الركن الثالث: الإيمان بالكتب
قال الله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزّل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالاً بعيداً } [النساء: 136]. وقال عز وجل: {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون } [البقرة: 136]. وقال عز وجل: {وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير } [الشورى: 15].
يتضمن الإيمان بالكتب عدة أمور:
1- التصديق الجازم بأنها كلها منزلة من عند الله على رسله إلى عباده بالحق المبين والهدى المستبين، كما شاء على الوجه المراد.
2- الإيمان بكل ما فيها من الشرائع، وأن الانقياد التام لها والحكم بما فيها كان واجباً على الأمم الذين أنزلت إليهم، قال الله عز وجل: {إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } [المائدة: 44].
3- أن جميعها يصدق بعضها بعضاً ولا يكذبه. كما قال عز وجل عن نبيه عيسى عليه السلام أنه قال لقومه: {إني رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يدي من التوراة } [الصف: 6].
وقال سبحانه: {وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله } [المائدة: 48].
4- أن كل من كذب بشيء منها أو أبى الانقياد لها يكفر بذلك، كما قال عز وجل: {إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط وكذلك نجزي المجرمين } [الأعراف: 40].
5- أن نسخ الكتب الأولى بعضها ببعض حق، كما نسخت بعض شرائع التوارة بالإنجيل، وكما نسخ كثير من شرائع التوراة والإنجيل بالقرآن، وأن نسخ بعض آيات القرآن الكريم حق.
6- الإيمان بكتب الله عز وجل يجب إجمالاً فيما أجمل وتفصيلاً فيما فصل، فقد سمى الله من كتبه التوراة على موسى؛ والإنجيل على عيسى؛ والزبور على داود؛ والقرآن على محمد صلى الله عليه وذكر صحف إبراهيم وموسى.
7- أن القرآن آخر الكتب المنزلة وخاتمها؛ لا يأتي كتاب بعده، ولا تغيير ولا تبديل لشيء من شرائعه.
8- الإيمان بأن القرآن كامل من عند الله ليس فيه نقص ولا تحريف، وأن الله تكفل بحفظه إلى آخر الزمان، قال عز وجل: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون }
[الحجر: 9].
وأنه كلام الله عز وجل، وصفة من صفاته، منزل على نبيه، متعبد بتلاوته، غير مخلوق، وسوف يرفع في آخر الزمان فينزع من صدور الناس ويختفي، وبعدها يكون قيام الساعة.
9- ليس لأحد الخروج عن شيء من أحكام القرآن الكريم، وأن من كذب بشيء منه من أتباع الديانات السابقة فقد كذب بكتابه، كما أن من كذب بما أخبر عنه القرآن من الكتب فقد كذب به، وأن من اتبع غير سبيله ولم يقتف أثره فقد ضل، قال عز وجل: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى } [طـه: 124].
10- لابد في الإيمان بالقرآن الكريم من امتثال أوامره واجتناب نواهيه، وتحليل حلاله وتحريم حرامه، والاعتبار بأمثاله والاتعاظ بقصصه، والعمل بمحكمه، والتسليم لمتشابهه، والوقوف عند حدوده، وعدم هجر تلاوته، والذب عنه من تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين.
الركن الرابع: الإيمان بالرسل
تمهيد:
مما يجب الإيمان به أن الله سبحانه أرسل رسلاً وأنبياء إلى أقوامهم، مبشرين ومنذرين من آدم عليه السلام إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: {رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزاً حكيما } [النساء: 165].
ومن كفر بواحد منهم كفر بجميعهم، قال عز وجل: {إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقاً } [النساء: 150].
وأساس دعوتهم وزبدة رسالتهم هو توحيد الله وإفراده بالعبادة، قال عز وجل: {ولقد بعثنا في كل أمةً رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت } [النحل: 36].
ولكن لم يهملوا جوانب الحياة الأخرى؛ بل كذلك أرسلهم الله لإصلاح حياة الناس وتنظيمها وتهذيبها.
تعريف النبي:
في لغة العرب: مأخوذ من النبأ وهو الخبر، فكأن النبي مخبر عن الله.
ومأخوذ من النبوَة، وهو ما ارتفع من الأرض، فكأن النبي أرفع الناس قدراً.
تعريف الرسول:
في اللغة: مأخوذ من الإرسال والتتابع، وسموا رسلاً، لأن الله أرسلهم متتابعين، رسولاً بعد رسول، واحداً بعد واحد.
قال عز وجل: {ثم أرسلنا رسلنا تتراً } [المؤمنون: 44].
الفرق بين النبي والرسول:
الرسول: هو من أوحي إليه بشرع جديد.
والنبي: هو المبعوث لتقرير شرع من قبله من الرسل.
عدد الأنبياء والرسل:
جاء في القرآن الكريم ذكر خمسة وعشرين نبياً ورسولاً، وأما في السنة فقد جاء حديث صحيح يبين عددهم من غير ذكر أسمائهم.
فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمْ وَفَّى عِدَّةُ الْأَنْبِيَاءِ؟ قَال: (مِائَةُ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا، الرُّسُلُ مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ جَمًّا غَفِيرًا ) رواه أحمد وصححه الألباني.
ما تميز به الأنبياء والرسل عن سائر البشر:
1- الوحي:
قال عز وجل: {قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد } [فصلت: 6].
2- العصمة:
فالأنبياء معصومون من الخطأ والنسيان والغفلة في تبليغ رسالات الله للبشر، وكذلك هم معصومون من الكبائر دون صغائر الذنوب على القول الراجح من أقوال أهل العلم، وإن أخطأوا فى اجتهاد لم يقروا عليه، بل ينزل القرآن لتصويبهم. قال تعالى: {عبس وتولى * أن جاءه الأعمى * ومايدريك لعله يزكى * أو يذكر فتنفعه الذكرى } [عبس: 1-4].
3- الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم:
صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنـّا معشر الأنبِياء تنَام أعيُنُنَا ولَا تنَام قُلُوبُنَا ) ورد في الجامع الصغير، وصححه السيوطي والألباني، وأصله في الصحيحين.
4- تخيير الأنبياء عند الموت:
قال صلى الله عليه وسلم: (مَامِنْ نَبِيٍّ يَمْرَضُ إِلَّا خُيِّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ) رواه البخاري. 5- لا تأكل الأرض أجسادهم بعد الموت:
قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ السَّلَام ) رواه أبوداود، والنسائي واللفظ له، وصححه الألباني.
6- أنهم أحياء في قبورهم:
ولكنها حياة لا نعلم كيفيتها، قال صلى الله عليه وسلم: (الْأَنْبِيَاء أَحْيَاء فِي قُبُورهمْ يُصَلُّونَ ) رواه أبو يعلى، وصححه الألباني.
الإيمان بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم:
هو معنى شهادة أن محمداً رسول الله، وهذه الشهادة وهذا الإيمان يتضمن أموراً عظيمة لابد من بيانها ومعرفتها والعمل بها:
1- الإيمان به وبرسالته، وأنه نبي مرسل من عند الله. قال عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزّل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل } [النساء:136].
وقال صلى الله عليه وسلم: (وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّار ) رواه البخاري ومسلم.
2- تصديقه فيما أخبر؛ سواء كان شيئاً غيبياً أو شيئاً مشاهداً. قال عز وجل: {وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى } [النجم: 3-4].
3- طاعته فيما أمر:
قال عز وجل: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } [الحشر:7].
وقال تبارك وتعالى: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم } [النور: 63].
وقال عز وجل: {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول } [التغابن: 12].
4- تعظيم أمره صلى الله عليه وسلم وتقديم قوله على أي قول:
قال عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم } [الحجرات: 1].
وقال عز وجل: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم } [الأحزاب: 36].
5- التحاكم إلى سنته وشريعته والتسليم لها:
قال عز وجل: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً } [النساء: 65].
وقال عز وجل: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا } [النساء: 59].
وقال عز وجل: {إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون } [النور: 51].
6- نشر سنته والدعوة إليها وإحياؤها:
قال صلى الله عليه وسلم: (بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّار ) متفق عليه.
وقال أيضا: (نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا وَحَفِظَهَا وَبَلَّغَهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْه ) رواه الترمذي وأبوداود، وقال الترمذي: حديث حسن.
وقال أيضا: (مَنْ سَنَّ في الإسلام سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعده كُتب له مثل أجر من عمل بها، ولا ينقص من أجورهم شيء ) رواه مسلم.
والمراد بذلك من أحيا سنة من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم نسيها الناس ولم يعملوا بها، أو جهلوها فعلمهم إياها.
7- الاعتقاد بأنه خاتم الرسل:
قال عز وجل: {ما كان محمد أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين } [الأحزاب: 40].
وقال صلى الله عليه وسلم: (فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ: أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِم، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا، وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ ) رواه مسلم.
وقال أيضا: (إنَّهُ سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي كَذَّابُونَ ثَلَاثُونَ كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَأَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ لَا نَبِيَّ بَعْدِي ) رواه أحمد و أبو داود.
وقال أيضا: (أَنَا الْعَاقِبُ، والعاقب الَّذِي لَيْسَ بَعْده نَبِي ) رواه مسلم.
ومن اعتقد أنه سيبعث بعد نبي الله أحد فهو كافر مكذب بالكتاب وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
8- الإيمان بعموم رسالته صلى الله عليه وسلم:
فهي عامة للإنس والجن ولجميع الناس إلى آخر الزمان، قال عز وجل: {وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً } [سبأ: 28].
