www.elnaghy.com
عزيزي الزائر
هذه الرسالة تفيد أنك غير مسجل
يمكنك التسجيل ببساطة ويسعدنا انضمامك إلينا
www.elnaghy.com
عزيزي الزائر
هذه الرسالة تفيد أنك غير مسجل
يمكنك التسجيل ببساطة ويسعدنا انضمامك إلينا
www.elnaghy.com
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

www.elnaghy.com

منتدى الشيخ الناغى للعلوم الإسلامية
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
دعوة لإخواننا جميعا - شاركونا في استمرار هذا العمل الصالح لنحقق معا الأهداف التي قام من أجلها وهي : نشر العلم النافع ، نشر العقيدة الإسلامية والدعوة إليها ، الدفاع عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم ودفع الشبهات عن الإسلام والمسلمين ، إصلاح حال الأمة بإصلاح عقيدتها وبيان صالح الأعمال ومكارم الأخلاق ، السعي في مصالح الناس بما نستطيع من صالح العمل.

 

 مسألة صعوبة الحد

اذهب الى الأسفل 
5 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
المدير العام
المدير العام
المدير العام
المدير العام


عدد المساهمات : 1002
نقاط : 1421
التقييم : : 44
تاريخ التسجيل : 25/09/2009
العمر : 64

مسألة صعوبة الحد Empty
مُساهمةموضوع: مسألة صعوبة الحد   مسألة صعوبة الحد Icon_minitimeالسبت ديسمبر 05, 2009 5:56 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]




مَسْأَلَةٌ [ صُعُوبَةُ الْحَدِّ ] ادَّعَى ابْنُ سِينَا أَنَّ الْحُدُودَ فِي غَايَةِ الصُّعُوبَةِ . وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ يَفْتَقِرُ إلَى مَعْرِفَةِ الْمَاهِيَّاتِ الْمُخْتَلِفَةِ تَفْصِيلًا حَتَّى يُعْلَمَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ الْمُشْتَرَكَةِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ مِنْ الْمَاهِيَّةِ ، وَالْقَدْرُ الَّذِي بِهِ يَنْفَصِلُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا عَنْ الْأُخْرَى ، وَلَا شَكَّ فِي صُعُوبَةِ مَعْرِفَتِهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ، وَبِهِ يَضْعُفُ تَرْكِيبُ الْحُدُودِ الْحَقِيقِيَّةِ لِلْأُمُورِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْخَارِجِ الْمُطَابِقَةِ لَهَا . وَنَاقَضَهُ أَبُو الْبَرَكَاتِ الْبَغْدَادِيُّ فِي كِتَابِهِ " الْمُعْتَبَرِ " فَقَالَ : الْحُدُودُ فِي غَايَةِ السُّهُولَةِ ؛ لِأَنَّ الْحُدُودَ هِيَ حُدُودُ الْأَسْمَاءِ ، وَالْأَسْمَاءُ أَسْمَاءُ الْأُمُورِ الْمَعْقُولَةِ ، وَكُلُّ أَمْرٍ مَعْقُولٍ فَلَا بُدَّ وَأَنْ يُعْقَلَ أَنَّ كَمَالَ الْمُشْتَرَكِ أَيْشٍ هُوَ ؟ وَكَمَالُ جُزْءِ الْمَاهِيَّةِ أَيْشٍ هُوَ ؟ فَكَانَ الْحَدُّ سَهْلًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ، وَبِهَذَا الطَّرِيقِ يَلِجُ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ فِي الْمَضَايِقِ ، وَيَمْنَعُ كَوْنَ الْحَدِّ هُوَ الدَّالُّ عَلَى حَقِيقَةِ الشَّيْءِ ، بَلْ هُوَ تَفْصِيلُ مَا دَلَّ اللَّفْظُ عَلَيْهِ إجْمَالًا ، وَقَالَ فِي " الْمُلَخَّصِ " : الْإِنْصَافُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْغَرَضُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ تَفْصِيلَ مَدْلُولِ الِاسْمِ كَانَ سَهْلًا ، وَإِنْ كَانَ الْغَرَضُ مَعْرِفَةَ الْمَاهِيَّاتِ الْمَوْجُودَةِ كَانَ ذَلِكَ فِي غَايَةِ الصُّعُوبَةِ . فَحَصَلَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْحُدُودَ الْكَاشِفَةَ لِلْمَاهِيَّاتِ الْمَوْجُودَةِ لَيْسَتْ عِبَارَةً عَنْ تَفْصِيلِ مَا دَلَّ اللَّفْظُ عَلَيْهِ إجْمَالًا ، بَلْ الْحَدُّ : هُوَ الْقَوْلُ الدَّالُّ عَلَى مَاهِيَّةِ الشَّيْءِ . وَصَنَّفَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ رِسَالَةً بَيَّنَ فِيهَا صُعُوبَةَ الْحَدِّ . وَقَالَ الْعَبْدَرِيُّ فِي " شَرْحِ الْمُسْتَصْفَى " : الْعِلَّةُ فِي عُسْرِ حَدِّ بَعْضِ الْمُدْرَكَاتِ هُوَ أَنَّ أَصْلَ الْعُلُومِ الْعَقْلِيَّةِ كُلِّهَا الْحَوَاسُّ ، فَإِذَا قَوِيَ الْحِسُّ عَلَى إدْرَاكِ أَمْرٍ مِمَّا اتَّضَحَتْ فُصُولُهُ الذَّاتِيَّةُ عِنْدَ الْعَقْلِ فَأَدْرَكَ حَقِيقَةَ مَاهِيَّتِهِ سَاغَ لَهُ حَدُّهُ ، وَإِذَا ضَعُفَ الْحِسُّ عَنْ إدْرَاكِ شَيْءٍ مِمَّا خَفِيَتْ فُصُولُهُ الذَّاتِيَّةُ عَنْ الْعَقْلِ ، فَلَمْ يُدْرِكْ حَقِيقَتَهُ وَمَاهِيَّتَهُ لَمْ يُقْدَرْ عَلَى حَدِّهِ ، وَمِنْ ذَلِكَ الرَّوَائِحُ وَالطُّعُومُ لَمَّا ضَعُفَ الْحِسُّ عَنْ إدْرَاكِهَا عَسِرَ حَدُّهَا ، وَقَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ : عُسْرُ الْحَدِّ مَبْنِيٌّ عَلَى اعْتِقَادِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدِّ تَصَوُّرُهُ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، وَأَصْلُ غَلَطِهِمْ أَنَّهُ اشْتَبَهَ عَلَيْهِمْ مَا فِي الْأَذْهَانِ بِمَا فِي الْأَعْيَانِ ، فَإِنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ قَائِمَةٌ بِصُورَةِ الْإِنْسَانِ سَوَاءٌ طَابَقَ أَمْ لَا ، وَلَيْسَ هُوَ تَابِعًا لِلْحَقَائِقِ فِي نَفْسِهَا .



