www.elnaghy.com
عزيزي الزائر
هذه الرسالة تفيد أنك غير مسجل
يمكنك التسجيل ببساطة ويسعدنا انضمامك إلينا
www.elnaghy.com
عزيزي الزائر
هذه الرسالة تفيد أنك غير مسجل
يمكنك التسجيل ببساطة ويسعدنا انضمامك إلينا
www.elnaghy.com
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

www.elnaghy.com

منتدى الشيخ الناغى للعلوم الإسلامية
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
دعوة لإخواننا جميعا - شاركونا في استمرار هذا العمل الصالح لنحقق معا الأهداف التي قام من أجلها وهي : نشر العلم النافع ، نشر العقيدة الإسلامية والدعوة إليها ، الدفاع عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم ودفع الشبهات عن الإسلام والمسلمين ، إصلاح حال الأمة بإصلاح عقيدتها وبيان صالح الأعمال ومكارم الأخلاق ، السعي في مصالح الناس بما نستطيع من صالح العمل.

 

 طُرُقُ معرفة الأشياء

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
المدير العام
المدير العام
المدير العام
المدير العام


عدد المساهمات : 1002
نقاط : 1421
التقييم : : 44
تاريخ التسجيل : 25/09/2009
العمر : 64

طُرُقُ معرفة الأشياء Empty
مُساهمةموضوع: طُرُقُ معرفة الأشياء   طُرُقُ معرفة الأشياء Icon_minitimeالسبت ديسمبر 05, 2009 5:36 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]




مَسْأَلَةٌ [ طُرُقُ مَعْرِفَةِ الْأَشْيَاءِ ] قَالَ الْمُتَكَلِّمُونَ : يُعْرَفُ الشَّيْءُ بِأُمُورٍ ثَلَاثَةٍ : أَحَدُهَا : بِآثَارِهِ كَالِاسْتِدْلَالِ بِالْمَصْنُوعِ عَلَى الصَّانِعِ ، وَبِالْمَبْنِيِّ عَلَى الْبَانِي . الثَّانِي : بِحَسَبِ ذَاتِهِ الْمَخْصُوصَةِ الثَّالِثُ : بِالْمُشَاهَدَةِ ، وَيُعْرَفُ اللَّهُ تَعَالَى بِآثَارِهِ بِلَا خِلَافٍ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ } . وَاخْتَلَفُوا هَلْ يُعْرَفُ بِحَسَبِ ذَاتِهِ الْمَخْصُوصَةِ ؟ . فَذَهَبَتْ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ إلَى أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ ، وَاخْتَارَهُ الرَّازِيَّ فِي أَكْثَرِ كُتُبِهِ ، وَفِي بَعْضِهَا أَنَّهُ يُعْرَفُ ، وَنُسِبَ إلَى الْأَشْعَرِيِّ ، وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ . وَيُعْرَفُ بِالْمُشَاهَدَةِ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ الْأَصْحَابِ ، وَالثَّالِثُ أَقْوَى مِنْ الثَّانِي ، وَالثَّانِي مِنْ الْأَوَّلِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَا نُسَلِّمُ قُوَّةَ مَعْرِفَةِ الْمُشَاهَدَةِ عَلَى مَعْرِفَةِ الذَّاتِ مُطْلَقًا بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ : وَهُوَ أَنَّ الْمُشَاهَدَةَ فِي حَقِّ عَارِفٍ لِلذَّاتِ أَقْوَى مِنْهَا فِي مَعْرِفَتِهَا بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ الذَّاتَ . قِيلَ : وَهَذَا لَا مَحِيصَ عَنْهُ ، فَإِنَّ مَنْ وُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ مِنْ بلخش وَبِنَفْشِ وَزُجَاجٍ ، وَلَا يُمَيِّزُ بَيْنَهَا لَا تُفِيدُهُ الْمُشَاهَدَةُ فِي مَعْرِفَةِ الذَّاتِ شَيْئًا . وَأَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّا نُمَيِّزُ الْإِنْسَانَ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ بِالْمُشَاهَدَةِ ، وَقَدْ حَارَتْ الْأَلْبَابُ فِي مَعْرِفَةِ اللَّهِ . وَيَتَرَتَّبُ عَلَى هَذَا أَنَّ اكْتِفَاءَ الْأَصْحَابِ بِالرُّؤْيَةِ كَالصِّفَةِ لَا يَصِحُّ إلَّا فِي حَقِّ الْعَالِمِ بِالْمَوْصُوفِ ؛ لِتُزِيلَ الرُّؤْيَةُ الضَّرَرَ عَنْهُ . أَمَّا فِي حَقِّ مَنْ لَا تُفِيدُهُ الرُّؤْيَةُ فَلَا يُتَّجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِهَا . وَيُؤَيِّدُهُ مَا نُشَاهِدُهُ فِي الْعُقَلَاءِ مِنْ مُعَانَدَتِهِمْ عَلَى مَا لَا يَعْرِفُونَ ، لَا يَكْتَفُونَ بِرُؤْيَتِهِمْ بَلْ يَسْتَصْحِبُونَ الْخَبِيرِينَ بِذَلِكَ . وَقَدْ حَكَى الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ التَّصْرِيَةِ وَجْهًا : أَنَّ الْعِيَانَ لَا يَكْفِي فِي حَقِّ مَنْ لَا يُفِيدُهُ الْعِيَانُ مَعْرِفَةً ، وَأَنَّهُ يُخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ وَلَا أَثَرَ لِعِيَانِهِ ، قَالَ : وَهَذَا الْوَجْهُ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى زُجَاجَةً ظَنَّهَا جَوْهَرَةً ، وَاسْتَشْهَدَ بِمَسْأَلَتَيْنِ ذَكَرَهُمَا النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ . إحْدَاهُمَا : لَوْ رَأَى الْعَيْبَ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ عَيْبُ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ إذَا كَانَ يَخْفَى عَلَى مِثْلِهِ . الثَّانِيَةُ : لَوْ رَأَى الْعَيْبَ وَعَلِمَ أَنَّهُ عَيْبٌ وَلَكِنَّهُ ظَنَّ غَيْرَ الْعَيْبِ الَّذِي فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ، وَرَضِيَ بِمَا ظَنَّهُ لَا بِمَا هُوَ عَيْبٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ إذَا كَانَ الَّذِي فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَشَدَّ ضَرَرًا ، وَفِيمَا قَالَهُ هَذَا الْفَاضِلُ نَظَرٌ . فَقَدْ أَطْبَقَ أَئِمَّةُ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّ مَعْرِفَةَ اللَّهِ بِالْمُشَاهَدَةِ هُوَ أَتَمُّ النَّظَرِ فِي حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ يُنْعِمُ اللَّهُ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ بِرُؤْيَتِهِ . وَلَا يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ الذَّاتِ قَبْلَ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى يَخْلُقُ فِيهِ عِلْمًا ضَرُورِيًّا بِأَنَّ هَذَا الْمَرْئِيَّ هُوَ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ ، وَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْإِحَاطَةَ الْمُقْتَضِيَةَ لِلتَّكْيِيفِ مُسْتَحِيلَةٌ فِي حَقِّهِ سُبْحَانَهُ ، فَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ لِتَصِحَّ الرُّؤْيَةُ . وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيمِ مَعْرِفَةِ الذَّاتِ ، وَتَمْثِيلُهُ بِالْجَوَاهِرِ الثَّلَاثَةِ ضَعِيفٌ ، إذْ مَعَ الْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ لَا يَبْقَى مِثَالٌ ، بَلْ قَدْ قَالَ الْأَئِمَّةُ : مَعَارِفُ الْآخِرَةِ كُلُّهَا ضَرُورِيَّةٌ فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ . اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ نَقُولَ : الْعِلْمُ الضَّرُورِيُّ الَّذِي يَخْلُقُهُ اللَّهُ لَهُمْ كَافٍ فِي مَعْرِفَةِ الذَّاتِ ، ثُمَّ تَنْضَمُّ إلَيْهِ الْمُشَاهَدَةُ فَيَكُونُ أَتَمَّ ، وَهَذَا مُحْتَمَلٌ . ثُمَّ مَا رَأَيْته مِنْ أَنَّهُ لَا يُفِيدُهُ الرُّؤْيَةُ لَا يُتَّجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِهَا فِي حَقِّهِ ، وَأَنَّ الضَّرَرَ لَا يَزُولُ عَنْهُ بِذَلِكَ فَيَرْجِعُ إلَى قَاعِدَةِ الْمَالِكِيَّةِ فِي أَنَّ الْغَبْنَ يُثْبِتُ الْخِيَارَ إذَا كَانَ بِمِقْدَارِ الثُّلُثِ فَصَاعِدًا ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يُثْبِتُ ، وَعَنْ أَحْمَدَ كَمَالِكٍ وَعَنْهُ يُثْبِتُ إذَا كَانَ بِمِقْدَارِ السُّدُسِ . وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ قَضِيَّةُ حِبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ ، وَأَنَّهُ كَانَ يُخْدَعُ فِي الْبَيْعِ ، فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { إذَا بَايَعْتَ ، فَقُلْ : لَا خِلَابَةَ } وَشَرَعَ لَهُ اشْتِرَاطَ الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، فَلَوْ كَانَتْ الْخَدِيعَةُ تُثْبِتُ الْخِيَارَ لَمَا احْتَاجَ إلَى قَوْلِهِ : ( لَا خِلَابَةَ ) ، وَلَا إلَى اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ ، بَلْ كَانَ خِيَارُ الْغَبْنِ كَافِيًا ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ . وَاسْتِدْلَالُهُ بِالْمَسْأَلَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ عَلَى أَنَّ الرُّؤْيَةَ بِالصِّفَةِ لَا تُفِيدُ إلَّا فِي حَقِّ الْعَالِمِ بِالْمَوْصُوفِ وَفِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْعَقْدِ السَّلَامَةُ عَنْ الْعُيُوبِ ، فَلَا يُغْتَفَرُ فِيهَا مَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهَا .



مَسْأَلَةٌ [ الْجَهْلُ ] الْجَهْلُ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ عَدَمُ الْعِلْمِ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُعْلَمَ . وَيُسَمَّى بَسِيطًا . وَقِيلَ : لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ جَهْلٌ . وَاخْتَارَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ عَلَى مَا سَيَأْتِي . وَقِيلَ : إنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ غَيْرُ مَانِعٍ لِدُخُولِ الظَّنِّ عِنْدَ مَنْ لَا يَرَاهُ عِلْمًا ، وَالشَّكُّ وَالْغَفْلَةُ ، وَإِصْلَاحُهُ عَدَمُ كُلِّ عِلْمٍ أَوْ ظَنٍّ أَوْ شَكٍّ أَوْ وَقْفٍ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا أَوْ مَظْنُونًا أَوْ مَشْكُوكًا أَوْ مَوْقُوفًا فِيهِ مِمَّنْ شَأْنُهُ أَنْ يُوصَفَ بِذَلِكَ وَيُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الِاعْتِقَادُ الْبَاطِلُ ، وَيُسَمَّى مُرَكَّبًا . وَقَالَ الْآمِدِيُّ : اعْتِقَادُ الْمُعْتَقِدِ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ، وَنُقِضَ بِالنَّظَرِ الْمُطَابِقِ عَكْسًا ، فَإِنَّ النَّاظِرَ مَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا أَوْ ظَانًّا فَهُوَ جَاهِلٌ ؛ لِكَوْنِهِ ضِدًّا لَهُمَا عِنْدَهُ فَيَكُونُ النَّاظِرُ إذَنْ جَاهِلًا مَعَ أَنَّ اعْتِقَادَهُ مُطَابِقٌ . وَهُوَ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ عَدَمِيٌّ يُقَابِلُ الْعِلْمَ تَقَابُلَ الْعَدَمِ وَالْمَلَكَةِ . وَبِالثَّانِي وُجُودِيٌّ يُقَابِلُ الْعِلْمَ تَقَابُلَ الضِّدَّيْنِ ، وَالثَّانِي يُقَالُ فِيهِ : أَخْطَأَ وَغَلِطَ ، وَمُخَاطَبَتُهُ مُخَاطَبَةُ عِنَادٍ وَمُخَاطَبَةُ الْأَوَّلِ مُخَاطَبَةُ تَعْلِيمٍ . قَالَ الرَّازِيَّ : وَاَلَّذِي يُمْكِنُهُ طَلَبُ الْعِلْمِ هُوَ صَاحِبُ الْجَهْلِ الْبَسِيطِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ . وَأَمَّا الْمُرَكَّبُ فَإِنَّهُ لَا يَطْلُبُ الْعِلْمَ أَلْبَتَّةَ ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ إلَّا أَنَّهُ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ يَعْلَمُ ، فَصَارَ صَارِفًا لَهُ عَنْ طَلَبِهِ ، وَهَلْ الْمُنَافَاةُ بَيْنَهُمَا ذَاتِيَّةٌ أَوْ لِلصَّارِفِ ؟ . فِيهِ احْتِمَالَانِ . وَقَالَ السَّمْعَانِيُّ فِي الْكِفَايَةِ " اُخْتُلِفَ فِي الْجَهْلِ ، فَقِيلَ : هُوَ عَدَمُ الْعِلْمِ وَهُوَ بَعِيدٌ ، وَقِيلَ : تَصَوُّرُ الْمَعْلُومِ بِخِلَافِ مَا هُوَ بِهِ . وَقِيلَ : اعْتِقَادُ الْمَعْلُومِ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ . انْتَهَى . وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي الْقَوَاطِعِ " : الْجَهْلُ اعْتِقَادُ الْمَعْلُومِ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ بِهِ ، وَلَا بَأْسَ بِالِاعْتِقَادِ فِي حَدِّ الْجَهْلِ . ا هـ . وَهَذَا تَعْرِيفٌ لِلْمُرَكَّبِ فَقَطْ ، إذْ الْبَسِيطُ لَا اعْتِقَادَ فِيهِ أَلْبَتَّةَ ، فَكَأَنَّهُ لَيْسَ بِجَهْلٍ عِنْدَهُ . وَكَذَلِكَ فِعْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ أَئِمَّتِنَا ، وَحَكَوْا خِلَافًا عَنْ الْمُعْتَزِلَةِ فِي أَنَّ الْجَهْلَ هَلْ هُوَ مِثْلُ الْعِلْمِ ؟ فَأَكْثَرُ الْمُعْتَزِلَةِ عَلَى أَنَّهُ مِثْلٌ لَهُ . وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ مَنْ اعْتَقَدَ كَوْنَ زَيْدٍ فِي الدَّارِ مَثَلًا ، وَلَيْسَ هُوَ فِيهَا فَإِنَّ اعْتِقَادَهُ الْأَوَّلَ الَّذِي هُوَ جَهْلٌ مِنْ جِنْسِ الثَّانِي الَّذِي عَلِمَهُ . وَمَا بِهِ الِافْتِرَاقُ مِنْ كَوْنِ زَيْدٍ فِي الدَّارِ إحْدَى الْحَالَتَيْنِ ، وَعَدَمُهُ فِي الْأُخْرَى أَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ مُوجِبِ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الِاعْتِقَادَيْنِ ، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ اعْتِقَادَ الْمُقَلِّدِ لِلشَّيْءِ عَلَى وَفْقِ مَا هُوَ عَلَيْهِ مِثْلُ الْعِلْمِ ، وَهَذَا الْكَلَامُ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ لَسْنَا نُوَافِقُهُمْ عَلَيْهِ غَيْرَ أَنَّا نَقُولُ : اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ هَذَا مَخْصُوصٌ بِالْجَهْلِ الْمُرَكَّبِ . أَمَّا الْبَسِيطُ إنْ قِيلَ : إنَّهُ جَهْلٌ ، فَلَا خِلَافَ فِي كَوْنِهِ لَيْسَ مِثْلًا لِلْعِلْمِ ، فَإِنَّ عَدَمَ الشَّيْءِ لَا يَكُونُ مِثْلًا لِذَلِكَ الشَّيْءِ .

