى إلى الصلاة فى الظلمات وذلك بقوله e : " بشر المشائين فى الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة " ( 1 ) والنور التام هنا هو النور الذى لا ينطفأ على الصراط ، كما ينطفئ نور المنافقين والعياذ بالله فى قوله تعالى : ﴿ يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ﴾ الحديد12 ،13 قال الحسن : ﴿ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ﴾ يعنى على الصراط ولقد ذكر ابن كثير أثراً عن أبى أمامة الباهلى عندما خرج على جنازة ، فوقف أمام القبر وخطب خطبة بليغة ذكر فيها : " ثم أنكم تنتقلون منه – أى من القبر – إلى مواطن يوم القيامة فإنكم فى بعض تلك المواطن حتى يغشى الناس أمر من الله فتبيض وجوه وتسود وجوه ثم تنتقلون منه إلى منزل آخر فيغشى الناس ظلمة شديدة ثم يقسم النور فيعطى المؤمن نوراً ، ويترك الكافر ، والمنافق . فلا يعطيان شيئاً ، وهو المثل الذى ضربه الله تعالى فقال : ﴿ أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ﴾ النور40 فلا يستضئ الكافر والمنافق بنور المؤمن كما لا يستضئ الأعمى ببصر البصير ، وحينئذٍ يقول المنافقون والمنافقات للذين أمنوا : ﴿ انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورا ﴾ وهى خدعة الله التى خدع بها المنافقين حيث قال : ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ﴾ النساء 142 ( 2 ) _____________________ ( 1 ) الحديث رواه ابن ماجة برقم 781 أخرجه أبو داود (561) قال : حدَّثنا يَحيى بن مَعِين ، حدَّثنا أبو عُبَيْدَة الحَدَّاد. والتِّرْمِذِيّ" 223 قال أبو عِيسَى التِّرْمِذِي : هذا حديثٌ غريبٌ ، من هذا الوجه ، مرفوعٌ ، هو صحيحٌ مُسْنَدٌ ومَوْقُوفٌ إلى أصحاب النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، ولم يُسْنَدْ إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم . كما المنذرى فى الترغيب والترهيب برقم 619 وعزاه لإبن ماجه والحاكم واللفظ له ، وقال : صحيح على شرط الشيخين . ( 2 ) تفسير ابن كثير جـ 4 / 309 بتصرف .لذلك ترى الخوف والرجاء فى قلوب المؤمنين الموحدين فبعدما يرون من أمر المنافقين ما يرون يهرعون إلى الله بالدعاء وذلك فى قوله تعالى ﴿ يََوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ التحريم8 قال مجاهد والضحاك والحسن البصرى وغيرهم هذا يقوله المؤمنون حين يرون يوم القيامة بأن نور المنافقين قد انطفأ ( 1 ) ففى هذا الموقف لا لا يستوى الموحد والكافر كما لا يستوى عصاة الموحدين فى النار مع الكفرة والمنافقين . ولننظر نظرة فى بعض مواقف أهل السلف الصالح ، إذ يقول سعيد بن المسيب : ما أذن مؤذن منذ عشرين سنة إلا وأنا فى المسجد . وقال محمد بن واسع : ما أشتهى من الدنيا إلا ثلاثة : أخاً إنه إن تعوجت قومنى ، وقوتاً من الرزق عفواً من غير تبعة ، وصلاة فى جماعة يرفع عنى سهوها ويكتب لى فضلها . وقال حاتم الأصم : فاتتنى الصلاة فى الجماعة فعزّانى أبو اسحق البخارى وحده ولو مات لى ولد لعزانى أكثر من عشر آلأف لأن مصيبة الدين أهون عند الناس من مصيبة الدنيا . وقال ابن عباس رضى الله عنهما : من سمع المنادى فلم يجب لم يَرِد خيراً لم يُرد به خير . وقال أبو هريرة رضى الله عنه : لأن تملأ أذن