"نعم" إسلامية لتعديلات دستور مصر المؤقت
أجمعت التيارات الإسلامية في مصر على التصويت على التعديلات الدستورية المطروحة بـ"نعم"، كما اعتبرها بعض الأئمة "واجب شرعي". وشدد الإسلاميون بمختلف أطيافهم على الموافقة على هذه التعديلات باعتباره دستورا مؤقتا لحين انتخاب برلمان يأتي بلجنة تأسيسية تكون مخولة بصياغة دستور جديد وكامل للبلاد. ودعت جماعة "الإخوان المسلمين" التي تعتبر أكبر فصيل سياسي في الشارع المصري جموع الإخوان ومحبيهم إلى التصويت بالإيجاب لصالح التعديلات الدستورية المقترحة؛ باعتبارها البداية لأي تغيير متوقَّع، والطريق إلى تعديل الدستور بشكل كامل.
وقال د. محمد مرسي عضو مكتب الإرشاد والمتحدث الإعلامي باسم الجماعة إن الجماعة توافق على التعديلات الدستورية التي اقترحتها لجنة برئاسة المستشار طارق البشري، معتبرا أنها خطوة أولى نحو المسار، والأقرب إلى الطريق الصحيح. وأضاف في مؤتمر صحفي يوم السبت الماضي أن التعديلات الدستورية غير كافية لإرضاء مطالب الثورة والثوَّار، إلا أن البلاد تمرُّ بمرحلة حَرِجَة، تتطلَّب الخروج من عنق الزجاجة، من خلال تلك التعديلات؛ للخروج من الحالة الانتقالية إلى حالة الاستقرار، حسبما نقل موقع "إخوان أون لاين" التابع للجماعة. لكن د. عصام العريان عضو مكتب الإرشاد قال في تصريحات متلفزة إن الجماعة تدعو المواطنين إلى التصويت بما يمليه عليه ضميرهم، نافيا دعوات البعض لتحريم التصويت بـ"لا".
ومن جانبها، دعت الدعوة السلفية بقيادة الشيخ د. ياسر برهامي أبناء الجماعة إلى المشاركة والتصويت بالموافقة على التعديلات الدستورية المطروحة. وأوضحت الدعوة حيثيات موقفها في بيان نشره موقع "صوت السلف"، قالت فيه: "وذلك بناء على أن في هذه المشاركة الإيجابية إعمالا لما تقرر في الشرع الشريف من السعي في تحصيل المصالح وتقليل المفاسد قدر الإمكان". وقالت الدعوة السلفية في بيانها إن التعديلات تضمنت عدة إيجابيات أهمها عدم التعرض للمادة الثانية من الدستور التي تنص على أن دين الدولة هو الإسلام، كما تضمنت التعديلات الدستورية إيجابية في إلغاء المادة 179 الخاصة بمكافحة الإرهاب والتي كانت سيفا مصلتا على العمل الإسلامي برمته، وأن الإشراف القضائي على الانتخابات يعد إيجابية. وانضمت الجماعة الإسلامية بدورها إلى الموافقين على التعديلات. ودعا الشيخ عاصم عبد الماجد القيادي البارز في الجماعة وعضو مجلس شورى الجماعة، إلى التصويت بـ"نعم" على التعديلات الدستورية، بحسب ما نشرت صحيفة "الأهرام" المصرية الإثنين.
ودعا عبد الماجد إلى عدم الالتفات إلى دعوات هدم الدستور حتى لا تكون هناك فوضى في البلاد، مشيرا إلى أن التعديلات كافية في هذه المرحلة الراهنة التي يجب أن يتكاتف فيها الجميع لاستقرار الأوضاع. وبدوره، أيد حزب الوسط التعديلات الدستورية المطروحة. وقال على موقعه الإلكتروني إن "أساس انحيازه لهذا الرأى، هو الرغبة فى التجاوز السريع للمرحلة الانتقالية الراهنة التى تعد حالةً استثنائية ينبغى عدم التوسع فيها، أو حالة ضرورة يجب أن تقدر بقدرها، ليعود الجيش العظيم إلى ثكناته مرةً أخرى لمباشرة اختصاصه الأصيل فى الدفاع والذود عن الوطن، بعد جهوده المشكورة فى حماية الثورة ضد الظلم والاستبداد والفساد". لكنه أكد على أنه "بالرغم من انحياز حزب الوسط لفكرة التصويت بنعـم على التعديلات الدستورية، إلا أنه يرحب بنتيجة الاستفتاء أياً كانت، لأنها أولاً وأخيراً تمثل نجاحاً لإرادة المصريين فى التصويت الحر النزيه لاختيار مستقبلهم على النحو الذى تقره الأغلبية. واعتبر أن "الآلية الملزمة التى نصت عليها التعديلات الدستورية، خاصةً بالفقرة الأخيرة للمادة 189، لوضع دستورٍ جديد، هى الأنسب والأوفق، لأن عملية وضع دستور جديد حينئذٍ ستكون تحت إدارة رئيس منتخب ومجلسين منتخبين". ومن جانبها، أعلنت جماعة أنصار السنة المحمدية أنها توافق على التعديلات المطروحة.