الظَّنُّ هُوَ الِاعْتِقَادُ الرَّاجِحُ مِنْ اعْتِقَادَيْ الطَّرَفَيْنِ ، وَكَذَا رُجْحَانُ الِاعْتِقَادِ لَا اعْتِقَادُ الرَّاجِحِ أَوْ الرُّجْحَانِ ، فَاعْتِقَادُ الرُّجْحَانِ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إمَّا مُحَقَّقٌ عَنْ بُرْهَانٍ ، وَهُوَ الْعِلْمُ ، أَوْ لَا ، وَهُوَ التَّقْلِيدُ وَالْجَهْلُ . فَهُوَ مُتَعَلَّقُ نَفْسِ الرُّجْحَانِ ، وَهُوَ فِي نَفْسِهِ ثَابِتٌ لَا رُجْحَانَ فِيهِ ، وَأَمَّا رُجْحَانُ الِاعْتِقَادِ بِأَنْ يَكُونَ فِي النَّفْسِ احْتِمَالَانِ مُتَعَارِضَانِ إلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا أَرْجَحُ فِي نَظَرِهِ ، فَالْأَوَّلُ قَدْ يَكُونُ مَوْجُودًا فِي الْخَارِجِ ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلَا يُتَصَوَّرُ إلَّا فِي الذِّهْنِ ، وَقِيلَ : تَجْوِيزُ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَقْوَى مِنْ الْآخَرِ . وَنُقِضَ بِالْجَزْمِ تَجْوِيزُ أَمْرَيْنِ وَلَيْسَ بِظَنٍّ . وَقِيلَ : تَغْلِيبُ أَحَدِ الْمُجَوَّزَيْنِ وَفِيهِ إجْمَالٌ ؛ لِأَنَّ التَّغْلِيبَ إمَّا فِي نَفْسِ الْمُجَوَّزِ ، وَإِمَّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ، وَقَدْ يَكُونُ جَزْمًا وَقَدْ لَا يَكُونُ ، وَالثَّانِي قَرِيبٌ . وَقَالَ الْآمِدِيُّ أَخِيرًا : إنَّهُ تَرَجُّحُ أَحَدِ مُمْكِنَيْنِ مُتَقَابِلَيْنِ فِي النَّفْسِ عَلَى الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ ، وَتَارَةً : إنَّهُ تَرَجُّحُ وُقُوعِ أَحَدِ مُمْكِنَيْنِ عَلَى الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ . وَقَوْلُهُ : " مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ " : يَعْنِي عِنْدَ ذِكْرِ الِاحْتِمَالِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ بِالتَّرْجِيحِ . وَحِينَئِذٍ فَهُوَ تَرَدُّدٌ بَيْنَ إرَادَةِ رُجْحَانِ الِاعْتِقَادِ ، وَهُوَ الْحَقُّ ، وَبَيْنَ رُجْحَانِ الْمُعْتَقَدِ ، أَوْ اعْتِقَادِ الرُّجْحَانِ وَلَيْسَ ذَلِكَ ظَنًّا .