ابن آدم رصاصاً مذاباً خير له من أن يسمع النداء فلا يجيب . ( 2 ),,,,,,,,,,,,,,,,,,,, _____________________ ( 1 ) تفسير ابن كثير جـ 4 / 393 ( 2 ) إحياء علوم الدين جـ 1 / 236 لذلك ما كان صحابة رسول الله e يحبون أن تكون بيوتهم بجوار المسجد حتى يكتب الله تعالى لهم خطواتهم حسنات رغم ما كانوا يعانون من ظلمة المكان وعدم أمنه خاصة فى صلاة العشاء الآخرة وصلاة الفجر وهذا يظهر لنا جلياً فى الحديث الذى رواه مسلم عن أبى بن كعب ، رضى الله تعالى عنه قال : كان رجل ، لا أعلمُ رجلاً أبعَدَ من المسجد منه ، وكانت لا تُخطئه الصلاة . قال : فَقِيلَ لهُ : لو اشتريت حماراً تركبه فى الظلماء وفى الرمضاء . قال : ما يَسُرُّنى أن منزلى إلى جنب المسجد إنى أريد أن يُكتَبَ لى ممشاى / إلى المسجد ، ورجوعى إذا رجعتُ إلى أهلى . فقال رسول الله e : " قَد جَمَعَ اللهُ لَكَ ذلك كُلهُ ". (1) يقول النووى رحمه الله :فيه إثبات الثواب فى الخطا ، فى الرجوع من الصلاة ، كما يثبت فى الذهاب .وقد جمع ابن تيمية رحمه الله : بين حديثى السبع والعشرين ، والخمس والعشرين فأجاب : بأن العلماء اتفقوا على أنها من أوكد العبادات ( أى صلاة الجماعة ) وأجل الطاعات ، وأعظم شعائر الإسلام ، وعلى ما ثبت فى فضلها عن النبى e حيث قال : " تفضل صلاة الرجل فى الجماعة على صلاته وحده بخمس وعشرين درجة " هكذا فى حديث أبى هريرة . وأبى سعيد بخمس وعشرين . ومن حديث ابن عمر بسبع وعشرين ، والثلاثة فى الصحيح ، وقد سبق تخريجهم .وذلك بأن حديث الخمس والعشرين ، ذكر فيه الفضل الذى بين صلاة المنفرد والصلاة فى الجماعة . والفضل خمس وعشرون ، وحديث السبعة والعشرين ذكر فيه صلاته منفرداً وصلاته فى الجماعة والفضل بينهما ، فصار المجموع سبعاً وعشرين ( بمعنى ) أن المصلى الذى صلى فى جماعة حصل على أجر الخمس والعشرون درجة . وأما فى حديث السبعة والعشرين فذكر e : الزيادة بالدرجتين وهما :الأولى : أنه بصلاته منفرداً ضيع الفضل الذى ورد فى صلاة الجماعة .الثانية : أنه فوت على نفسه أيضاً هذا الفضل وذلك بصلاته منفرداً . وقال رضى الله عنه : ومن ظن من المتنسكة إن صلاته وحده أفضل ، إما فى خلوته ، وإما فى غير خلوته ، فهو مخطئ ضال ، وأضل منه من لم ير الجماعة إلا خلف الإمام المعصوم ، فعطل المساجد عن الجمع والجماعات التى أمر الله بها ورسوله ، وعمر المساجد بالبدع والضلالات التى نهى الله عنها ورسوله ، وصار مشابهاً لمن نهى عن عبادة الرحمن وأمر بعبادة الأوثان . (2)_____________________ (1) رواه مسلم فى كتاب الصلاة ( باب فضل كثرة الخطا إلى المساجد ) جـ 5 / 170 نووى . وأبو داود فى كتاب الصلاة برقم ( 557 ) وابن ماجة فى كتاب المساجد والجماعات برقم ( 783 ) (2) كتاب الصلاة والقراءة خلف الإمام لابن تيمية صـ 15 ، 16 وقد أفاض ابن حجر فى ( الفتح ) بين فى الجمع بين الحديثين فقال :قد جمع ابن الأثير بين روايتى الخمس والسبع بوجوه : منها أن ذكر القليل لا ينفى الكثير ، وهذا قول من لا يعتبر مفهوم العدد ، لكن قد قال به جماعة من أصحاب الشافعى وحكى عن نصه ، وعلى هذا فقيل وهو الوجه الثانى : لعله e أخبر بالخمس ، ثم أعلمه الله بزيادة الفضل فأخبر بالسبع ، وتعقب بأنه يحتاج إلى التاريخ ، وبأن دخول النسخ فى الفضائل مختلف فيه ، لكن إذا فرعنا على المنع تعين تقدم الخمس على السبع من جهة أن الفضل من الله يقبل الزيادة لا النقص .ثالثها : أن اختلاف العددين باختلاف مميزهما ، وعلى هذا فقيل : الدرجة أصغر من الجزء ، وتعقب بأن الذى روى عنه الجزء روى عند الدرجة . وقال بعضهم : الجزء فى الدنيا والدرجة فى الآخرة ، وهو مبنى على التغاير . رابعها : الفرق بقرب المسجد وبعده . خامسها : الفرق بحال المصلى كأن يكون أعلم أو أخشع . سادسها : الفرق بإيقاعها فى المسجد أو فى غيره . سابعها : الفرق بالمنتظر للصلاة وغيره . ثامنها : الفرق بإدراك كلها أو بعضها . تاسعها : الفرق بكثرة الجماعة وقلتهم . عاشرها : السبع مختصة بالفجر والعشاء وقيل بالفجر والعصر ، والخمس بما عدا ذلك . حادى عشرها : السبع مختصة بالجهرية والخمس بالسرية ، وهذا الوجه عندى أوجهها لما سأبينه . ثم إن الحكمة فى هذا العدد الخاص غير محققة المعنى . ونقض الطيبى عن التوربشتى ما حاصله : إن ذلك لا يدرك بالرأى ، بل مرجعه إلى علم النبوة التى قصرت علوم الألباء عن إدراك حقيقتها كلها ، ثم قال : ولعل الفائدة هى إجماع المسلمين مصطفين كصفوف الملائكة ، والإقتداء بالإمام ، وإظهار شعائر الإسلام وغير ذلك . وكأنه يشير إلى ما قدمته عن غيره وغفل عن مراد من زعم أن هذا الذى ذكره لا يفيد المطلوب ، لكن أشار الكرمانى إلى احتمال أن يكون أصله كون المكتوبات خمساً فأريد المبالغة فى تكثيرها فضُربت فى مِثلها فصارت خمساً وعشرين . ثم ذكر للسبع مناسبة أيضاً من جهة عدد ركعات الفرائض ورواتبها ، وقال غيره : الحسنة بعشر للمصلى منفرداً فإذا انضم إليه آخر بلغت عشرين ثم زيد بقدر عدد الصلوات الخمس ، أو يزاد عدد أيام الأسبوع ، ولا يخفى فساد هذا . وقيل : الأعداد عشرات ومئين وألوف وخير الأمور الوسط ، فاعتبرت المائة والعدد المذكور رُبْعُها ، وهذا أشد فساداً من الذى قبله . وقرأتُ بخط شيخنا البلقينى فيما كتب على العمدة : ظهر لى فى هذين العددين شئ لم أسبق إليه ، لأن لفظ ابن عمر " صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ " ومعناه الصلاة فى الجماعة كما وقع فى حديث أبى هريرة " صلاة الرجل فى الجماعة " وعلى هذا فكل واحد من المحكوم له بذلك صلى فى جماعة ، وأن الأعداد التى يتحقق فيها ذلك ثلاثة حتى يكون كل واحد صلى فى جماعة وكل واحد منهم أتى بحسنة وهى بعشرة فيحصل على مجموعة ثلاثون فاقتصر فى الحديث على الفضل الزائد وهو سبعة وعشرون دون الثلاثة التى هى أصل ذلك . ويضاف إليه أمور أخرى وردت فى ذلك ، وقد فصلها ابن بطال وتبعه جماعة من الشارحين ، وتعقب الزين بن المنير بعض ما ذكره واختار تفصيلاً آخر أورده ، وقد نقحت ما وقفت عليه من ذلك وحذفت ما لا يختص بصلاة الجماعة : فأولها : إجابة المؤذن بنية الصلاة فى الجماعة ، والتبكير إليها فى أول الوقت == والمشى إلى المسجد بالسكينة ، ودخول المسجد داعياً ، وصلاة التحية عند دخوله كل ذلك بنية الصلاة فى الجماعة ، وسادسها : انتظار الجماعة ، سابعها : صلاة الملائكة عليه واستغفارهم له ، ثامنها : شهادتهم له ، تاسعها : إجابة الإقامة ، عاشرها : السلامة من الشيطان حين يفر عند الإقامة ، حادى عاشرها : الوقوف منتظراً إحرام الإمام أو