تَنْبِيهَاتٌ [ التَّنْبِيهُ ] الْأَوَّلُ [ الْقَصْدُ مِنْ الْحَدِّ ] بَانَ مِمَّا سَبَقَ عَنْ كَلَامِ أَئِمَّتِنَا أَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْحَدِّ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ ، وَلِهَذَا قَالَ الْأَنْصَارِيُّ فِي " شَرْحِ الْإِرْشَادِ " : قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ : الْقَصْدُ مِنْ التَّحْدِيدِ فِي اصْطِلَاحِ الْمُتَكَلِّمِينَ : الْفَرْقُ بِخَاصَّةِ الشَّيْءِ وَحَقِيقَتِهِ الَّتِي يَقَعُ بِهَا الْفَصْلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ . ا هـ . وَلِهَذَا كَانَ الِاضْطِرَادُ وَالِانْعِكَاسُ لَا يَتِمُّ الْحَدُّ إلَّا بِهِمَا . وَأَمَّا الْمَنَاطِقَةُ فَقَالُوا : إنَّ فَائِدَةَ الْحَدِّ التَّصْوِيرُ ، وَبَنَوْا عَلَى ذَلِكَ أُمُورًا سَتَأْتِي . قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ تَيْمِيَّةَ فِي كِتَابِ الرَّدِّ عَلَيْهِمْ : وَاَلَّذِي عَلَيْهِ جَمِيعُ الطَّوَائِفِ أَنَّ فَائِدَتَهُ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَشْعَرِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ صَنَّفَ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ . بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُجَوِّزُ الْحَدَّ إلَّا بِمَا يُمَيِّزُ الْمَحْدُودَ ، لَكِنَّهُ لَمْ يَهْتَدِ إلَى مَا صَارَ إلَيْهِ أَئِمَّةُ الْكَلَامِ فِي هَذَا الْمَقَامِ ، وَهُوَ مَوْضِعٌ شَرِيفٌ يَنْبَغِي الْإِحَاطَةُ بِهِ فَإِنَّ بِسَبَبِ إهْمَالِهِ دَخَلَ الْفَسَادُ فِي الْمَعْقُولِ وَالْأَدْيَانِ عَلَى كَثِيرٍ ، إذْ خَلَطُوا مَا ذَكَرَهُ الْمَنْطِقِيُّونَ فِي الْحُدُودِ بِالْعُلُومِ النَّبَوِيَّةِ ، وَصَارُوا يُعَظِّمُونَ أَمْرَ الْحُدُودِ ، وَنَحْنُ نُبَيِّنُ أَنَّ الْحُدُودَ لَا تُفِيدُ تَصْوِيرَ الْحَقَائِقِ ، وَطُولُ الْكَلَامِ فِي ذَلِكَ مِمَّا يُوقَفُ عَلَيْهِ مِنْ كَلَامِهِ . قُلْت : وَبَنَى الْمَنْطِقِيُّونَ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ قَوَاعِدَ : إحْدَاهَا : قَالُوا : الْحَدُّ لَا يُكْتَسَبُ بِالْبُرْهَانِ أَيْ لَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ بِبُرْهَانٍ وَعَقَدُوا الِاسْتِدْلَالَ عَلَيْهِ بِمَا حَاصِلُهُ : أَنَّ الْبُرْهَانَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْقَضَايَا الَّتِي فِيهَا حُكْمٌ ، وَالْحَدُّ لَا حُكْمَ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ تَصَوُّرٌ ، وَهَذَا الْإِطْلَاقُ مَمْنُوعٌ بَلْ الْحَقُّ أَنَّا إذَا قُلْنَا : الْإِنْسَانُ مَثَلًا حَيَوَانٌ نَاطِقٌ فَلَهُ أَرْبَعُ اعْتِبَارَاتٍ : أَحَدُهَا : تَعْرِيفُ الْمَاهِيَّةِ ، وَهُوَ تَصَوُّرٌ لَا حُكْمَ فِيهِ فَلَا يُسْتَدَلُّ عَلَيْهِ وَلَا يُمْنَعُ . ثَانِيهَا : دَعْوَى الْحَدِّيَّةِ ، وَهَذَا يُمْنَعُ وَيُسْتَدَلُّ بِبَيَانِ صَلَاحِيَةِ هَذَا الْحَدِّ لِلتَّعْرِيفِ مِنْ اطِّرَادِهِ وَانْعِكَاسِهِ ، وَصَرَاحَةِ أَلْفَاظِهِ . ثَالِثَهَا : دَعْوَى الْمَدْلُولِيَّةِ ، وَهُوَ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ مَوْضُوعٌ لِهَذَا الْمَعْنَى لُغَةً أَوْ شَرْعًا فَهَذَا يُمْنَعُ وَيُسْتَدَلُّ عَلَيْهِ ، وَهَذَا قَالَهُ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ فِي كِتَابِهِ " نِهَايَةِ الْعُقُولِ " ، وَكَذَلِكَ قَيَّدَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ إطْلَاقَهُمْ مَنْعَ اكْتِسَابِهِ بِالْبُرْهَانِ . قَالَ : أَمَّا لَوْ أُرِيدَ بِالْإِنْسَانِ حَيَوَانٌ نَاطِقٌ مَدْلُولُهُ لُغَةً أَوْ شَرْعًا فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ النَّقْلِ . رَابِعَهَا : أَنْ يُرَادَ بِهِ أَنَّ ذَاتَ الْإِنْسَانِ مَحْكُومٌ عَلَيْهَا بِالْحَيَوَانِيَّةِ وَالنَّاطِقِيَّةِ فَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْمَنْعُ وَالْمُطَالَبَةُ ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ حَدًّا بَلْ دَعْوًى . ذَكَرَهُ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ أَيْضًا . وَقَالَ فِي " الْمُلَخَّصِ " : هَذَا بِحَسَبِ الِاسْمِ ، أَمَّا إذَا كَانَ بِحَسَبِ الْحَقِيقَةِ ، وَهُوَ أَنْ يُشِيرَ إلَى مَوْجُودٍ مُعَيَّنٍ ، وَيَزْعُمَ أَنَّ حَقِيقَتَهُ مُرَكَّبَةٌ مِنْ كَذَا وَكَذَا ، فَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْحُجَّةِ ، وَاَلَّذِي أَطْلَقَهُ هُنَا ابْنُ سِينَا فِي كُتُبِهِ امْتِنَاعُ الِاكْتِسَابِ لِلْحَدِّ بِطَرِيقِ الْبُرْهَانِ مُطْلَقًا . وَذُكِرَ عَنْ " أَفْلَاطُونَ " أَنَّهُ يُكْتَسَبُ بِالْقِسْمَةِ ، وَزَيَّفَهُ . فَإِنْ قِيلَ : مَا ذَكَرْتُمُوهُ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ النَّقْضُ وَالْمُعَارَضَةُ عَلَى الْحَدِّ ، وَقَدْ اتَّفَقَ النُّظَّارُ عَلَى تَوَجُّهِهِمَا . ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّ الْحَقَّ عِنْدَنَا : أَنَّ الْحَدَّ مَا لَمْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الدَّعَاوَى ، فَإِنَّهُ لَا يَتَوَجَّهُ إلَيْهِ النَّقْضُ ، وَإِنَّمَا يَتَوَجَّهُ النَّقْضُ عَلَى تَسْلِيمِ بُعْدِ الْحَدِّ . مِثَالُهُ : إذَا قِيلَ : الْعِلْمُ هُوَ الَّذِي يَصِحُّ مِنْ الْمَوْصُوفِ بِهِ أَحْكَامُ الْفِعْلِ ، فَإِذَا قِيلَ هَذَا مَنْقُوضٌ بِالْعِلْمِ بِالْوَاجِبَاتِ وَالْمُحَالَاتِ ، فَإِنَّهُ عِلْمٌ وَلَا يُفِيدُ أَحْكَامًا ، فَهَذَا النَّقْضُ إنَّمَا يَسْلَمُ بَعْدَ تَسْلِيمِ وُجُودِ الْعِلْمِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْمُحَالَاتِ . فَلَوْ لَمْ تَسْلَمْ هَذِهِ الدَّعْوَى لَمْ يُمْكِنْ تَوَجُّهُ النَّقْضِ إلَيْهِ . قَالَ : وَكَذَا الْمُعَارَضَةُ لَا يُمْكِنُ الْقَدَحُ بِهَا فِي الْحَدِّ إلَّا عِنْدَ تَسْلِيمِ الدَّعْوَى ، وَإِلَّا فَالْحَقَائِقُ غَيْرُ مُتَعَانِدَةٍ فِي مَاهِيَّاتِهَا ، فَإِنَّ مَنْ عَارَضَ هَذَا الْحَدَّ بِأَنَّهُ الِاعْتِقَادُ الْمُقْتَضِي سُلُوكَ النَّفْسِ فَلَيْسَ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْحَقِيقَتَيْنِ تَعَانُدٌ ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْحَقِيقَتَيْنِ مُنَافَاةٌ لَمْ تَتَحَقَّقْ الْمُعَارَضَةُ فِي الْحُدُودِ . الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ : وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَا قَبْلَهَا أَنَّ الْحَدَّ لَا يُمْنَعُ ، فَإِنَّ الْمَنْعَ يُشْعِرُ بِطَلَبِ الدَّلِيلِ ، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا يُبَرْهَنُ عَلَيْهِ فَلَا مَعْنَى لِلْمَنْعِ ، وَبَيَانُ عَدَمِ الْإِمْكَانِ أَنَّهُ فِي إقَامَةِ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ يَفْتَقِرُ إلَى إثْبَاتِ مُقَدِّمَتَيْنِ . ثُمَّ فِي إثْبَاتِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا يَفْتَقِرُ إلَى إثْبَاتِ مُقَدِّمَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ ، وَهَكَذَا إلَى غَيْرِ نِهَايَةٍ ، فَيَلْزَمُ إمَّا الدَّوْرُ أَوْ التَّسَلْسُلُ ، وَهُمَا بَاطِلَانِ ، وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ تَيْمِيَّةَ : يَجُوزُ مَنْعُ الْحَدِّ ؛ لِأَنَّهُ دَعْوَى فَجَازَ أَنْ يُصَادَمَ بِالْمَنْعِ كَغَيْرِهِ مِنْ الدَّعَاوَى . وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ ، فَإِنَّ مَرْجِعَ الْمَنْعِ طَلَبُ الْبُرْهَانِ ، وَهُوَ لَا يُمْكِنُ عَلَى مَا قَرَّرُوهُ ، وَلَيْسَ كُلُّ دَعْوَى تُصَادَمُ بِالْمَنْعِ بِدَلِيلِ الْأَوَّلِيَّاتِ ، فَإِنَّ الْكَلَامَ إذَا انْتَهَى إلَيْهَا وَجَبَ الْوُقُوفُ عِنْدَهَا ، وَلَمْ يُسْمَعْ مَنْعُهَا . وَقَالَ الْجَاجَرْمِيُّ فِي رِسَالَتِهِ " إنَّ هَذَا يَنْشَأُ عَنْ حَدِّ الْحَدِّ مَا هُوَ ؟ حَتَّى يُنْظَرَ فِيهِ أَنَّهُ هَلْ يُمْنَعُ أَمْ لَا ؟ وَالْحَدُّ قَدْ يَكُونُ حَقِيقِيًّا وَقَدْ يَكُونُ رَسْمِيًّا .