مَسْأَلَةٌ [ الظَّنُّ طَرِيقُ الْحُكْمِ ] وَهُوَ طَرِيقٌ لِلْحُكْمِ إذَا كَانَ عَنْ أَمَارَةٍ ، وَلِهَذَا وَجَبَ الْعَمَلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ ، وَبِشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ ، وَخَبَرِ الْمُقَوِّمِينَ وَالْقِيَاسِ ، وَإِنْ كَانَتْ عِلَّةُ الْأَصْلِ مَظْنُونَةً . وَشَرَطَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي " الْعِدَّةِ " لِلْعَمَلِ بِالظَّنِّ وُجُودَ أَمَارَةٍ صَحِيحَةٍ ، وَعَدَمَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْعِلْمِ كَمَا يُعْمَلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْقِيَاسِ مَعَ عَدَمِ النَّصِّ . وَالْأَوَّلُ : يُوَافِقُ تَصْحِيحَ الْفُقَهَاءِ فِي الِاجْتِهَادِ فِي الْأَوَانِي أَنَّهُ لَا يَكْفِي مُجَرَّدُ الظَّنِّ مِنْ غَيْرِ أَمَارَةٍ ، وَالثَّانِي : يُخَالِفُ تَجْوِيزَهُمْ الِاجْتِهَادَ فِي الْأَوَانِي مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْيَقِينِ . قَالَ : وَالظَّنُّ يَقَعُ عِنْدَ الْأَمَارَةِ كَمَا يَقَعُ الْعِلْمُ عِنْدَ الدَّلِيلِ . وَقَالَ صَاحِبُ الْعُمْدَةِ " : لَا يَقَعُ عَنْ الْأَمَارَةِ . وَإِنَّمَا يَقَعُ بِاخْتِيَارِ النَّاظِرِ فِي الْأَمَارَةِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ يَنْظُرُونَ فِي الْأَمَارَةِ ، وَيَخْتَلِفُونَ فِي الظَّنِّ ، وَلَوْ كَانَ كَمَا ذُكِرَ لَعُمِلَ بِالظَّنِّ مِنْ غَيْرِ أَمَارَةٍ .

