ربنا ولك الحمد
ربنا ولك الحمد جملة عظيمة يقولها المصلي حين يرفع من الركوع ويستتم قائماً ويعتدل وذلك بعد أن أثنى على ربه تبارك وتعالى في الركوع وبعد أن يبشر بتلك البشارة العظيمة " سمع الله لمن حمده " ، فما معنى " سمع الله لمن حمده " ؟ وما الذي جاء في فضل " ربنا ولك الحمد " وماذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في هذا الركن ؟
تعال معي أخي الكريم إلى وقفات سريعات وتأملات في هذا الركن العظيم من أركان الصلاة :-
1- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع يرفع يديه حذو منكبيه ويقول: " سمع الله لمن حمده " ثم يقول: " ربنا ولك الحمد " لحديث أبي هريرة رضي الله عنه (1) ، ومعنى " سمع الله لمن حمده " أي: استجاب، قال النووي رحمه الله: معناه أن من حمد الله تعالى متعرضاً لثوابه استجاب الله تعالى له وأعطاه ما تعرض له ، (2) ويدل على أن معنى " سمع " استجاب أن مجرد السماع لا يستفيد منه الحامد لأن الله تبارك وتعالى يسمع من يحمده ومن لم يحمده وإنما يستفيد بالاستجابة (3)، وقد يكون هذا أحد أسباب فرح الصحابي الآتية قصته حين سمع هذه العبارة فرفع صوته بالحمد رضي الله عنه.
2- سمع أحد الصحابة رضي الله عنهم أجمعين النبي صلى الله عليه وسلم حين رفع رأسه من الركعة يقول: " سمع الله لمن حمده " فقال رضي الله عنه: " ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه " ولما انتهى النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة قال: من المتكلم ؟ قال: أنا، قال: " رأيت بضعة وثلاثين ملكاً يبتدرونها أيهم يكتبها أول ". (4)
تأمل أخي بضعة وثلاثين ملكاً كلهم يسارعون إلى كتابتها ويتسابقون على ذلك، تأمل هذا أخي كثيراً ولا تجعله يمر عليك مرور الكرام، لماذا كانوا بضعة وثلاثين مع أن الذي يكتب الحسنات ملك واحد كما هو معلوم، ولماذا بادروا إلى كتابتها وتسابقوا على ذلك ؟ لا أملك الجواب ولا أستطيعه. (1)
وعد إلى ذلك الصحابي رضي الله عنه لقد قال تلك الجملة على سجيته لأن النبي صلى الله عليه وسلم استفسر: من المتكلم ؟ (2) فيظهر أنه لم يتعلمها من النبي صلى الله عليه وسلم، نعم لقد فرح بأن الله تعالى استجاب لحمده وثناءه فيا له من فرح ما أجمله وأبهاه، وعبر عن فرحه بهذه الكلمات " ربنا ولك الحمد حمد كثيراً طيباً مباركاً فيه " .
3- جاء في فضل قول: " ربنا ولك الحمد " ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه " تأمل " غفر له ما تقدم من ذنبه " (3)
4- وردت هذه الجملة " ربنا ولك الحمد " على عدة صفات كلها ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ويقولها الإمام والمأموم والمنفرد وهي:
1- ربنا لك الحمد. (4)
2- ربنا ولك الحمد. (5)
3- اللهم ربنا لك الحمد. (6)
4- اللهم ربنا ولك الحمد. (7) قال ابن حجر رحمه الله: وفي ثبوتها – أي اللهم – تكرير للنداء كأنه قال: يا الله يا ربنا. (8)
وينبغي على المصلي أن يقول هذا مرة وهذا مرة ولا يقولها جميعها في وقت واحد، ومن فوائد ذلك:
1- الإتيان بالسنة على جميع وجوهها.
2- حفظ السنة لأنه إذا قالها حفظها.
3- أن ذلك يعينه على التدبر والتفكر بخلاف الاعتياد على ذكر واحد. (1)
(1) رواه البخاري رقم 789 ومسلم رقم 392 وفيه " ثم يقول سمع الله لمن حمده حين يرفع
صلبه من الركعة ثم يقول وهو قائم: " ربنا ولك الحمد ".
(2) مسلم بشرح النووي 4/438 -
(3) تنبيه الافهام بشرح عمدة الأحكام 1/180 – الشرح الممتع 3/96 لابن عثيمين رحمه الله.
(4) البخاري مع الفتح ، الاذان رقم 799.
(1) قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: والظاهر أن هؤلاء الملائكة غير الحفظة ويؤيده ما في الصحيحين عن أبي هريرة
مرفوعاً " إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر" واستدل به على أن بعض الطاعات قد يكتبها غير الحفظة.
فتح الباري 2/334 ( الريان).
(2) قال ابن حجر رحمه الله: والحكمة في سؤاله له صلى الله عليه وسلم له عمن قال أن يتعلم السامعون كلامه فيقولوا مثله.
( السابق ص 335 ).
(3) البخاري مع الفتح رقم 796 ومسلم رقم 409.
(4) البخاري مع الفتح رقم 788.
(5) البخاري مع الفتح رقم 732 ومسلم رقم 411.
(6) البخاري مع الفتح رقم 796 ومسلم رقم 409.
(7) البخاري مع الفتح رقم 795.
(8) فتح الباري 2/330.
(1) صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ابن عثيمين 16-17 ( دار المسلم).