هل ستنقص بدوني ؟!

جلست أنصت لخطبة الجمعة ودارت عيني بالمسجد فيمن يجلسون عن يميني وشمالي وسألت نفسي : هل هؤلاء الناس هم نفسهم من كان هنا منذ عام أو عامين أو عشرة ؟

وكانت الإجابة الصادمة : لا

فعدت أسأل نفسي وهل أضمن أن أكون هنا الجمعة القادمة ؟ بل هل أضمن أن أكون هنا في صلاة العصر ؟ بل هل أضمن أن أتم صلاتي ؟

وازدادت همومي أكثر عندما سألت نفسي : ومن سيفتقدني ؟ وهل ستنقص الدنيا إن تركتها شيئا ؟

وهل لي تأثير في الدنيا أم أنه سيصدق في القول (( فما بكت عليهم السماء والأرض )) ؟

فكم من ميت غادرونا وطويت سيرتهم مع الأيام ولم يعد لهم فينا أي ذكرى !

وكم من قرون ولت وخلفت بعدها نسيانا كبيرا فلا نعرف عنهم شيئا وكم من ملايين عمروا الأرض وسكنوها ثم أين هم ومن هم ؟

ثم خلصت بإجابة صادمة أكثر وهي أنني أقل بكثير من الصفر والذي على الرغم من ضآلته إلا أنه ذا فائدة أكبر مني أما أنا فأين أنا في هذه الحياة ومن أكون وأين أسير؟

ثم وسعت نظرتي أكثر ونظرت بعد أن خرجت إلى السماء وتخيلت كلام العلماء عن حجم الأرض وحجمي وعن القوى الرهيبة المخزونة فيها ثم كلامهم عن حجم الشمس مقارنة بالأرض وكيف أن الأرض بحجمها الرهيب بالنسبة لنا لا تساوي شيئا إذا قورنت بالشمس ثم ذهلت أكثر عندما تذكرت كلامهم بأن الشمس ما هي إلا نجم من مليارات النجوم في مجرتنا ثم ذهلت أكثر عندما تذكرت أن هناك من المجرات ما لا يعلمه إلا الله بعد أن وقفت حدود علم الإنسان وقدراته عند بعضها وقلت في نفسي : من أنا وأين أنا من هذا ؟

ياله من جحود أن أظن نفسي كبيرا !

ياله من جحود أن أظن نفسي قويا !

ياله من جحود أن أظن نفسي عالما !

فأنا صغير في الحجم قليل في العلم ضعيف محدود القوة ذا عمر محدود وذكر محدود ونسيان أكيد من قوانين وذكريات البشر !

وبالرغم من هذا ورغم علمي اليقيني أن الذي خلقني وخلق هذا الكون وسخره لي وأعطاني العقل والقوة لإعماره هو الله لا إله غيره إلا أنني مازلت أبارزه وهو القوي وأنا أضعف الضعفاء وهو العليم وأنا الجهول وهو الخالق وأنا المخلوق أبارزه بالمعاصي ويمن علي بنعمه وعفوه ورحمته

فهل ستنقص الأرض بدوني ؟

وهل ستتأثر بي الحياة بعدي كما أملأها ضجيجا وصخبا بمعصيتي ؟

ولم أيأس لأن الذي خلقني حكيم خبير فلابد أن وراء خلقي حكمه وعدت إلى نفسي وأخذت على نفسي عهدا أن أكون في دار الذكر وأن أسعى لها لعلني أحظى برضاه ولعلني أنال جائزته الغالية التي يطمع فيها أهل الإيمان بها.

بارك الله فيك ورزقك الفردوس

نسأل الله ان يتولنا برحمته

أسأل الله أن ييسر لنا طاعته ويجعلنا ممن يقدرون أوقاتهم ونستطيع أن نستغل ألأوقات

وأن نجعل حياتنا كلها لله فلا نضيع من أوقاتنا ما نتحسر عليه يوم القيامة

وبذلك تبكينا الايام وتشعر بغيابنا

والله إنى لأشم فى هذه الكلمات المباركة الخوف والرجاء

وإنى علمت أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : " ما أجتمعا فى قلب عبد مؤمن إلا أمنه الله مما يخاف وأعطاه ما يرجو "

أى هاتين الصفتين وإن لأرجو الله عز وجل أن يؤمنك يوم تلقاه مما تخاف ويعطيك ما ترجو

فجزاك الله خيراً أخى الحبيب حسن