مَسْأَلَةٌ [ تَفَاوُتُ الظُّنُونِ ] وَفِي تَفَاوُتِ الظُّنُونِ قَوْلَانِ نَظِيرُ الْخِلَافِ السَّابِقِ فِي تَفَاوُتِ الْعُلُومِ . فَقِيلَ : لَا تَتَفَاوَتُ كَمَا لَا تَتَفَاوَتُ الْعُلُومُ ، وَإِنَّمَا تَتَفَاوَتُ الْأَدِلَّةُ ، وَالصَّحِيحُ خِلَافُهُ . بَلْ الظَّنُّ يَقْبَلُ الْأَشَدِّيَّةَ وَالْأَضْعَفِيَّةَ ، وَذَلِكَ مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ ، فَرُبَّ شَكٍّ فِي أَصْلِ الشَّيْءِ ، وَشَكٍّ فِي وَصْفِهِ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْأَصْلِ . فَالشَّكُّ فِي الْأَصْلِ وَالْوَصْفِ يُقَابِلُهُ احْتِمَالَانِ ، وَالشَّكُّ فِي الْوَصْفِ خَاصَّةً يُقَابِلُهُ احْتِمَالٌ وَاحِدٌ . وَلِهَذَا قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : مَنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا ؟ فَشَكُّهُ وَسْوَسَةٌ فَيَسْتَصْحِبُ الْحِلَّ . وَلَوْ حَلَفَ يَقِينًا ، ثُمَّ شَكَّ هَلْ حَنِثَ أَمْ لَا ؟ فَشَكُّهُ هَاهُنَا مُعْتَبَرٌ يُوجِبُ الِانْكِفَافَ وَالْحَظْرَ ، وَهَلْ هُوَ وُجُوبُ قَضَاءٍ أَوْ وُجُوبُ إرْشَادٍ لَا إلْزَامٌ مِنْ الْقَاضِي ؟ فِيهِ خِلَافٌ لِلْمَالِكِيَّةِ . قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ : فَإِنْ قُلْت : هَلْ يَقِفُ أَحَدٌ إذَا ظَنَّ شَيْئًا مَا عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ الظَّنِّ كَمَا يَقِفُ عَلَى أَصْلِ الظَّنِّ ؟ . قُلْت : لَا يَقِفُ أَحَدٌ عَلَى ذَلِكَ إلَّا تَقْرِيبًا إنَّمَا الَّذِي يُتَوَقَّفُ عَلَيْهِ يَقِينًا هُوَ الْعِلْمُ ، وَمِثَالُهُ فِي الْمَحْسُوسَاتِ : أَنَّ الْجَوْهَرَ الْفَرْدَ مَوْجُودٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَيُثْبِتُهُ الْعَقْلُ ، وَلَكِنْ لَا يُثْبِتُهُ الْحِسُّ ، وَإِنْ أَثْبَتَ تَفَاوُتًا بَيْنَ الْأَجْرَامِ صِغَرًا وَكِبَرًا لَكِنَّهُ إثْبَاتٌ بِالتَّقْرِيبِ ، لَا بِتَحْقِيقِ أَعْدَادِ الْجَوَاهِرِ بِأَعْدَادِ الْجَوَاهِرِ كَإِنْكَارِ الظُّنُونِ ، وَلِهَذَا يَقُولُ الْفُقَهَاءُ : لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْأَجْوَدِ ، لِأَنَّهُ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ تَحْقِيقًا ، إذْ مَا مِنْ أَجْوَدَ مَفْرُوضٍ إلَّا وَيُمْكِنُ أَجْوَدُ مِنْهُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَهُ تَنْزِيلًا لِلَّفْظِ عَلَى الْقَرِيبِ . وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ قَوْلُ الْعُلَمَاءِ : هَذَا الظَّنُّ أَعْلَى الظُّنُونِ : يَعْنُونَ مِنْ أَعْلَى الظُّنُونِ الْوَاضِحَةِ فِيهِ .

مَسْأَلَةٌ [ أَقْسَامُ الظَّنِّ ] وَأَقْسَامُهُ خَمْسَةٌ : أَوَّلُهَا : الْعِلْمُ الْحَاصِلُ عَنْ أُمُورٍ مُسَلَّمَةٍ ، وَهُوَ الْعِلْمُ الظَّنِّيُّ الَّذِي مُسْتَنَدُهُ قَضِيَّةٌ أَوْ قَضَايَا مُسَلَّمَةٌ بِأَنْفُسِهَا . ثَانِيهَا : الْعِلْمُ الْحَاصِلُ عَنْ أُمُورٍ مَشْهُورَةٍ ، وَهُوَ ظَنٌّ مُطَابِقٌ مُسْتَنِدٌ إلَى أُمُورٍ مَشْهُورَةٍ بِالتَّصْدِيقِ عِنْدَ الْجَمِّ الْغَفِيرِ . وَثَالِثُهَا : الْعِلْمُ الْحَاصِلُ عَنْ أُمُورٍ مَقْبُولَةٍ فِي الْعَقْلِ بِسَبَبِ حُسْنِ الظَّنِّ بِمَنْ أُخِذَتْ عَنْهُ . رَابِعُهَا : الْعِلْمُ الْحَاصِلُ عَنْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ الظَّاهِرَةِ ، وَهُوَ ظَنٌّ مُطَابِقٌ مُسْتَنَدُهُ قَرَائِنُ أَحْوَالٍ ظَاهِرَةٍ . خَامِسُهَا : مَا كَانَ عَنْ وَهْمٍ فِي غَيْرِ مَحْسُوسٍ ، وَهُوَ مَا أَوْجَبَ التَّصْدِيقَ بِهِ قُوَّةُ الْوَهْمِ ، وَجَعَلَهُ مِنْ الْعِلْمِ الظَّنِّيِّ ، وَلَيْسَ بِهِ تَجَوُّزٌ .