الدخول معه فى أى هيئة وجده عليها ، ثانى عشرها : إدراك تكبيرة الإحرام كذلك ، ثالث عشرها : تسوية الصفوف وسد فُرجها ، رابع عشرها : جواب الإمام عند قوله ، سمع الله لمن حمده ، خامس عشرها : الأمن من السهو غالباً وتنبيه الإمام إذا سهى بالتسبيح أو الفتح عليه ، سادس عشرها : حصول الخشوع والسلامة عما يلهى غالباً ، سابع عشرها : تحسين الهيئة غالباً ، ثامن عشرها : احتفاف الملائكة به ، تاسع عشرها : التدرب على تجويد القراءة وتعلم الأركان والأبعاض ، العشرون : إظهار شعائر الإسلام ، الحادى والعشرون : إرغام الشيطان بالإجتماع على العبادة والتعاون على الطاعة ونشاط المتكاسل ، الثانى والعشرون : السلامة من صفة النفاق ومن إساءة غيره الظن بأنه ترك الصلاة رأساً ، الثالث والعشرون : رد السلام على الإمام ، الرابع والعشرون : الإنتفاع باجتماعهم على الدعاء والذكر وعود بركة الكامل على الناقص ، الخامس والعشرون : قيام نظام الألفة بين الجيران وحصول تعاهدهم فى أوقات الصلوات . هذه خمس وعشرون خصلة ورد فى كل منها أمر أو ترغيب يخص ، وبقى منها أمران يختصان بالجهرية وهما : الإنصات عند قراءة الإمام والإستماع لها والتأمين عند تأمينه ليوافق تأمين الملائكة ، وبهذا يترجح أن السبع تختص بالجهرية . والله أعلم ^^^^^^^^^^^^^ _____________________ (1) فتح البارى بشرح صحيح البخارى جـ 2 / 155 ، 156، 157 بتصرف يسير} التشديد من تفويت صلاة الجماعة {فالفضل كل الفضل لمن حافظ عليها فى أواقاتها حيث ينادى بهن . فعن عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه قال " من سرَّه أن يلقى الله غداً مسلماً / فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن ، فإن الله شرع لنبيكم e سنن الهدى وإنَّهن من سنن الهدى ولو أنكم صليتم فى بيوتكم كما يصلى هذا المتخلف فى بيته لتركتم سنة نبيكم ، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم . وما من رجل يتطهر فيُحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خظوة يخطوها حسنةً ، ويرفعه بها درجة ، ويحط عنه بها سيئةً ، ولقد رأيتُنا وما يتخلف عنها إلا منافق ، معلوم النفاق ، ولقد كان الرجل يؤتى به يُهادى بين الرجلين حتى يقام فى الصف . " (1)قال الإمام النووى رحمه الله : معنى ( يهادى ) أى يمسكه رجلان من جانبيه ، بعضديه يعتمد عليهما ، وفى هذا كله تأكيد أمر الجماعة ، وتحمل المشقة فى حضورها ، وأنه إذا أمكن المريض ، ونحوه التوصل إليها استحب له حضورها . (2)فعليك أن تضع المقارنة أنت أيها الصحيح المعافى فى جسدك وبدنك وتكاسلت عن صلاة الجماعة أو ربما عن الصلاة بالكلية ، وبين هؤلاء الرجال من صحابة رسول الله e والذى كان يؤتى بالرجل المريض منهم ، فيؤخذ بين الرجلين حتى يقام فى الصف لئلا تفوته صلاة الجماعة . وعلينا أن ننظر بعين الإعتبار إلى قول عبد الله بن مسعود رضى الله عنه : " ولقد رأيتُنا وما يتخلف عنها إلا منافق ، معلوم النفاق " وكأن هذه الصفة الذميمة صارت معياراً عند صحابة رسول الله e يلصقونها ويصفون بها كل من تخلف عن صلاة الجماعة ، أعاذنى الله وإياكم منها .