وطالب مجلس شورى الجماعة "المسلمين أن لا يتأخروا عن التصويت بالموافقة على التعديلات، لأن إيجابياتها والمصلحة المرجوة منها أكثر من سلبياتها. وقال جمال عبد الرحمن القيادي بالجماعة إن المجلس دعا فى جلسته الخميس الماضي المسلمين إلى أن يصوتوا فى الانتخابات النيابية والرئاسية القادمة للمرشح الذى يرونه أكثر تبنياً لقضايا الإسلام ومصلحة الأمة، مؤكدين أن الأمة رجالاً ونساءً شيباً وشباباً لن يسمحوا لأحد أن يمس المادة الثانية من الدستور بالتغيير أو التبديل فى أى صياغة مقبلة للدستور. كما قالت "الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح" بمصر –التي يرأسها أ.د. نصر فريد واصل المفتي السابق، وينوب عنه أ.د. علي أحمد السالوس وأمينها العام د. محمد يسري إبراهيم- في بيان لها: "الهيئة ترى الهيئة أن التعديلات الدستورية الجديدة مقبولة في الجملة، والتصويت عليها بالموافقة يمهد لقيام مناخ سياسي أفضل وحريات وحقوق أكمل".
ومن جانبه، أفتى الشيخ أحمد المحلاوي خطيب مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية بأن التعديلات الدستورية المقرر الاستفتاء عليها السبت القادم واجبٌ على كل مسلم الذهابُ للمشاركة فيها، والموافقة عليها.
وأضاف المحلاوي، الذي يعتبره أهل الإسكندرية "خطيب الثورة" بسبب خطبه التي حمست الشباب للمشاركة في ثورة 25 يناير، أن التعديلات الدستورية تضمن الانتهاء من كل مطالب الثورة المطلوبة، وعلى رأسها إعداد دستور جديد للبلاد، يحقِّق طموحات كل الشرفاء والوطنيين من أبناء هذا البلد.
ودعا المفكر الإسلامى الدكتور محمد سليم العوا، جموع الشعب المصرى بالخروج إلى الاستفتاء "بنعم" على الدستور وألا يجلس فى البيت أحد لديه بطاقة رقم قومى، مؤكدا أن عدم الذهاب إلى الاستفتاء والقعود أمر خطير على مستقبل البلد. وأضاف: "الذى يحب مصر عليه أن يصوت بالإيجاب على تلك التعديلات"، مشيرا أن وضع دستور جديد كاملا للبلاد ليحل محل دستور مضى على وضعه 40 سنة منذ عام 1971 أمر لا يمكن أن ينجز فى المدة القلية المتبقية من الفترة الانتقالية والمتبقى منها أقل من 4 أشهر ونصف، لأن الجيش قرر أن تكون الفترة الانتقالية 6 أشهر. وبدوره، قال الشيخ محمد بن عبد الملك الزغبي أنه بعد دراسة التعديلات أعلن موافقته عليها، مع التنبيه على أن هذا التعديل الدستوري إذا كان مؤقتاً لحين إنتخاب رئيساً جديداً للبلاد، فيجب عليه أن يأتي بدستور جديد تكون مواده لا تخالف الشريعة الإسلامية وتكون الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع وعدم وجود مواد أخرى للتشريع.
ومن المقرر أن يصوت المصريون يوم 19 مارس القادم بـ"نعم" أو "لا" على سؤال من شقّين أحدهما حول الموافقة على تعديل تسع مواد من الدستور والثاني على إنشاء مجلس تأسيسي بعد انتخابات مجلس الشعب من أجل إعداد دستور جديد للبلاد. وتعديلات الدستور تناولت تسع مواد هي (75 و76 و77 و88 و93 و139 و148 و79 و189) وهي تعديلات تزيل القيود المفروضة على الترشح لرئاسة الجمهورية وتمنع بقاء الرئيس في السلطة لأكثر من ولايتين متتاليتين مدة كل منهما أربع سنوات.
كما تلغي هذه التعديلات المادة 139 التي تتيح لرئيس الجمهورية إحالة المدنيين إلى القضاء العسكري وتخول مجلس الشعب الذي يفترض انتخابه بعد التعديلات الدستورية، أي في يونيو المقبل اختيار لجنة لوضع دستور جديد للبلاد خلال ستة أشهر من انتخابه.
إذا ما تمت الموافقة على التعديلات الدستورية فإنه يفترض، وفقا للجدول الزمني الذي وضعه المجلس الأعلى للقوات المسلحة، إجراء انتخابات تشريعية مطلع يونيو المقبل على أن تليها انتخابات رئاسية بعد ثلاثة أشهر.