الْحَدُّ الْحَقِيقِيُّ وَالْحَدُّ الرَّسْمِيُّ ] فَنَقُولُ : الْحَادُّ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ ، وَهُوَ قَوْلُنَا : إنْسَانٌ مَوْضُوعٌ لِلْحَيَوَانِ النَّاطِقِ أَوْ يَدَّعِيَ أَنَّ ذَاتَ الْإِنْسَانِ مَحْكُومٌ عَلَيْهَا بِالْحَيَوَانِيَّةِ وَالنَّاطِقِيَّةِ ، أَوْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ مِنْ الْإِنْسَانِ إنَّهُ حَيَوَانٌ نَاطِقٌ الْإِشَارَةَ إلَى هَذِهِ الْمَاهِيَّةِ الْمُتَصَوَّرَةِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ عَلَيْهَا بِنَفْيٍ أَوْ إثْبَاتٍ . فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ ، فَالْأَوَّلُ وَالثَّانِي مَمْنُوعٌ ؛ لِأَنَّهُ دَعْوَى فَلِمَاذَا لَا يُمْنَعُ ؟ ، وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَائِرِ الدَّعَاوَى ؟ ؛ لِأَنَّهُ فِي إقَامَةِ الدَّلِيلِ عَلَى كُلِّ مُقَدِّمَةٍ يَفْتَقِرُ إلَى مُقَدِّمَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ ، وَذَلِكَ لَا يَدُورُ وَلَا يَتَسَلْسَلُ ، بَلْ يَنْتَهِي إلَى مُقَدِّمَةٍ أَوَّلِيَّةٍ ، أَوْ قَطْعِيَّةٍ وَكَذَا هُنَا . قَالَ : وَاَلَّذِي يُوَضِّحُ مَا ذَكَرْنَا إجْمَاعُ النُّظَّارِ عَلَى النَّقْضِ وَالْمُعَارَضَةِ عَلَى الْحَدِّ ، وَمَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ النَّقْضُ وَالْمُعَارَضَةُ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْمَنْعُ ؛ لِأَنَّهُمَا مُتَأَخِّرَانِ فِي الرُّتْبَةِ عَنْ الْمَنْعِ ، وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ لَا نِزَاعَ فِي أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ إنَّمَا يَتَوَجَّهُ نَحْوَ الْخَبَرِ ، وَلَا خَبَرَ هُنَاكَ . ا هـ . وَهَذَا يَنْظُرُ لِمَا سَبَقَ فِي طَلَبِ الْبُرْهَانِ عَلَيْهِ ، وَنَقْلُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى تَوْجِيهِ الْمُعَارَضَةِ أَخَذَهُ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ السَّابِقِ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ . فَقَدْ مَنَعَ بَعْضُهُمْ الْمُعَارَضَةَ فِيهِ . قَالَ : لِأَنَّهَا تُشْعِرُ بِصِحَّةِ الْمُعَارِضِ قَبْلَهُ ، فَيَلْزَمُ ثُبُوتُ حَدَّيْنِ مُتَبَايِنَيْنِ لِمَحْدُودٍ وَاحِدٍ ، وَهُوَ مُحَالٌ ، وَالْحَقُّ : أَنَّ الْمُعَارَضَةَ إنْ كَانَتْ فِي حَدٍّ رَسْمِيٍّ ، فَلَا نُبْطِلُهُ . فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ التَّعَدُّدُ عَلَى مَا سَيَأْتِي لِتَعَدُّدِ اللَّوَازِمِ ، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْحَدِّ الْحَقِيقِيِّ ، وَقُلْنَا لَيْسَ لِشَيْءٍ حَدَّانِ ذَاتِيَّانِ ، فَالْمُعَارَضَةُ إبْطَالٌ . وَإِنْ قُلْنَا بِجَوَازِهِ فَلَا إبْطَالَ فِيهَا . وَأَمَّا الْحَدُّ اللَّفْظِيُّ فَلَا مَدْخَلَ لِلْمَنْعِ فِيهِ وَلَا لِلْمُعَارَضَةِ قَطْعًا . وَقَالَ الرَّشِيدُ الْحَوَارِيُّ . إنَّمَا تَدْخُلُهُ الْمُعَارَضَةُ بِحَدٍّ أَرْجَحَ مِنْهُ أَوْ النَّقْضُ ، كَمَا لَوْ قِيلَ : حَدُّ الْغَصْبِ إثْبَاتُ الْيَدِ الْعَادِيَةِ عَلَى مَالٍ لِلْغَيْرِ ، وَقَالَ الْخَصْمُ : بَلْ إثْبَاتُ الْيَدِ الْعَادِيَةِ مَعَ إزَالَةِ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ . فَيَقُولُ : هَذَا يَبْطُلُ بِالْغَاصِبِ مِنْ الْغَاصِبِ ، فَإِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ إزَالَةُ يَدِ الْمَالِكِ ، وَالْغَصْبُ مُحَقَّقٌ . قَالَ : وَقَدْ يَتَكَايَسُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ وَيَقُولُ : الْحَدُّ لَا يُمْنَعُ بَعْدَمَا ثَبَتَ كَوْنُهُ حَدًّا ، وَلَكِنْ لِمَ قُلْت : إنَّمَا ذَكَرْته حَدٌّ ؟ وَهَذَا لَا وَجْهَ لَهُ ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْقَائِلِ : الْحَدُّ لَا يُمْنَعُ أَيْ : مَا يُدَّعَى كَوْنُهُ حَدًّا لَا يُمْنَعُ ، وَإِلَّا كُلُّ مَا صَحَّ كَوْنُهُ حَدًّا فَلَا يُمْكِنُ مَنْعُهُ ، ثُمَّ كُلُّ دَعْوَى ادَّعَاهَا الْإِنْسَانُ وَصَحَّ أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا يَقُولُهُ ، فَلَا يُمْكِنُ مَنْعُهُ ، فَلَا يَخْتَصُّ هَذَا بِالْحَدِّ . .