وكفانا تحذيراً من فىّ رسول الله e فى الحديث الذى رواه مسلم فى صحيحه عن أبى هريرة ، قال : قال رسول الله e : " إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً ، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ، ثم آمر رجلاً فيصلى بالناس ، ثم أنطلق معى برجال معهم حُزَم من حطب ، إلى قوم لا يشهدون الصلاة ، فأحرَّق علايهم بيوتهم / بالنار " . (3) _____________________ (1) الحديث رواه مسلم كتاب الصلاة باب : صلاة الجماعة من سنن الهدى جـ 5 / 158 نووى . وأبو داود فى كتاب الصلاة ، باب : التشديد فى ترك الجماعة ( حديث رقم 550 ) مختصراً وأخرجه النسائى فى كتاب : الإمامة ، باب : المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن ( حديث رقم 848 ) تحفة الأشراف ( 9500) . (2) صحيح مسلم شرح النووى جـ 5 / 159 . (3) رواه مسلم فى صحيحه كتاب الصلاة ، باب : ما روى فى التخلف عن الجماعة برقم 1481 نووى وابن ماجه فى كتاب المساجد والجماعات ، باب : صلاة العشاء والفجر فى جماعة برقم : 797 تحفة الأشراف ( 14754 )وإنما ثقلت هاتان الصلاتان على المنافقين لأن المنافق لا ينشط للصلاة إلا إذا رآه الناس كما قال تعالى : ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ النساء142 وصلاة العشاء والصبح يقعان في ظلمةٍ ، فلا ينشط للمشي إليهما إلا كل مخلص يكتفي برؤية الله عز وجل وحده لعلمه به. وعند البخارى عن أبى هريرة رضى الله عنه ، أن رسول الله e قال : " والذى نفسى بيده ، لقد هممت أن آمر بحطب فيُحطب ، ثم آمر بالصلاة فيُؤذن لها ، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس ، ثم أخالف إلى رجال فأحرقُ عليهم بيوتهم . والذى نفسه بيدة ، لو يعلم أحدهم أنه يجد عِرقاً سميناً أو مرماتين حسَنَتَين لشهد العشاء " . (1) يقول ابن حجر :وأيضاً فى رواية المقبرى " لولا ما فى البيوت من النساء والذرية " يدل على أنهم لم يكونوا كفاراً لأن تحريق بيت الكافر إذا تعين طريقاً إلى الغلبة علية لم يمنع ذلك وجود النساء والذرية فى بيته ، وعلى تقدير أن يكون المراد بالنفاق فى الحديث نفاق الكفر فلا يدل على الوجوب من جهة المبالغة فى ذم من تخلف عنها ، قال الطيبى :خروج المؤمن من هذا الوعيد ليس من جهة أنهم إذا سمعوا النداء جاز لهم التخلف عن الجماعة ، بل من جهة أن التخلف ليس من شأنهم بل هو من صفات المنافقين ، ويدل عليه قول ابن مسعود " لقد رأيتنا وما يتخلف عن الجماعة إلا منافق " رواه مسلم .وأما قوله : عرقاً سميناً ، قال الأزهرى : العرق واحد العراق وهى العظام التى يؤخذ منها هبر اللحم ، ويبقى عليها لحم رقيق فيكسر ويطبخ ويؤكل ما على العظام من لحم دقيق ويتشمس العظام .وأما قوله : أو مرماتين قال : قيل المرماة سهم يتعلم عليه الرمى ، وهو سهم دقيق مستو غير محدد . (2) ولو سمح صلى الله عليه وسلم لإحدٍ فى التخلف عن صلاة الجماعة لسمح لعبد الله بن أم مكتوم رضى الله عنه . وذلك فى الحديث الذى رواه مسلم فى صحيحه عن أبى هريرة رضى الله عنه ، قال : أتى النبى e رجل أعمى . فقال : يارسول الله ! إنه ليس لى قائد يقودنى إلى المسجد . فسأل رسول الله e أن يرخِّص له فيصلى فى بيته فرخص له ، فلمَّا ولى دعاه فقال : " هل تسمعُ النداء بالصلاة ؟ " فقال / : نعم . قال : " فأجب " . (3) يقول الإمام النووى رحمه الله : بأن الأعمى ، هو ابن أم مكتوم ، وفى الحديث دلالة لمن قال : الجماعة فرض عين ،= _____________________ (1) الحديث رواه البخارى كتاب الأذان ، باب ( وجوب صلاة الجماعة ) الفتح جـ 2/ 148 (2) فتح البارى جـ 2 / 150 ، 152 (3) رواه مسلم فى صحيحة " كتاب الصلاة " ، باب : إتيان المسجد علـى من سمع النـداء جـ 5 /157( نووى ) والنسائى فى كتاب الإمامة ، باب : المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن برقم (849 ) ، تحفة الأشراف ( 14822 )= وأجاب الجمهور عنه : بأنه سأل : هل له رخصة أن يصلى فى بيته وتحصل له فضيلة الجماعة بسبب عذره ؟ فقيل : لا ويؤيد هذا أن حضور الجماعة يسقط بالعذر ، بإجماع المسلمين ، ودليلة من السنة حديث عتبان بن مالك المذكور بعد هذا . ( سنورد حديث عتبان بن مالك فى حاشية هذه الصفحة ) ثم يقول :وأما ترخيص النبى له ، ثم رده ، وقوله : فأجب ، فيحتمل أنه بوحى نزل فى الحال ، ويحتمل أنه تغير اجتهاده ، إذا قلنا بالصحيح ، وقول الأكثرين : أنه يجوز له ، الأجتهاد ، ويحتمل أنه رخص له أولاً ، وأراد أنه لا يجب عليك الحضور إما لعذر ، وإما لأن فرض الكفاية حاضر بحصول غيره ، وإما للأمرين ، ثم ندبه إلى الأفضل ، فقال : الأفضل لك ، والأعظم لأجرك ، أن تجيب ، وتحضر ، فأجب ، والله أعلم . ( 1 ) ^^^^^^^^^^^^^^ _____________________ ( 1 ) صحيح مسلم شرح النووى جـ 5 / 157 ، 158 وأما حديث عتبان بن مالك وهو من أصحاب النبى e ، ممن شهد بدراً من الأنصار : أنه أتى رسول الله e : فقال يا رسول الله ! إنى قد أنكرت بصرى ، وأنا أصلى لقومى ، وإذا كانت الأمطار سال الوادى الذى بينى وبينهم . ولم أستطع أن آتى مسجدهم ، فأصلى لهم . وددت أنك رسول الله تأتى فتصلى فى مصلى ؛ فأتخذه مصلى . قال : فقال رسول الله e : " سأفعل ، إن شاء الله " . فقال عتبان : فغدا رسول الله e وأبو بكر الصديق حين أرتفع النهار / ، فاستأذن رسول الله e ، فأذنت له فلم يجلس حتى دخل البيت ، ثم قال : " أين تحب أن أصلى من بيتك ؟ " قال : فأشرت إلى ناحية من البيت . فقام رسول الله e فكبر ، فقمنا وراءه ، فصلى ركعتين ثم سلم . قال : وحبسناه على خزير صنعناه له . قال : فثاب رجال من أهل الدار حولنا ، حتى اجتمع فى البيت رجال ذوو عدد . فقال قائل منهم : أين مالك بن الدخشم ؟ فقال بعضهم : ذلك منافق لا يحب الله ورسوله فقال رسول الله e " لا تقل له ذلك ، ألا تراه قد قال : لا إله إلا الله ، يريد بذلك وجه الله ؟ " قال : قالوا / : الله ورسوله أعلم . قال : فإنما نرى وجهه ونصيحته للمنافقين . قال : فقال رسول الله e : " فإن الله قد حرم على النار من قال : لا إله إلا الله ، يبتغى بذلك وجه الله " . الحديث رواه مسلم جـ 5 / 161 ( نووى ) كما رواه البخارى مختصراً جـ 2 / 184 كتاب الأذان ( فتح البارى ) ( باب الرخصة فى المطر والعلة أن يصلى فى رحله ) . ولن أجد بشرى بعد سرد هذه الأدلة وهذا الزخم من الآيات والأحاديث الصحيحة فى فضل صلاة الجماعة وأنها من مكفرات الذنوب من بشارة النبى e قَالَ : « من صَلَّى لله أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جمَاعَة يدْرك التَّكْبِيرَة الأولَى كتب لَهُ براءتان : بَرَاءَة من النَّار ، وَبَرَاءَة من النِّفَاق » . ( 1 )فانظر إلى كم تُيَسر