مَسْأَلَةٌ [ الشَّكُّ ] الشَّكُّ : قَالَ الْعَسْكَرِيُّ : أَصْلُهُ مِنْ قَوْلِهِمْ : شَكَكْت الشَّيْءَ إذَا جَمَعْته بِشَيْءٍ يَدْخُلُ فِيهِ ، وَالشَّكُّ : هُوَ اجْتِمَاعُ شَيْئَيْنِ فِي الضَّمِيرِ ، وَقَالَ أَبُو هَاشِمٍ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ : اعْتِقَادَانِ يَتَعَاقَبَانِ لَا يُتَصَوَّرُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا ، وَأَفْسَدُوهُ بِمَا إذَا زَالَ الِاعْتِقَادُ الْجَازِمُ بِاعْتِقَادٍ آخَرَ . وَقَالَ فِي قَوْلِهِ الْآخَرِ : عَدَمُ الْعِلْمِ : وَهُوَ فَاسِدٌ لِحُصُولِهِ مِنْ الْجَمَادِ وَالنَّائِمِ ، وَلَا يُوصَفُ بِالشَّكِّ . وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ : اسْتِوَاءُ مُعْتَقَدَيْنِ فِي نَفْسِ الْمُسْتَرِيبِ مَعَ قَطْعِهِ أَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ ، وَفِيهِ زِيَادَةٌ ، وَهِيَ قَوْلُهُ : " اسْتِوَاءُ " وَقَوْلُهُ : " الْمُسْتَرِيبِ " فَإِنَّ أَحَدَهُمَا يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ ، إذْ لَا يُمْكِنُ اسْتِرَابَةٌ مَعَ ظُهُورِ أَحَدِهِمَا ، وَلَا اسْتِوَاءٌ مَعَ عَدَمِ اسْتِرَابَةٍ ، وَأَيْضًا فَغَيْرُ جَامِعٍ ؛ لِمَا إذَا ظُنَّ عَدَمُ الِاجْتِمَاعِ . فَإِنَّهُ خَرَجَ بِقَوْلِهِ : مَعَ قَطْعِهِ أَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ . وَقَالَ الْآمِدِيُّ : وَصْفُ كُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ بِكَوْنِهِ مُعْتَقَدًا ، وَمِنْ ضَرُورَتِهِ تَعَلُّقُ الِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ بِهِ ، وَذَلِكَ مَعَ الِاسْتِوَاءِ مُحَالٌ ، وَقَدْ يَمْنَعُ الِاسْتِحَالَةَ ، إذْ الِاعْتِقَادُ غَيْرُ مُنْحَصِرٍ فِي الْجَازِمِ . وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ : هُوَ الِاسْتِرَابَةُ فِي مُعْتَقَدَيْنِ . وَأَفْسَدَهُ الْآمِدِيُّ بِأَنَّهُ جَمْعٌ بَيْنَ الِاسْتِرَابَةِ وَالِاعْتِقَادِ بِالنِّسْبَةِ إلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ . وَهَذَا الْإِفْسَادُ فَاسِدٌ ؛ لِعَدَمِ اتِّحَادِ الْمَحَلِّ ؛ لِأَنَّ الِاسْتِرَابَةَ فِي تَعْيِينِ الْمُرَادِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ، وَالِاعْتِقَادَ لِصَلَاحِيَةِ إرَادَةِ كُلِّ وَاحِدٍ ، وَقَدْ يَكُونُ مِنْ غَيْرِ جَزْمٍ فَيَكُونُ ذَلِكَ تَرَادُفًا . نَعَمْ هُوَ غَيْرُ جَامِعٍ لِمَا إذَا كَانَتْ الِاسْتِرَابَةُ فِي غَيْرِ نَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ مِنْ وَقْفٍ وَشَكٍّ وَغَيْرِهِ ، وَغَيْرُ مَانِعٍ ؛ لِدُخُولِ الِاسْتِرَابَةِ فِي مُعْتَقَدَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِشَكٍّ فَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ : فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ ، وَلَا يَجْتَمِعَانِ وُقُوعًا . وَقَالَ الْآمِدِيُّ : الْأَقْرَبُ أَنَّ الشَّكَّ التَّرَدُّدُ فِي أَمْرَيْنِ مُتَقَابِلَيْنِ لَا تَرْجِيحَ لِوُقُوعِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فِي النَّفْسِ . انْتَهَى . وَيَرِدُ عَلَى الْجَمِيعِ التَّقَيُّدُ بِالْأَمْرَيْنِ ، فَإِنَّ الشَّكَّ قَدْ يَكُونُ بَيْنَ أُمُورٍ مُتَعَدِّدَةٍ ، كَمَا لَوْ شَكَّ هَلْ زَيْدٌ قَائِمٌ أَوْ قَاعِدٌ أَوْ نَائِمٌ ؟ وَذَكَرَ الْهِنْدِيُّ أَنَّ الشَّكَّ قِسْمَانِ : أَحَدُهُمَا : التَّرَدُّدُ فِي ثُبُوتِ الشَّيْءِ وَنَفْيِهِ تَرَدُّدًا عَلَى السَّوَاءِ . وَالثَّانِي : أَنْ لَا يَتَرَدَّدَ بَلْ يَحْكُمُ بِأَحَدِهِمَا مَعَ تَجْوِيزِ نَقِيضِهِ تَجْوِيزَ اسْتِوَاءٍ . قَالَ : وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فَرْقُ مَا بَيْنَ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا قَدْ يَكُونُ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ عَلَى الِاحْتِمَالَيْنِ ، وَقَدْ يَكُونُ لِدَلِيلَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ عَلَيْهِمَا ، وَأَمَّا الثَّانِي فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِدَلِيلَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْحُكْمُ يُعْتَبَرُ ، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ بِالتَّشَهِّي قَالَ : وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ شَكٌّ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّ مَنْ تَوَقَّفَ عَنْ الْحُكْمِ بِثُبُوتِ الشَّيْءِ وَنَفْيِهِ يُقَالُ : إنَّهُ شَاكٌّ فِي وُجُودِهِ وَنَفْيِهِ . انْتَهَى . وَنَبَّهَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَلَى فَائِدَةٍ ، وَهِيَ أَنَّ الشَّكَّ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مَعَ قِيَامِ الْمُقْتَضِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ . وَقَالَ : هُوَ اعْتِقَادُ أَنْ يَتَقَاوَمَ سَبَبُهُمَا . ذَكَرَهُ فِي " النِّهَايَةِ " فِي أَبْوَابِ الصَّلَاةِ ، وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ مُجَرَّدَ التَّرَدُّدِ فِي الْأَمْرَيْنِ مِنْ غَيْرِ قِيَامِ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ لَا يُسَمَّى شَكًّا ، وَكَذَلِكَ مَنْ غَفَلَ عَنْ شَيْءٍ بِالْكُلِّيَّةِ . فَيَسْأَلُ عَنْهُ لَا يُسَمَّى شَاكًّا . وَكَلَامُ الرَّاغِبِ يُوَافِقُهُ ، فَإِنَّهُ قَالَ : هُوَ اعْتِدَالُ النَّقِيضَيْنِ عِنْدَ الْإِنْسَانِ وَتَسَاوِيهِمَا ، وَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ لِوُجُودِ أَمَارَتَيْنِ مُتَسَاوِيَتَيْنِ عِنْدَهُ فِي النَّقِيضِ أَوْ لِعَدَمِ الْأَمَارَةِ فِيهِمَا . وَالشَّكُّ رُبَّمَا كَانَ فِي الشَّيْءِ هَلْ هُوَ مَوْجُودٌ أَوْ لَا ؟ وَرُبَّمَا كَانَ فِي جِنْسِهِ أَيْ : أَيُّ جِنْسٍ هُوَ ؟ وَرُبَّمَا كَانَ فِي بَعْضِ صِفَاتِهِ ، وَرُبَّمَا كَانَ فِي الْغَرَضِ الَّذِي لِأَجْلِهِ وُجِدَ . وَالشَّكُّ ضَرْبٌ مِنْ الْجَهْلِ ، وَهُوَ أَخَصُّ مِنْهُ ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ قَدْ يَكُونُ عَدَمَ الْعِلْمِ بِالنَّقِيضِ أَصْلًا ، فَكُلُّ شَكٍّ جَهْلٌ ، وَلَيْسَ كُلُّ جَهْلٍ شَكًّا . قَالَ تَعَالَى : { وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ } وَأَصْلُهُ : إمَّا مِنْ شَكَكْت الشَّيْءَ أَيْ خَرَقْته ، فَكَانَ الشَّكُّ الْخَرْقَ فِي الشَّيْءِ وَكَوْنَهُ بِحَيْثُ لَا يَجِدُ الرَّائِي مُسْتَقَرًّا يَثْبُتُ فِيهِ وَيَعْتَمِدُ عَلَيْهِ ، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُسْتَعَارًا مِنْ الشَّكِّ ، وَهُوَ لُصُوقُ الْعَضُدِ بِالْجَنْبِ وَذَلِكَ أَنْ يَتَلَاصَقَ النَّقِيضَانِ . فَلَا يَدْخُلُ الْفَهْمُ وَالرَّأْيُ لِتَخَلُّلِهِ بَيْنَهُمَا ، وَلِهَذَا يَقُولَانِ : الْتَبَسَ الْأَمْرُ وَاخْتَلَطَ وَأَشْكَلَ وَنَحْوَهُ مِنْ الِاسْتِعَارَاتِ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ : فِي الْإِحْيَاءِ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي مَرَاتِبِ الشُّبُهَاتِ : الشَّكُّ عِبَارَةٌ عَنْ اعْتِقَادَيْنِ مُتَقَابِلَيْنِ نَشَآ عَنْ سَبَبَيْنِ ، وَقَالَ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ فِي الْبَحْثِ وَالسُّؤَالِ : إنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ اعْتِقَادَيْنِ مُتَقَابِلَيْنِ لَهُمَا سَبَبَانِ مُتَقَابِلَانِ . وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ لَا يَدْرُونَ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا لَا يُدْرَى وَبَيْنَ مَا لَا يُشَكُّ فِيهِ . وَقَالَ قَبْلَ ذَلِكَ : إذَا دَخَلْت بَلَدًا غَرِيبًا ، وَدَخَلْت سُوقًا ، وَوَجَدْت قَصَّابًا أَوْ خَبَّازًا أَوْ غَيْرَهُ وَلَا عَلَامَةَ تَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ مُرِيبًا أَوْ خَائِنًا ، وَلَا مَا لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ ، فَهَذَا مَجْهُولٌ لَا يُدْرَى حَالُهُ ، وَلَا نَقُولُ : إنَّهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ ، وَقَالَ فِي الْبَابِ الثَّانِي : لَوْ سُئِلَ الْإِنْسَانُ عَنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ الَّتِي أَدَّاهَا قَبْلَ هَذَا بِعِدَّةِ سِنِينَ كَانَتْ أَرْبَعًا أَوْ ثَلَاثًا ؟ لَمْ يَتَحَقَّقْ قَطْعًا أَنَّهَا أَرْبَعُ ، وَإِذَا لَمْ يَقْطَعْ جُوِّزَ أَنْ تَكُونَ ثَلَاثًا ، وَهَذَا التَّجْوِيزُ لَا يَكُونُ شَكًّا إذَا لَمْ يَحْضُرْهُ سَبَبٌ أَوْجَبَ اعْتِقَادَ كَوْنِهِ ثَلَاثًا ، فَلْيُفْهَمْ حَقِيقَةُ الشَّكِّ حَتَّى لَا يَشْتَبِهُ بِالْوَهْمِ وَالتَّجْوِيزِ بِغَيْرِ سَبَبٍ .

مَسْأَلَةٌ [ الشَّكُّ لَا يُبْنَى عَلَيْهِ حُكْمٌ ] وَالشَّكُّ لَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ إذَا كَانَ هُنَاكَ أَصْلٌ اُسْتُصْحِبَ عَلَى خِلَافِهِ . وَاسْتَثْنَى ابْنُ الْقَاصِّ فِي " التَّلْخِيصِ " مِنْ ذَلِكَ إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً وَقَدْ خُولِفَ فِيهَا . .

مَسْأَلَةٌ [ الْوَهْمُ ] الْوَهْمُ : هُوَ الطَّرَفُ الْمَرْجُوحُ . قَالَ ابْنُ الْخَبَّازِ : وَهُوَ كَنُفُورِ النَّفْسِ مِنْ الْمَيِّتِ مَعَ الْعِلْمِ بِعَدَمِ بَطْشِهِ ، وَنُفُورِهَا مِنْ شُرْبِ الْجَلَّابِ فِي قَارُورَةِ الْحَجَّامِ ، وَلَوْ غُسِلَتْ أَلْفَ مَرَّةٍ ، وَلَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْأَحْكَامِ إلَّا فِي قَلِيلٍ ، كَوَهْمِ وُجُودِ الْمَاءِ بَعْدَ تَحَقُّقِ عَدَمِهِ ، فَإِنَّهُ يُبْطِلُ التَّيَمُّمَ عِنْدَنَا . وَنِيَّةُ الْجُمُعَةِ لِمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ بَعْدَ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ ، لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَرَكَ رُكْنًا فَيَأْتِي بِهِ وَنَحْوُهُ .

مَسْأَلَةٌ [ السَّهْوُ وَالْخَطَأُ ] السَّهْوُ : مَا تَنَبَّهَ صَاحِبُهُ بِأَدْنَى تَنْبِيهٍ . وَالْخَطَأُ مَا لَا يَتَنَبَّهُ صَاحِبُهُ ، أَوْ يَتَنَبَّهُ بَعْدَ إتْعَابٍ . قَالَهُ السَّكَّاكِيُّ فِي " الْمِفْتَاحِ " . وَقِيلَ : السَّهْوُ : الذُّهُولُ عَنْ الْمَعْلُومِ . وَظَاهِرُ كَلَامِ اللُّغَوِيِّينَ تَرَادُفُهُ مَعَ النِّسْيَانِ ، وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي " النِّهَايَةِ " : السَّهْوُ فِي الشَّيْءِ تَرْكُهُ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ . وَالسَّهْوُ عَنْهُ تَرْكُهُ مَعَ الْعِلْمِ .[ خَاتِمَةٌ ] لَا شَكَّ فِي أَنَّ الْعِلْمَ وَجَمِيعَ أَضْدَادِهِ مَا خَلَا الشَّكَّ فِيهَا حُكْمٌ ، وَأَمَّا الشَّكُّ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ ، وَأَجَازَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الشَّاكَّ حَاكِمٌ بِكُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ بَدَلَ الْآخَرِ ، وَالْمَشْهُورُ خِلَافُهُ . إذَا عَلِمْت ذَلِكَ ، فَالْمَحْكُومُ بِهِ فِي الْعِلْمِ وَالِاعْتِقَادِ وَالظَّنِّ هُوَ الْمَعْلُومُ وَالْمُعْتَقَدُ وَالْمَظْنُونُ ، وَالْمَحْكُومُ بِهِ فِي الشَّكِّ - إنْ قُلْنَا : إنَّهُ حُكْمٌ - الْأَمْرُ أَنَّ الْمَشْكُوكَ فِيهِمَا ، أَوْ نَفْيَ غَيْرِهِمَا . وَأَمَّا الْوَهْمُ فَهَلْ الْمَحْكُومُ بِهِ الْمَوْهُومُ أَوْ الْمَظْنُونُ ؟ فِيهِ بَحْثٌ ، وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا إشْكَالٌ ؛ لِأَنَّهُ إنْ قِيلَ : الْمَوْهُومُ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الظَّانُّ لَيْسَ حَاكِمًا لِمَا يُقَابِلُ ظَنَّهُ ، فَيَكُونُ حَاكِمًا بِالضِّدَّيْنِ مَعًا يَحْكُمُ بِالْقِيَامِ مَثَلًا رَاجِحًا ، وَبِعَدَمِ الْقِيَامِ مَرْجُوحًا ، وَكَيْفَ يَحْكُمُ الذِّهْنُ بِمَا يَتَرَجَّحُ عِنْدَهُ خِلَافُهُ ؟ . وَإِنْ قِيلَ : إنَّهُ الطَّرَفُ الرَّاجِحُ لَزِمَ أَنْ لَا يَكُونَ الْوَهْمُ مَعْدُودًا فِي الْقِسْمَةِ الْحُكْمِيَّةِ ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ . وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالطَّرَفِ الرَّاجِحِ ، وَإِذَا قُلْنَا بِأَنَّ الشَّكَّ لَا حُكْمَ فِيهِ لِمَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُكْمِ مَعَ الْمُسَاوَاةِ فَلَأَنْ يَقُولُوا بِامْتِنَاعِ الْحُكْمِ بِالْمَرْجُوحِ بِطَرِيقٍ أَوْلَى .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://elnaghy.ahlamontada.com
محمود طه
عضو مبدع
عضو مبدع
محمود طه


عدد المساهمات : 897
نقاط : 1182
التقييم : : 8
تاريخ التسجيل : 01/02/2010
العمر : 36
العمل/الترفيه مشرف قسمى الأدب والشعر واللغة العربية إحذر أن تكون سببا في دموع امرأه... لأن الله يحصي دمعتها ورسوله وصى بها

طُرُقُ معرفة الأشياء Empty
مُساهمةموضوع: رد: طُرُقُ معرفة الأشياء   طُرُقُ معرفة الأشياء Icon_minitimeالجمعة فبراير 12, 2010 8:55 am

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
امة الله
عضو مبدع
عضو مبدع
امة الله


عدد المساهمات : 2095
نقاط : 3500
التقييم : : 98
تاريخ التسجيل : 28/09/2009
العمل/الترفيه مشرف أقسام المرأة المسلمة ومراقب عام الموقع

طُرُقُ معرفة الأشياء Empty
مُساهمةموضوع: رد: طُرُقُ معرفة الأشياء   طُرُقُ معرفة الأشياء Icon_minitimeالأربعاء مارس 10, 2010 6:13 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أم محمود السلفية
عضو مبدع
عضو مبدع
أم محمود السلفية


عدد المساهمات : 783
نقاط : 1108
التقييم : : 12
تاريخ التسجيل : 22/10/2009
العمر : 38
الموقع : www.elnaghy.com

طُرُقُ معرفة الأشياء Empty
مُساهمةموضوع: رد: طُرُقُ معرفة الأشياء   طُرُقُ معرفة الأشياء Icon_minitimeالخميس مارس 11, 2010 7:17 am

بارك الله فيك وجعله المولى فى ميزان حسناتك0.

ودمت فى حفظ الرحمن




[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
طُرُقُ معرفة الأشياء
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سبحان الله : ( اكبر الأشياء فى العالم بالصور)
» التقليد في معرفة القبلة
» أصل المبتدأ ان يكون معرفة
» معرفة التابعين رضى الله عنهم
» معرفة الصحابة رضى الله عنهم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
www.elnaghy.com :: قسم الفقه :: منتدى الفقه وأصوله-
انتقل الى: