الحطيئة
هو جرول بن أوس بن مالك العبسي. أبو مليكة شاعر مخضرم. أدرك الجاهلية وأسلم في زمن أبي بكر. ولد في بني عبس دعيا لا يعرف له نسب, فشب محروما مظلوما لا يجد مددا من أهله ولا سندا من قومه, فاضطر إلى قرض الشعر يجلب به القوت ويدفع به العدوان وينقم به لنفسه من بيئة ظلمته, ولعل هذا هو السبب في أنه اشتد في هجاء الناس ولم يكن يسلم أحد من لسانه, فقد هجا أمه وأباه حتى أنه هجا نفسه. أكثر من هجاء الزبرقان بن بدر من رؤساء بني تميم, فشكاه إلى عمر بن الخطاب وكان الحطيئة قد قال فيه:
دع المكــارم لا ترحــل لبغيتهــا واقعـد فـإنك أنـت الطـاعم الكاسـي
مـن يفعـل الخـير لا يعـدم جوازيـه لا يـذهب العـرف بيـن اللـه والناس
فعرض عمر شعره على حسان بن ثابت وسأله رأيه فيه, فقال: لم يهجه ولكنه سلح عليه, فحبسه عمر فاستعطفه الحطيئة بأبيات قال فيها:
مــاذا تقـول لأفـراخ بـذي مـرخ زغـب الحـواصل لا مـاء ولا شـجر
ألقيــت كاسـبهم فـي قعـر مظلمـة فـاغفر عليـك سـلام اللـه يـا عمر
فرق له عمر وأطلقه ونهاه عن هجاء الناس, فقال: إذن تموت عيالي جوعا, فاشترى منه الخليفة أعراض الناس بثلاثة آلاف درهم فكف حتى إذا مات عمر عاد إلى طبعه, ولبث على تلك الحال حتى أسكته الموت سنة 45هـ وقيل سنة 59هـ. لقب الحطيئة لأنه كان قصيرا, قريبا من الأرض .