لك أسباب تكفير الخطايا لعلك تطهر منها قبل الموت فتلقاه طاهراً ، فتصلح لمجاورته في دار السلام ، وأنت تأبى إلا أن تموت على خبث الذنوب فتحتاج إلى تطهيرها في كير جهنم . يا هذا ! أما علمت أنه لا يصلح لقربنا إلا طاهر؟! فإن أردت قربنا ومناجاتنا اليوم فطهر ظاهرك وباطنك لتصلح لذلك ، وإن أردت قربنا ومناجاتنا غداً فطهر قلبك من سوانا لتصلح لمجاورتنا ﴿ يومَ لا ينفعُ مالٌ ولا بَنُونَ إلا مَنْ أتى الله بقلبٍ سليمٍ ﴾ الشعراء 88 ، 89 القلب السليم الذي ليس فيه غير محبة الله، ومحبة يحبه الله، إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، فما كل أحد يصلح لمجاورة الله تعالى غداً، ولا كل أحد يصلح لمناجاة الله اليوم، ولا على كل الحالات تحسن المناجاة:الناسُ مـن الهوى على أصنـافِ *** هذا نقضَ العـهـدَ وهـذا وافـــي هيهاتَ مِنَ الكدورِ تبغي الصافي *** ما يصلِحُ للحضرةِ قلـبٌ جـافـي
____________________ ( 1 ) أخرجه أبو داود بألفاظ متقاربة كتاب الصلاة باب التشديد في ترك الجماعة رقم (544 و 545) والبيهقى فى شعب الإيمان ( 3 / 62 ، رقم 2875 )وأخرجه أبو داود كتاب الصلاة باب في فضل صلاة الجماعة رقم (550) ص.وأخرجه أيضاً فى كتاب الصلاة باب في من خرج يريد الصلاة فسبق بها رقم (560) وأخرجه الترمذي كتاب أبواب الصلاة باب ما جاء في فضل التكبيرة الاولى رقم (241) وقال : وقد روي هذا الحديث عن أنس موقوفا. قال القارى : ومثل هذا ما يقال من قبل الرأى فموقوفه فى حكم المرفوع . قال ابن حجر : رواه الترمذى بسند منقطع ومع ذلك يُعمل به فى فضائل الأعمال . وروى البزار وأبو داود خبر : لكل شئ صفوة وصفوة الصلاة التكبيرة الأولى فحافظوا عليها . ومن ثم كان إدراكها سنة مؤكدة ، وكان السلف إذا فاتتهم عزوا أنفسهم ثلاثة أيام ، وإذا فاتتهم الجماعة عزوا أنفسهم سبعة أيام ( وإنما يروى هذا عن حبيب بن أبى حبيب البجلى ) بموحدة وجيم أبى عمرو البصرى نزيل الكوفة مقبول من الرابعة وقيل يكنى أبا كشوثا بفتح الكاف بعدها معجمة مضمومة ثم واو ساكنة ثم مثلثة كذا فى التقريب . وقال فى تهذيب التهذيب : روى عن أنس بن مالك وعن خالد بن طهمان أبو العلاء الخفاف وطعمة بن عمرو الجعفرى ، روى له الترمذى حديثاً واحداً فى فضل " من صلى أربعين يوماً فى جماعة " موقوفاً . ذكره ابن حبان فى الثقات أنتهى . ( تحفة الأحوذى جـ 2 / 40 ) | |
|
احمد زكى عضو بارز
عدد المساهمات : 175 نقاط : 331 التقييم : : 3 تاريخ التسجيل : 07/11/2009 العمر : 34
| موضوع: رد: شرح حديث الملأ الأعلى للشيخ الناغى بن عبد الحميد العريان جـ 2 الإثنين نوفمبر 09, 2009 2:05 pm | |
| | |
|
امة الله عضو مبدع
عدد المساهمات : 2095 نقاط : 3500 التقييم : : 98 تاريخ التسجيل : 28/09/2009 مشرف أقسام المرأة المسلمة ومراقب عام الموقع
| موضوع: رد: شرح حديث الملأ الأعلى للشيخ الناغى بن عبد الحميد العريان جـ 2 الأربعاء مارس 31, 2010 6:28 pm | |
| جزاك الله خيرا وجعله في ميزان حسناتك | |
|
مسلمة عضو جديد
عدد المساهمات : 49 نقاط : 59 التقييم : : 1 تاريخ التسجيل : 30/03/2010
| موضوع: رد: شرح حديث الملأ الأعلى للشيخ الناغى بن عبد الحميد العريان جـ 2 الأربعاء مايو 19, 2010 5:54 pm | |
| | |
|