الفرزدق
هو همام بن غالب بن صعصعة بن ناجية لتميمي الدارمي. أبو فراس الشهير بالفرزدق, وهي كلمة فارسية (برزءدة) وتعني الرغيف أو قطعة العجين. شاعر من النبلاء ونشأ بالبصرة. مدح الخلفاء الأمويين بالشام ولا سيما عبد الملك بن مروان فوصلوه, ولكنه لم ينفق عندهم لتشيعه لآل علي بن أبي طالب فقد نشأ على حب آل البيت وعلى الاعتقاد بحقهم في الخلافة. مال إلى بني أمية بعد أن خسر العلويون جاههم السياسي وأموالهم. كان معاصرا لجرير, وكان بينهما تحاسد وتنافس, وفتق الهجاء ذهنيهما وأحد لسانيهما, ونمى فيهما قوة المبادهة والمجادلة, وانشعب الناس في أمرهما شعبتين, تناصر كل منهما أحد الشاعرين. كانت له مواقف محمودة في الذود عن آل علي, تجلت فيها صراحته وشجاعته. كان شريفا في قومة عزيز الجانب, يحمي المستجير بقبر أبيه, وكان أبوه من الأجواد الأشراف, وكذلك كان جده صعصعة, فقد عرف أنه محيي الموؤدات في الجاهلية. كان ينشد بين أيدي الخلفاء قاعدا, وهو شيء يتميز به من دون الشعراء. كان غالب شعره بالفخر ولغة الفخر تقتضي الألفاظ الضخمة, والأساليب الفخمة, والكلم الغريب وذكر أيام العرب, لذلك أعجب الرواة به وفضله النحاة وقالوا: لولا شعر الفرزدق لذهب ثلث العربية. كان مقدما في الهجاء, هجا هشام بن عبد الملك فحبسه ثم أطلقه. من قوله وهو يفخر بنفسه:
إذا مــت فــابكيني بمـا أنـا أهلـه فكــل جــميل قلـت فـي يصـدق
وكـم قـائل مـات الفـرزدق والنـدى وقائلــة مــات النـدى والفـرزدق
وقوله:
ولا نليـــن لســـلطان يكايدنـــا حـتى يليـن لضـرس المـاضغ الحجر
ومن أقواله التي يستشهد بها:
قـل لنضـر, والمرء في دولة السلطان أعمـــى مــادام يــدعى أمــيرا
فـــإذا زالــت الولايــة عنــه واســتوى بالرجــال عـاد بصـيرا
ومن أقواله السائرة:
وكنــا إذا الجبــار صعــر خـده ضربنــاه حــتى تسـتقيم الأخـادع
وقوله:
أحلامنــا تــزن الجبال رزانـة وتخالنــا جنــا إذا مــا نجــهل
وقوله:
تــرى كــل مظلـوم إلينـا قـراره ويهــرب منــا جـهده كـل ظـالم
للفرزدق قوله:
تـرى النـاس إن سـرنا يسيرون خلفنا وإن نحـن أومأنـا إلـى النـاس وقفوا
توفي في بادية البصرة وقد قارب المئة