[ التَّنْبِيهُ ] الثَّانِي [ حَدُّ الشَّيْءِ بِحَدَّيْنِ فَأَكْثَرَ ] مَنَعُوا أَنْ يَكُونَ لِلشَّيْءِ حَدَّانِ فَأَكْثَرُ ، وَحَكَى الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي كِتَابِهِ " الْإِفَادَةِ " فِيهِ خِلَافًا ، وَاخْتَارَ الْجَوَازَ . قَالَ : وَلَا يَمْتَنِعُ فِي اللُّغَةِ أَنْ يَكُونَ لِلشَّيْءِ عِدَّةُ أَوْصَافٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا يَحْصُرُهُ ، وَكَمَا قَالُوا فِي الْحَرَكَةِ : نَقْلَةٌ وَزَوَالٌ وَذَهَابٌ فِي جِهَةٍ ، وَقَوْلُهُمْ : إنَّ التَّعَدُّدَ يُؤَدِّي إلَى الْمُنَاقَضَةِ ، وَيَبْطُلُ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ حَقًّا مَمْنُوعٌ . ا هـ . وَهَذِهِ الشُّبْهَةُ تُفِيدُ أَنَّ نِزَاعَهُمْ فِي الْحَدِّ الْحَقِيقِيِّ ، وَعَلَى هَذَا احْتِجَاجُهُ بِمَا ذُكِرَ لَا يَقْوَى ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ التَّعَدُّدِ فِي اللَّفْظِيِّ وَالرَّسْمِيِّ ، وَقَدْ نَبَّهَ ابْنُ الْحَاجِبِ عَلَى أَنَّ امْتِنَاعَ تَعَدُّدِ الْحَدَّيْنِ الذَّاتِيَّيْنِ مَبْنِيٌّ عَلَى تَفْسِيرِ الذَّاتِيِّ بِمَا لَا يُتَصَوَّرُ فَهْمُ الذَّاتِيِّ قَبْلَ فَهْمِهِ . فَإِنَّ الْقَصْدَ بِهِ فَهْمُ ذَاتِيَّاتِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّفْصِيلِ ، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ حِينَ فُهِمَ جَمِيعُ ذَاتِيَّاتِهَا ؛ لِأَجْلِ التَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ . وَوُجُودُ اشْتِمَالِهِ عَلَى ذَلِكَ مَانِعٌ مِنْ التَّعَدُّدِ ، وَسَكَتَ عَمَّا يَقْتَضِيهِ التَّعْرِيفَانِ الْأَخِيرَانِ لِلذَّاتِيِّ ، بَلْ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُمَا لَا يَقْتَضِيَانِ امْتِنَاعَ التَّعَدُّدِ ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ خِلَافٌ فِي التَّعَدُّدِ فِي الْحَقِيقِيِّ ، وَقَدْ صَرَّحَ الْغَزَالِيُّ بِجَوَازِ التَّعَدُّدِ فِي الرَّسْمِيِّ وَاللَّفْظِيِّ . أَمَّا اللَّفْظِيُّ فَلِأَنَّهُ يَكْثُرُ بِكَثْرَةِ الْأَسَامِي الْمَوْضُوعَةِ لِلشَّيْءِ الْوَاحِدِ ، وَأَمَّا الرَّسْمِيُّ فَلِأَنَّ عَوَارِضَ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ وَلَوَازِمَهُ قَدْ تَكْثُرُ بِخِلَافِ الْحَقِيقِيِّ ، فَإِنَّ الذَّاتِيَّاتِ مَحْصُورَةٌ ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهَا لَمْ يَكُنْ حَدًّا حَقِيقِيًّا . وَإِنْ ذَكَرَ مَعَهَا زِيَادَةً فَهِيَ حَشْوٌ ، فَإِذَنْ الْحَدُّ الْحَقِيقِيُّ لَا يَتَعَدَّدُ .