وقال صلى الله عليه وسلم: (وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً ) رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري.
فرسالته صلى الله عليه وسلم ليست خاصة بالعرب مثلاً، وليست خاصة بالبيض دون السود أو العكس؛ بل هي للناس كافة.
9- توقيره واحترامه:
قال عز وجل: {لتعزروه وتوقروه } [الفتح: 9].
وقال عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون } [الحجرات: 2].
10- عدم الغلو فيه صلى الله عليه وسلم فوق منزلته:
من الإيمان به عدم رفعه فوق المنزلة التي أنزله الله عز وجل، فهو سيد ولد آدم وأفضل البشر، ولكنه ليس بإله، ولا يدعى من دون الله، ولا يجوز إعطاؤه صفات الربوبية كالخلق والرزق، أو أن بيده تدبير الكون كما يزعم غلاة المتصوفة، الذين غلوا فيه وخالفوا وصية نبيهم صلى الله عليه وسلم: (لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُوله ) رواه البخاري.
11- الصلاة والسلام عليه عند ذكره:
قال عز وجل: {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً } [الأحزاب: 56].
وقال صلى الله عليه وسلم: (الْبَخِيلُ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ ثُمَّ لَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ صلى الله عليه وسلم ) رواه أحمد، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح غريب.
وقال أيضا: (مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صلى الله عليه بها عَشْراً ) رواه مسلم.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد.
حاجة البشرية للرسالات السماوية:
الرسالة ضرورية للعباد، لابد لهم منها، وحاجتهم إليها فوق حاجتهم إلى كل شيء، والرسالة روح العالم ونوره وحياته، فأي صلاح للعالم إذا عدم الروح والحياة والنور؟
والدنيا مظلمة ملعونة إلا ما طلعت عليه شمس الرسالة، وكذلك العبد مالم تشرق في قلبه شمس الرسالة، ويناله من حياتها وروحها، فهو في ظلمة وهو من الأموات، قال الله عز وجل: {أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون } [الأنعام: 122].
فهذا وصف المؤمن، كان ميتاً في ظلمة الجهل فأحياه الله بروح الرسالة ونور الإيمان، وجعل له نوراً يمشي به في الناس، وأما الكافر فميت القلب تائه في الظلمات.
الركن الخامس الإيمان باليوم الآخر .
ويشتمل على ما يلي :
1 - الموت .
2 - القبر وعذابه أو نعيمه (البرزخ ).
3 - علامات الساعة الكبرى والصغرى .
4 - الجنة والنار .
1 - الموت :
الموت حتم لازم لامناص منه لكل حي من المخلوقات قال -عز وجل-: {كل شيءٍ هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون} القصص (88).
وقال -عز وجل-: {كل نفسٍ ذائقة الموت} آل عمران (185).
ولو نجا من الموت أحد لنجا منه الرسول "صلى الله عليه وسلم " قال -عز وجل-: {إنك ميت وإنهم ميتون} الزمر (30).
والموت له أجل محدود فكل مخلوق مكتوب أجله، في أي ساعة وفي أي مكان وعلى أي حالة سوف يموت.
قال -عز وجل-: {وما كان لنفسٍ أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلاً} آل عمران (145).
والموت أعظم واعظ، نسأل الله أن يختم لنا بخاتمة الخير والإيمان.
2 - البرزخ (القبر عذابه ونعيمه ):
ومما يجب الإيمان به أن هناك حياة برزخية في القبر إما نعيم للمؤمنين، وإما عذاب على الكافرين والمجرمين. قال "صلى الله عليه وسلم": (إِنَّ الْقَبْرَ أَوَّلُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ فَإِنْ نَجَا مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ)، رواه الترمذي.
واسمع إلى نبيك "صلى الله عليه وسلم" وهو يحدثك ماذا يحدث للإنسان بعد موته، سواء كان مطيعاً أو عاصياً،
قال "صلى الله عليه وسلم": (اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا. ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الْآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مِنْ السَّمَاءِ، بِيضُ الْوُجُوهِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الشَّمْسُ، مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ، وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ، حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ. قَالَ: فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ، فَيَأْخُذُهَا، فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ، وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ. قَالَ: فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلَا يَمُرُّونَ ـ يَعْنِي بِهَا ـ عَلَى مَلَإٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا قَالُوا مَا هَذَا الرُّوحُ الطَّيِّبُ فَيَقُولُونَ: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يُسَمُّونَهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى يَنْتَهُوا بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا. فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ فَيُفْتَحُ لَهُمْ، فَيُشَيِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي تَلِيهَا حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: اكْتُبُوا كِتَابَ عَبْدِي فِي عِلِّيِّينَ وَأَعِيدُوهُ إِلَى الْأَرْضِ، فَإِنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى. قَال:َ فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ، فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولَانِ لَه:ُ مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُول: رَبِّيَ اللَّه.ُ فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُول: دِينِيَ الْإِسْلَامُ. فَيَقُولَانِ لَه: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَيَقُولَانِ لَهُ: وَمَا عِلْمُكَ؟ فَيَقُولُ: قَرَأْتُ كِتَابَ اللَّهِ فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ. فَيُنَادِي مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ أَنْ صَدَقَ عَبْدِي، فَأَفْرِشُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ وَأَلْبِسُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ. قَالَ: فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ. قَالَ: وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ حَسَنُ الثِّيَابِ طَيِّبُ الرِّيحِ فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ. فَيَقُولُ لَه:ُ مَنْ أَنْتَ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ. فَيَقُول:ُ أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ. فَيَقُولُ: رَبِّ أَقِمْ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي. قَالَ: وَإِنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الْآخِرَةِ، نَزَلَ إِلَيْهِ مِنْ السَّمَاءِ مَلَائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ مَعَهُمْ الْمُسُوحُ، فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُول: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ اخْرُجِي إِلَى سَخَطٍ مِنْ اللَّهِ وَغَضَبٍ. قَالَ: فَتُفَرَّقُ فِي جَسَدِهِ فَيَنْتَزِعُهَا كَمَا يُنْتَزَعُ السَّفُّودُ مِنْ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ، فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَجْعَلُوهَا فِي تِلْكَ الْمُسُوحِ، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلَا يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلَإٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا قَالُوا مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ؟ فَيَقُولُونَ: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيُسْتَفْتَحُ لَهُ فَلَا يُفْتَحُ لَهُ. ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي سِجِّينٍ فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا ثُمَّ قَرَأَ: وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ، فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُول:ُ هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي. فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُول:ُ هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي. فَيَقُولَانِ لَه: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي. فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ السَّمَاءِ أَنْ كَذَبَ فَافْرِشُوا لَهُ مِنْ النَّارِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ، فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَا وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلَاعُهُ، وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ، قَبِيحُ الثِّيَابِ، مُنْتِنُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوؤُكَ هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ، فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ. فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ. فَيَقُولُ: رَبِّ لَا تُقِمْ السَّاعَة)، رواه أحمد وأصحاب السنن.
3 - أشراط الساعة (القيامة )وعلاماتها:
*معنى الساعة في الاصطلاح الشرعي :الوقت الذي تقوم فيه القيامة، وسميت بذلك لسرعة الحساب فيها، أو لأنها تفاجأ الناس في ساعة، فيموت الخلق كلهم بصيحة واحدة.
فأشراط الساعة:
هي علامات القيامة التي تسبقها وتدل على قربها. وقيل: هي ما تنكره الناس من صغار أمورها قبل أن تقوم الساعة.
*أقسام أشراط الساعة:
تنقسم أشراط الساعة إلى قسمين:
أ- أشراط صغرى ب-أشراط كبرى .
أ- أشراط صغرى:
وهي التي تتقدم الساعة بأزمان متطاولة، وتكون من نوع المعتاد؛ كقبض العلم؛ وظهور الجهل؛ وشرب الخمر؛ والتطاول في البنيان ونحوها، وقد يظهر بعضها مصاحباً للأشراط الكبرى أو بعدها.
ب- أشراط كبرى:
وهي الأمور العظام التي تظهر قرب قيام الساعة، وتكون غير معتادة الوقوع، كظهور الدجال، ونزول عيسى عليه السلام، وخروج يأجوج مأجوج، وطلوع الشمس من مغربها .
بعض أشراط الساعة الصغرى:
أشراط الساعة الصغرى التي ذكرها العلماء كثيرة جداً، وقد ذكرنا هنا منها ما ثبت بالسنة أنه من أشراط الساعة الصغرى .
1 - بعث النبي "صلى الله عليه وسلم":
أخبر " صلى الله عليه وسلم " أن بعثته دليل على قرب قيام الساعة، وأنه نبي الساعة، ففي الحديث عن سهل رضي الله عنه قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": (بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ) ويشير بإصبعيه فيمدهما. رواه البخاري .
2 - موت النبي "صلى الله عليه وسلم":
من أشراط الساعة: موت النبي "صلى الله عليه وسلم"، ففي الحديث عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": (اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَة....-وذكر منها-:ِ مَوْتِي)، رواه البخاري .
3 - فتح بيت المقدس:
ومن أشراط الساعة: فتح بيت المقدس، فقد جاء في الحديث عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال :قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم": ( اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ - وذكر منها-: فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ)، رواه البخاري.
4 - طاعون عمواس :
جاء في حديث عوف بن مالك السابق قوله "صلى الله عليه وسلم ": (اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ - وذكر منها -: مُوْتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الْغَنَم)، رواه البخاري .
5 - ظهور الفتن من المشرق:
أكثر الفتن التي ظهرت في المسلمين كان منبعها من المشرق من حيث يطلع قرن الشيطان، وهذا مطابق لما أخبر به نبي الرحمة "صلى الله عليه وسلم"، فقد جاء في الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله "صلى الله عليه وسلم" وهو مستقبل المشرق يقول
الْفِتْنَةُ هَا هُنَا الْفِتْنَةُ هَا هُنَا مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ أَوْ قَالَ قَرْنُ الشَّمْسِ)، رواه الشيخان.
6 - ظهور مدعي النبوة:
ومن العلامات التي ظهرت :خروج الكذابين الذين يدعون النبوة وهم قريب من ثلاثين كذاباً وقد خرج بعضهم في الزمن النبوي وفي عهد الصحابة ولا يزالون يظهرون، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه: عن النبي "صلى الله عليه وسلم" قال: (َلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثِينَ كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ)، رواه البخاري.
7 - قبض العلم وظهور الجهل:
ومن أشراطها قبض العلم وفشو الجهل ، ففي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم "
إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ وَيَثْبُتَ الْجَهْلُ وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ وَيَظْهَرَ الزِّنَا)، رواه البخاري. والمراد بالعلم هنا علم الكتاب والسنة، وهو العلم الموروث عن الأنبياء عليهم السلام، فإن العلماء ورثة الأنبياء، وبذهابهم يذهب العلم وتموت السنن وتظهر البدع ويعم الجهل.
8 - التطاول في البنيان:
هذا من العلامات التي ظهرت قريباً من عصر النبوة، وانتشرت بعد ذلك حتى تباهى الناس في العمران وزخرفة البيوت، وذلك أن الدنيا بسطت على المسلمين، وكثرت الأموال في أيديهم بعد الفتوحات، وامتد بهم الزمان حتى ركن كثير منهم إلى الدنيا.
روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله " صلى الله عليه وسلم " قال: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ -وذكر منها-:حَتَّى يَتَطَاوَلَ النَّاسُ فِي الْبُنْيَانِ).
9 - تقارب الأسواق:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله " صلى الله عليه وسلم " قال: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَظْهَرَ الْفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الْكَذِبُ، وَيَتَقَارَبَ الْأَسْوَاقُ)، مسند أحمد .
10 - كثرة الزلازل:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم " : (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ وَهُوَ الْقَتْلُ، حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمْ الْمَالُ فَيَفِيضَ)، رواه البخاري.
قال ابن حجر: "قد وقع في كثير من البلاد الشمالية والشرقية والغربية كثير من الزلازل، ولكن يظهر أن المراد بكثرتها شمولها ودوامها".
11 - كثرة الشرط وأعوان الظلمة:
روى الإمام أحمد عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" قال: (يَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ رِجَالٌ أَوْ قَالَ يَخْرُجُ رِجَالٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ مَعَهُمْ أَسْيَاطٌ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ الْبَقَرِ، يَغْدُونَ فِي سَخَطِ اللَّهِ وَيَرُوحُونَ فِي غَضَبِهِ).
وفي رواية للطبراني في الكبير: (سيكون في آخر الزمان شرطة يغدون في غضب الله ويروحون في سخط الله، فإياك أن تكون من بطانتهم).
12 - انتشار الزنا:
ومن العلامات التي ظهرت فشو الزنا وكثرته بين الناس، فقد أخبر النبي "صلى الله عليه وسلم" بأن ذلك من أشراط الساعة، ثبت في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": (مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَقِلَّ الْعِلْمُ وَيَظْهَرَ الْجَهْلُ وَيَظْهَرَ الزِّنَا وَتَكْثُرَ النِّسَاءُ وَيَقِلَّ الرِّجَالُ حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً الْقَيِّمُ الْوَاحِدُ).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": (سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ. قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: الرَّجُلُ التَّافِهُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ)، رواه ابن ماجه.
13 - انتشار الربا والمال الحرام:
ومنها ظهور الربا وانتشاره بين الناس، وعدم المبالاة بأكل الحرام، ففي الحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه: عن النبي "صلى الله عليه وسلم" أنه قال: (بين يدي الساعة يظهر الربا)، روه الطبراني.
وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله " صلى الله عليه وسلم " قال
لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يُبَالِي الْمَرْءُ بِمَا أَخَذَ الْمَالَ أَمِنْ حَلَالٍ أَمْ مِنْ حَرَامٍ).
14 - زخرفة المساجد والتباهي بها:
ومنها زخرفة المساجد ونقشها والتفاخر بها، فقد روى الإمام أحمد عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" قال: (مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَتَبَاهَى النَّاسُ فِي الْمَسَاجِدِ)، روه النسائي.
قال البخاري : "قال أنس: يتباهون بها ثم لا يعمرونها إلا قليلاً، فالتباهي بها العناية بزخرفتها. قال ابن عباس: لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى".
15 - حسر نهر الفرات عن جبل من ذهب :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" قال: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَحْسِرَ الْفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ يَقْتَتِلُ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ. وَيَقُولُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ لَعَلِّي أَكُونُ أَنَا الَّذِي أَنْجُو)، رواه البخاري ومسلم.
16 - قتال اليهود:
روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه: عن النبي "صلى الله عليه وسلم" قال: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ فَيَقْتُلُهُمْ الْمُسْلِمُونَ، حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوْ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ إِلَّا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُود)، رواه البخاري ومسلم.
أشراط الساعة الكبرى
1 - المهدي :
في آخر الزمان يخرج رجل من أهل البيت يؤيد الله به الدين؛ يملك سبع سنين ؛ يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، تنعم الأمة في عهده نعمة لم تنعمها قط، تخرج الأرض نباتها، وتمطر السماء قطرها، ويعطى المال بغير عدد؛ وهذا الرجل اسمه كاسم رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، واسم أبيه كاسم أبي النبي "صلى الله عليه وسلم"، فيكون اسمه: محمد أو أحمد بن عبدالله، وهو من ذرية فاطمة بنت رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، ثم من ولد الحسن بن علي رضي الله عنهم. ويكون ظهور المهدي من قبل المشرق. قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": (أُبَشِّرُكُمْ بِالْمَهْدِيِّ يُبْعَثُ فِي أُمَّتِي عَلَى اخْتِلَافٍ مِنْ النَّاسِ وَزَلَازِلَ، فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا، يَرْضَى عَنْهُ سَاكِنُ السَّمَاءِ وَسَاكِنُ الْأَرْضِ، يَقْسِمُ الْمَالَ صِحَاحًا. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَا صِحَاحًا؟ قَالَ بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَ النَّاسِ. قَالَ: وَيَمْلَأُ اللَّهُ قُلُوبَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غِنًى وَيَسَعُهُمْ عَدْلُهُ حَتَّى يَأْمُرَ مُنَادِيًا فَيُنَادِي فَيَقُولُ: مَنْ لَهُ فِي مَالٍ حَاجَةٌ؟ فَمَا يَقُومُ مِنْ النَّاسِ إِلَّا رَجُلٌ. فَيَقُولُ: ائْتِ السَّدَّانَ يَعْنِي الْخَازِنَ. فَقُلْ لَهُ: إِنَّ الْمَهْدِيَّ يَأْمُرُكَ أَنْ تُعْطِيَنِي مَالًا: فَيَقُولُ لَهُ: احْثِ حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ فِي حِجْرِهِ وَأَبْرَزَهُ نَدِمَ. فَيَقُولُ: كُنْتُ أَجْشَعَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ نَفْسًا أَوَعَجَزَ عَنِّي مَا وَسِعَهُمْ. قَالَ: فَيَرُدُّهُ فَلَا يَقْبَلُ مِنْهُ. فَيُقَالُ لَهُ: إِنَّا لَا نَأْخُذُ شَيْئًا أَعْطَيْنَاهُ، فَيَكُونُ كَذَلِكَ سَبْعَ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ أَوْ تِسْعَ سِنِينَ، ثُمَّ لَا خَيْرَ فِي الْعَيْشِ بَعْدَهُ أَوْ قَالَ ثُمَّ لَا خَيْرَ فِي الْحَيَاةِ بَعْدَهُ)، رواه أحمد.
2 - المسيح الدجال:
الدجال رجل من بني آدم ،له صفات كثيرة جاءت بها الأحاديث لتعريف الناس به،وتحذيرهم من شره، حتى إذا خرج عرفه المؤمنون؛ فلا يفتنون به؛ بل يكونون على علم بصفاته التي أخبر بها الصادق "صلى الله عليه وسلم"؛ وهذه الصفات تميزه عن غيره من الناس، فلا يغتر به إلا الجاهل الذي سبقت عليه الشقوة؛ نسأل الله العافية؛ ومن هذه الصفات أنه رجل شاب أجم، قصير أفحج، جعد الرأس أجلى الجبهة، عريض النحر، ممسوح العين اليمنى؛ وهذه العين ليست بناتـئة؛ ولا جحراء كأنها عنبة طافـئة، وعينه اليسرى عليها ظفرة غليظة؛ ومكتوب بين عينه (ك ف ر ) بالحروف المقطوعة؛ يقرؤها كل مسلم كاتب وغير كاتب. ومن صفاته أنه عقيم لا يولد له. والدليل على ظهور الدجال: عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" ذكر الدجال بين ظهراني الناس؛ فقال: (إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيْسَ بِأَعْوَرَ أَلَا وَإِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِئَةٌ)، رواه البخاري.
وفي حديث أنس رضي الله عنه قال: قال " صلى الله عليه وسلم " : (مَا بُعِثَ نَبِيٌّ إِلَّا أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الْأَعْوَرَ الْكَذَّابَ، أَلَا إِنَّهُ أَعْوَرُ وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَإِنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ كَافِرٌ)، رواه البخاري.
3 - نزول عيسى عليه السلام:
بعد خروج الدجال وإفساده في الأرض يبعث الله عيسى عليه السلام فينزل إلى الأرض ويكون نزوله عند المنارة البيضاء بشرقي دمشق الشام، وعليه مهرودتان، والمعنى لابس مهرودتين أي ثوبين مصبوغين بورس زعفران، واضعاً كفيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ، ولا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا ومات، ونفسه ينتهي حتى ينتهي طرفه، ويكون نزوله على الطائفة المنصورة التي تقاتل على الحق وتكون مجتمعة لقتال الدجال، فينزل وقت إقامة الصلاة ويصلي خلف أمير تلك الطائفة.
4 - خروج يأجوج ومأجوج:
وأصل يأجوج ومأجوج من البشر من ذرية آدم وحواء عليهما السلام، والذي يدل على أنهم من ذرية آدم عليه السلام عن رسول الله "صلى الله عليه وسلم": (أن يأجوج ومأجوج من ولد آدم، وأنهم لو أرسلوا إلى الناس لأفسدوا عليهم معايشهم، ولن يموت منهم أحد إلا ترك من ذريته ألفاً فصاعداً).
أما صفتهم التي جاءت بها الأحاديث: فهي أنهم يشبهون أبناء جنسهم من الترك المغول، صغار العيون، ذلف الأنوف، صهب الشعور، عراض الوجوه، كأن وجوههم المجان المطرقة على أشكال الترك و ألوانهم. قال الله -عز وجل-: {حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدبٍ ينسلون واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلةٍ من هذا بل كنا ظالمين} الأنبياء (96 - 97).
عن أم حبيبة بنت أبي سفيان، عن زينب بنت جحش أن رسول الله "صلى الله عليه وسلم": (دخل عليها يوماً فزعاً يقول: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدْ اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الْإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا. قَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ)، رواه البخاري.
5 - الخسوفات الثلاثه:
يقال: خسف المكان يخسف خسوفاً إذا ذهب في الأرض؛ وغاب فيها، ومنه قوله -عز وجل-: {فخسفنا به وبداره الأرض} القصص (81).
و الأدلة من السنة: عن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه أن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" قال:
( لَنْ تَكُونَ أَوْ لَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ حَتَّى يَكُونَ قَبْلَهَا عَشْرُ آيَاتٍ: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ، وَخُرُوجُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَالدَّجَّالُ، وَعِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، وَالدُّخَان،ُ وَثَلَاثَةُ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ. وَآخِرُ ذَلِكَ تَخْرُجُ نَارٌ مِنْ الْيَمَنِ مِنْ قَعْرِ عَدَنٍ تَسُوقُ النَّاسَ إِلَى الْمَحْشَرِ )، رواه مسلم.
6 - الدخان :
ظهور الدخان في آخر الزمان من علامات الساعة الكبرى التي دل عليها الكتاب والسنة.
*الأدلة من القرآن الكريم :
قال عز وجل: {فارتقب يوم تأتي السماء بدخانٍ مبينٍ يغشى الناس هذا عذاب أليم} الدخان (10-11).
*الأدلة من السنة : عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" قال:
(بَادِرُوا بِالْأَعْمالِ سِتًّا: الدَّجَّالَ، وَالدُّخَانَ، وَدَابَّةَ الْأَرْضِ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَأَمْرَ الْعَامَّةِ، وَخُوَيْصَّةَ أَحَدِكُمْ). رواه مسلم.
وهذا الدخان من الآيات المنتظرة؛ التي لم تجيء بعد، وسيقع قرب قيام الساعة، وإلى هذا القول ذهب ابن عباس وبعض الصحابة.
7 - طلوع الشمس من مغربها:
طلوع الشمس من مغربها من علامات الساعة الكبرى، وهو ثابت بالكتاب والسنة.
الأدلة من الكتاب: قال عز وجل: {يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً قل انتظروا إنا منتظرون} الأنعام(158).
ومن الحديث النبوي الشريف: عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" قال: (بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتًّا: الدَّجَّالَ، وَالدُّخَانَ، وَدَابَّةَ الْأَرْضِ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَأَمْرَ الْعَامَّةِ وَخُوَيْصَّةَ أَحَدِكُمْ)، رواه مسلم.
8 - الدابة:
ظهور دابّة الأرض في آخر الزمان علامة على قرب الساعة ثابت بالكتاب والسنة.
أدلة من القرآن الكريم : قال عز وجل: {وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون} النمل (82) .
فهذه الآية الكريمة جاء فيها ذكر خروج الدابة، وأن ذلك يكون عند فساد الناس وتركهم أوامر الله وتبديلهم الدين الحق، يخرج الله لهم دابة من الأرض فتكلم الناس على ذلك.
أدلة من الحديث النبوي : عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": (ثَلَاثٌ إِذَا خَرَجْنَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَالدَّجَّالُ، وَدَابَّةُ الْأَرْضِ)، رواه مسلم.
9 - النار التي تحشر الناس:
جاءت الروايات بأن خروج هذه النار يكون من اليمن؛ من قعر عدن؛ وتخرج من بحر حضرموت؛ كما جاء في روايات أخرى، وإليك طائفة من الأحاديث التي تبين مكان خروج هذه النار؛ وهي من الأدلة على ظهورها. جاء في حديث حذيفة بن أسيد: (قَالَ اطَّلَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ فَقَالَ: مَا تَذَاكَرُونَ؟ قَالُوا نَذْكُرُ السَّاعَةَ. قَالَ: إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ. فَذَكَرَ الدُّخَانَ، وَالدَّجَّالَ، وَالدَّابَّةَ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنْ الْيَمَنِ تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ ).
وروى الإمام أحمد والترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم" (سَتَخْرُجُ نَارٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ أَوْ مِنْ نَحْوِ بَحْرِ حَضْرَمَوْتَ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ تَحْشُرُ النَّاسَ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: عَلَيْكُمْ بِالشَّامِ). قال أحمد شاكر: "إسناده صحيح".
4. الجنة والنار
الجنة والنار موجودتان الآن، وهما مخلوقتان، ولا تفنيان ولا تبيدان.
وصف النار:
1- خزنة النار:
يقوم عليها ملائكة غلاظ شداد، بأسهم شديد، قال عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون } [التحريم: 6].
وعددهم تسعة عشر قال عز وجل: {عليها تسعة عشر } [المدثر: 30].
2- أهل النار:
أ- المخلدون فيها الذين لا يخرجون منها، هم الكفار الذين كفروا أو أشركوا بالله سبحانه وتعالى.
قال عز وجل: {والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون }
[البقرة: 39].
وجاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: (يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ ثُمَّ يَقُومُ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ يَا أَهْلَ النَّارِ لَا مَوْتَ وَيَا أَهْلَ الْجَنَّةِ لَا مَوْتَ خُلُودٌ ) متفق عليه، واللفظ للبخاري.
ب- العصاة: وهم أهل الكبائر من المؤمنين، والذين لم يتوبوا ولم يشفع لهم النبي صلى الله عليه وسلم، فهؤلاء يعذبون على قدر ذنوبهم ثم يخرجون منها.
3- طعام أهل النار وشرابهم:
طعامهم الضريع والزقوم:
فالضريع: شوك نبات معروف، وهو لا يفيد أهل النار ولا يشبعهم، وأكله نوع من أنواع العذاب.
قال عز وجل: {ليس لهم طعام إلا من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع }
[الغاشية: 6-7].
والزقوم: هي شجرة خبيثة تقطع أمعاءهم وتغلي في بطونهم، طلعها كأنه رؤوس الشياطين.
قال عز وجل: {إن شجرة الزقوم طعام الأثيم كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم } [الدخان: 43-46].
وقال عز وجل: {إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم طلعها كأنه رؤوس الشياطين } [الصافات: 64-65].
عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنْ الزَّقُّومِ قُطِرَتْ فِي دَارِ الدُّنْيَا لَأَفْسَدَتْ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا مَعَايِشَهُمْ فَكَيْفَ بِمَنْ يَكُونُ طَعَامَه ) قَالَ أَبُو عِيسَى الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيح.
شرابهم:الغساق والغسلين والحميم.
أما الغساق والغسلين: فهو ما يسيل من فروج النساء الزواني ومن نتن لحوم الكفرة وجلودهم في النار.
قال عز وجل: {فليس له اليوم هاهنا حميم ولا طعام إلا من غسلين } [الحاقة: 35-36].
وقال عز وجل: {هذا فليذوقوه حميم وغساق } [ص: 57].
وقال عز وجل: {وسقوا ماءً حميماً فقطع أمعاءهم } [محمد: 15].
4- أبواب النار:
أخبر الحق أن للنار سبعة أبواب فقال عز وجل: {وإن جهنم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم } [الحجر: 43-44].
وعندما يرد الكفار النار تفتح أبوابها ثم يدخلونها خالدين: {وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمراً حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين } [الزمر: 71].
وبعد هذا الإقرار يقال لهم: {قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين } [الزمر: 72].
5- وقود النار:
الأحجار والفجرة الكفار وقود النار، كما قال عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة } [التحريم: 6].
وقال عز وجل: {فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين } [البقرة: 24].
وصف الجنة
قال الله عز وج