[ التَّنْبِيهُ ] الثَّالِثُ [ الْفَصْلُ هَلْ هُوَ عِلَّةٌ لِوُجُودِ الْجِنْسِ ؟ ] اخْتَلَفُوا أَنَّ الْفَصْلَ هَلْ هُوَ عِلَّةٌ لِوُجُودِ الْجِنْسِ ؟ فَقَالَ ابْنُ سِينَا وَغَيْرُهُ . نَعَمْ ، لِاسْتِحَالَةِ وُجُودِ جِنْسٍ مُجَرَّدٍ عَنْ الْفُصُولِ ، كَالْحَيَوَانِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ . وَخَالَفَهُمْ الْإِمَامُ الرَّازِيَّ ؛ لِأَنَّ الْمَاهِيَّةَ الْمُرَكَّبَةَ مِنْ ذَاتٍ وَصِفَةٍ أَخَصُّ مِنْهَا ، كَالْحَيَوَانِ الْكَاتِبِ يَكُونُ الذَّاتُ جِنْسَهَا ، وَالصِّفَةُ فَصْلَهَا مَعَ امْتِنَاعِ كَوْنِ الصِّفَةِ عِلَّةً لِلذَّاتِ لِتَأَخُّرِهَا عَنْهَا ، وَهَذَا يُعَكِّرُ عَلَيْهِ أَنَّ تِلْكَ الْمَاهِيَّةَ اعْتِبَارِيَّةٌ ، وَالْكَلَامُ فِي الْمَاهِيَّاتِ الْحَقِيقِيَّةِ . وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الْعِلَّةِ أَحْكَامٌ : مِنْهَا : أَنَّ الْفَصْلَ الْوَاحِدَ بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّوْعِ الْوَاحِدِ لَا يَكُونُ جِنْسًا لَهُ بِاعْتِبَارٍ آخَرَ ، كَمَا ظَنَّ جَمَاعَةٌ أَنَّ النَّاطِقَ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَنْوَاعِ الْحَيَوَانِ فَصْلٌ لِلْإِنْسَانِ ، وَإِلَى الْمَلَكِ جِنْسٌ لَهُ ، وَالْحَيَوَانُ بِالْعَكْسِ ، وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْفَصْلَ لَوْ كَانَ جِنْسًا ، لَكَانَ مَعْلُولًا لِلْجِنْسِ الْمَعْلُولِ لَهُ ، فَيَكُونُ الْمَعْلُولُ عِلَّةً لِعِلَّتِهِ ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ ، وَمِنْهَا : أَنَّ الْفَصْلَ لَا يُقَارِنُ إلَّا جِنْسًا وَاحِدًا فَإِنَّهُ لَوْ قَارَنَ جِنْسَيْنِ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى يَلْتَئِمَ مِنْ الْفَصْلِ وَأَحَدِ الْجِنْسَيْنِ مَاهِيَّةٌ ، وَمِنْهُ وَمِنْ الْآخَرِ أُخْرَى ؛ لِامْتِنَاعِ أَنْ يَكُونَ لِمَاهِيَّةٍ وَاحِدَةٍ جِنْسَانِ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ يَلْزَمُ تَخَلُّفُ الْمَعْلُولِ عَنْ الْعِلَّةِ ضَرُورَةَ وُجُودِ الْفَصْلِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَاهِيَّتَيْنِ ، وَعَدَمِ جِنْسِ مَا لَزِمَهَا فِي الْأُخْرَى . وَمِنْهَا : أَنَّ الْفَصْلَ لَا يُقَوِّمُ إلَّا نَوْعًا وَاحِدًا ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ امْتِنَاعُ أَنْ يُقَارِنَهُ إلَّا جِنْسٌ وَاحِدٌ ، وَمِنْهَا : أَنَّ الْفَصْلَ الْقَرِيبَ لَا يَكُونُ إلَّا وَاحِدًا ، فَإِنَّهُ لَوْ تَعَدَّدَ لَزِمَ تَوَارُدُ عِلَّتَيْنِ عَلَى مَعْلُولٍ وَاحِدٍ بِالذَّاتِ ، وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ تَكْثِيرَ الْفُصُولِ ، وَالْحَقُّ : أَنَّ الْفَصْلَ لَا تَجُوزُ زِيَادَتُهُ عَلَى وَاحِدٍ ؛ لِأَنَّهُ يَقُومُ لِوُجُودِ حِصَّةِ النَّوْعِ مِنْ الْجِنْسِ ، فَإِنْ كَفَى الْوَاحِدُ فِي التَّقْوِيمِ اُسْتُغْنِيَ عَنْ الْآخَرِ ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ فَصْلًا ، وَحَيْثُ وُجِدَ فِي كَلَامِ الْعُلَمَاءِ تَعَدُّدُ الْفُصُولِ بِقَوْلِهِمْ : فَصْلٌ ثَانٍ وَثَالِثٌ ، فَلَا تَحْقِيقَ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ . فَإِنَّ الْمَجْمُوعَ فَصْلٌ وَاحِدٌ ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِمَّا جَعَلُوهُ فَصْلًا هُوَ جُزْءُ الْفَصْلِ ، وَلَمَّا ذَهَبَ الْإِمَامُ إلَى بُطْلَانِ قَاعِدَةِ الْعِلِّيَّةِ جَوَّزَ الْفُرُوعَ الثَّلَاثَةَ . الْأَوَّلُ : لِجَوَازِ تَرْكِيبِ الشَّيْءِ مِنْ أَمْرَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا أَعَمُّ مِنْ الْآخَرِ مِنْ وَجْهٍ كَالْحَيَوَانِ ، وَالْأَبْيَضِ . فَالْمَاهِيَّةُ إذَنْ تَرَكَّبَتْ مِنْهُمَا ، لِكَوْنِ الْحَيَوَانِ جِنْسًا وَالْأَبْيَضِ فَصْلًا لَهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَيَوَانِ الْأَسْوَدِ وَبِالْعَكْسِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْجَمَادِ الْأَبْيَضِ . فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا جِنْسًا وَفَصْلًا ، وَهُوَ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ . وَفَصْلًا يُقَارِنُ جِنْسَيْنِ لَهُ مِنْ الْحَيَوَانِ وَالْجَمَادِ وَالْأَسْوَدِ وَالْأَبْيَضِ . وَهُوَ الْحُكْمُ الثَّانِي الْمُسْتَلْزِمُ لِلثَّالِثِ . وَقَالَ ابْنُ وَاصِلٍ : ذَهَبَ الْإِمَامُ إلَى أَنَّ الْفَصْلَ الْوَاحِدَ بِالنِّسْبَةِ إلَى نَوْعٍ وَاحِدٍ قَدْ يَكُونُ جِنْسًا لَهُ ، وَيَجُوزُ اقْتِرَانُهُ بِجِنْسَيْنِ ، فَيَكُونُ مُقَوِّمًا لِنَوْعَيْنِ ، وَذَلِكَ فِي الْمَاهِيَّةِ الْمُرَكَّبَةِ مِنْ قَيْدَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَعَمُّ مِنْ الْآخَرِ مِنْ وَجْهٍ ، كَالْحَيَوَانِ الْأَبْيَضِ ، فَإِنَّ الْحَيَوَانَ يَصْدُقُ عَلَى الْأَبْيَضِ وَغَيْرِهِ ، وَالْأَبْيَضَ يَصْدُقُ عَلَى الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ . فَإِنْ جَعَلْت الْحَيَوَانَ جِنْسًا لِهَذِهِ الْمَاهِيَّةِ كَانَ الْأَبْيَضُ فَصْلًا لَهَا . وَإِنْ جَعَلْت الْأَبْيَضَ جِنْسًا لَهَا كَانَ الْحَيَوَانُ فَصْلًا . قَالَ ابْنُ وَاصِلٍ : وَاَلَّذِي نَقُولُهُ : إنَّا نَمْنَعُ أَنَّ مَاهِيَّتَهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ تَتَأَلَّفُ عَنْ هَذَيْنِ الْمَفْهُومَيْنِ وَإِنَّمَا يَتَأَلَّفُ عَنْهُمَا مَاهِيَّةٌ اعْتِبَارِيَّةٌ . وَكَلَامُنَا إنَّمَا هُوَ فِي الْمَاهِيَّاتِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْخَارِجِ الْحَقِيقِيَّةِ ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ شَيْئًا مِنْهَا يَتَرَكَّبُ مِمَّا هَذَا شَأْنُهُ .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://elnaghy.ahlamontada.com
محمود طه
عضو مبدع
عضو مبدع
محمود طه


عدد المساهمات : 897
نقاط : 1182
التقييم : : 8
تاريخ التسجيل : 01/02/2010
العمر : 36
العمل/الترفيه مشرف قسمى الأدب والشعر واللغة العربية إحذر أن تكون سببا في دموع امرأه... لأن الله يحصي دمعتها ورسوله وصى بها

مسألة صعوبة الحد Empty
مُساهمةموضوع: رد: مسألة صعوبة الحد   مسألة صعوبة الحد Icon_minitimeالجمعة فبراير 12, 2010 8:26 am

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
امة الله
عضو مبدع
عضو مبدع
امة الله


عدد المساهمات : 2095
نقاط : 3500
التقييم : : 98
تاريخ التسجيل : 28/09/2009
العمل/الترفيه مشرف أقسام المرأة المسلمة ومراقب عام الموقع

مسألة صعوبة الحد Empty
مُساهمةموضوع: رد: مسألة صعوبة الحد   مسألة صعوبة الحد Icon_minitimeالأربعاء مارس 10, 2010 6:14 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أم محمود السلفية
عضو مبدع
عضو مبدع
أم محمود السلفية


عدد المساهمات : 783
نقاط : 1108
التقييم : : 12
تاريخ التسجيل : 22/10/2009
العمر : 38
الموقع : www.elnaghy.com

مسألة صعوبة الحد Empty
مُساهمةموضوع: رد: مسألة صعوبة الحد   مسألة صعوبة الحد Icon_minitimeالخميس مارس 11, 2010 7:32 am

أسأل الله عز وجل أن يتقبل منك

وأن يجعلنا من أهل الفردوس الأعلى

اللهم أأأأأأأأمين


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
روميساء
عضو مبدع
عضو مبدع
روميساء


عدد المساهمات : 729
نقاط : 963
التقييم : : 11
تاريخ التسجيل : 28/09/2009
العمر : 30
الموقع : www.elnaghy.com
العمل/الترفيه اللهم اجعل أبى من ورثة جنة النعيم يوم لاينفع مال ولابنون

مسألة صعوبة الحد Empty
مُساهمةموضوع: رد: مسألة صعوبة الحد   مسألة صعوبة الحد Icon_minitimeالثلاثاء مارس 16, 2010 12:39 pm

عافاك الله من كل داء وأسكنك الفردوس الأعلى مع الصديقين والشهداء
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مسألة صعوبة الحد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أقسام الحد

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
www.elnaghy.com :: قسم الفقه :: منتدى الفقه وأصوله-
انتقل الى: