www.elnaghy.com
عزيزي الزائر
هذه الرسالة تفيد أنك غير مسجل
يمكنك التسجيل ببساطة ويسعدنا انضمامك إلينا
www.elnaghy.com
عزيزي الزائر
هذه الرسالة تفيد أنك غير مسجل
يمكنك التسجيل ببساطة ويسعدنا انضمامك إلينا
www.elnaghy.com
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

www.elnaghy.com

منتدى الشيخ الناغى للعلوم الإسلامية
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
دعوة لإخواننا جميعا - شاركونا في استمرار هذا العمل الصالح لنحقق معا الأهداف التي قام من أجلها وهي : نشر العلم النافع ، نشر العقيدة الإسلامية والدعوة إليها ، الدفاع عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم ودفع الشبهات عن الإسلام والمسلمين ، إصلاح حال الأمة بإصلاح عقيدتها وبيان صالح الأعمال ومكارم الأخلاق ، السعي في مصالح الناس بما نستطيع من صالح العمل.

 

 استعمال الرحمة والرفق وخفض الجناح

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سيف اليزل فرج
عضو بارز
عضو بارز



عدد المساهمات : 130
نقاط : 402
التقييم : : 0
تاريخ التسجيل : 29/10/2010

استعمال الرحمة والرفق وخفض الجناح Empty
مُساهمةموضوع: استعمال الرحمة والرفق وخفض الجناح   استعمال الرحمة والرفق وخفض الجناح Icon_minitimeالجمعة أكتوبر 29, 2010 5:26 pm

استعمال الرحمة والرفق وخفض الجناح
قال الله تعالى ـ مناديا النبي  ـ " وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ " الشعراء/215 .
آه …" خفض الجناح " إنها كلمة تأسرني تستثيرني ، وقد أمرنا الله بذلك تجاه الوالدين فقال : " وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا "  الإسراء/24
ووصف الله المؤمنين بأنهم " أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِين" [ المائدة/54
نعم هؤلاء قوم يحبهم الله ويحبونه،يذلون لإخوانهم يتواصون بالرحمة فيما بينهم يقول الله في وصف أحباب النبي محمد  " أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُم " الفتح/29
إخوتاه
إننا بحاجة إلى لم شمل المؤمنين ،إلى جمع كلمة المسلمين ،إلى تأليف قلوب الناس أجمعين ، وليس ثمَّ مدخل لذلك أسمى من الرفق ، ذُكِرَ عن الإمام علي  أنَّه قال : القلوب وحشية فمن تألفها أقبلت عليه.
القلوب وحشية بمعنى أنها نافرة تبتعد عن الألفة ، القلوب كأنها دواب وحشية لا تعرف الرقة في طبعها، إذا اقتربت منها تهرب بعيدا ،أو هي من منطلق "الدفاع عن النفس" تهجم عليه لتؤذيه ، فمن كان صاحب فطنة قام بترويض هذه الوحوش وتأليفها ،فإنه بذلك يستطيع – بحول الله وقوته ـ أن يقلب طبيعتها الوحشية إلى طبيعة أليفة فتقبل عليه وتلتصق به كما تلتصق الهرة إذا مسحت على ظهرها مداعبا ،فالقلوب كذلك تحتاج إلى شيء من الرفق ، وفي سيرة النبي  أمثلة حية على ذلك :
عن محمد بن جعفر بن الزبير قال: جلس عمير بن وهب الجمحي وصفوان ابن أمية بعد مصاب أهل بدر من قريش في الحجر بيسير ، وكان عمير شيطانا من شياطين قريش وكان ممن يؤذي رسول الله  وأصحابه ويلقون منه عناء أذاهم بمكة،وكان ابن وهب بن عمير في أسارى أصحاب بدر.
قال: فذكر أصحاب القليب بمصابهم . فقال:إنْ في العيش خير بعدهم .
فقال عمير بن وهب: صدقت والله لولا دين علي ليس عندي قضاؤه وعيالي أخشى عليهم الضيعة بعدي لركبت إلى محمد حتى أقتله فإن لي فيهم علة ،ابني عندهم ، أسير في أيديهم.
قال:فاغتنمها صفوان فقال:عليَّ دينك أنا أقضيه عنك ، وعيالك مع عيالي أسويهم ما بقوا ،لا نسعهم بعجز عنهم.
قال عمير:اكتم عني شأني وشأنك . قال:أفعل. ثم أمر عمير بسيفه فشحذ وسم ثم انطلق إلى المدينة ، فبينما عمر بن الخطاب  بالمدينة في نفر من المسلمين يتذاكرون يوم بدر ، وما أكرمهم الله به ، وما أراهم من عدوهم ،إذ نظر إلى عمير بن وهب قد أناخ بباب المسجد متوشح السيف .
فقال :هذا الكلب والله عمير بن وهب ، ما جاء إلا لشر،هذا الذي حرش بيننا وحرزنا للقوم يوم بدر ، ثم دخل عمر على رسول الله  فقال: يا رسول الله هذا عمير بن وهب قد جاء متوشحا بالسيف ، قال : فأدخله.
فأقبل عمر حتى أخذ بحمالة سيفه في عنقه فلببه بها ، وقال عمر لرجال من الأنصار ممن كان معه : ادخلوا على رسول الله  فاجلسوا عنده واحذروا هذا الكلب عليه فإنَّه غير مأمون . ثم دخل على رسول الله  به وعمر آخذ بحمالة سيفه ، فقال:أرسله يا عمر،ادن يا عمير، فدنا .
فقال: انعموا صباحا ـ وكانت تحية أهل الجاهلية بينهم ـ .
فقال رسول الله صلى عليه وسلم : قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير،السلام تحية أهل الجنة.
فقال: أما والله يا محمد إن كنت لحديث العهد بها.
قال فما جاء بك ؟ قال: جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم.
فأحسبه قال: فما بال السيف في عنقك .
قال : قبحها الله من سيوف ،فهل أغنت عنا شيئا.
قال:اصدقني ما الذي جئت له ؟
قال :ما جئت إلا لهذا. قال : بلى قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحجر فتذاكرتما أصحاب القليب من قريش ، فقلت:لولا دين علي وعيالي لخرجت حتى أقتل محمداً ، فتحمل صفوان لك بدينك وعيالك على أن تقتلني والله حائل بينك وبين ذلك.
قال عمير:أشهد أنك رسول الله ، قد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء وما ينزل من الوحي ، وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان فوالله إنَّي لأعلم ما أنبأك به إلا الله ، فالحمد لله الذي هداني للإسلام وساقني هذا المساق ،ثم شهد شهادة الحق.
فقال رسول الله : فقهوا أخاكم في دينه وأقرؤوه القرآن وأطلقوا له أسيره" أهـ 1
ثم مضى عمير إلى مكة ، وأخذ يدعو أهلها بعد إسلامه فاغتاظ المشركون وعلى رأسهم صفوان بن أمية حتى لعنوه.
وممَّا يَجمُل ذكره أنَّ عمر بن الخطاب قال : لخنزيرٌ كان أحب إليَّ منه حين اطلع ، وهو اليوم أحب إلي من بعض بنيِّ.
إخوتاه
انظر لرفق رسول الله  بالرجل ومحاورته الهادئة معه ، فعلم أنَّ رسول الله  كان يدري حقيقة أمره ، ورغم ذلك لم يأمر بضرب عنقه ولا بقتله.
وانظر إلى الأخوة الإيمانية ومفعولها السحري ،الرجل كان بغيضا أشد ما يكون البغض لقلب عمر  وبمجرد أن أسلم صار أحب إليه من بعض أولاده.
هذا الذي ندعو إليه ـ الآن ـ ، هذا الذي ألتمسه في معاملاتكم ، هذا الذي أنقب عنه في صدوركم ، آه .. لو تستجيبون …آه لو تعلمون ،اللهم حببنا في كل من يحبك وارزقنا حب من يحبك ، وحب عمل يقربنا إلى حبك.
إخوتاه
تحتاج أن تضع يدك على من يعنفك حين تدعوه وتقول: اللهم اشرح صدره ، واهد قلبه ، وأصلح حاله ، ويسر أمره ، واعف عنه.
فبمجرد أن يراك تدعو له ، سينشرح صدره ، وإذا زاد تعنيفه لك فقل له:أسأل الله أن يعفو عني وعنك.
يقول لك:أنت تحسب نفسك عالما،من أنت حتى تنصحني؟!! فقل: أحسنت ما شاء الله ،بارك الله فيك ،غفر الله لي ولك وعفا عني وعنك ، وهداني وإياك ، انصحني ـ أخي ـ فقد ترى من عيبي مالا أبصره ،جزاك الله خيرا فقد كنت ألتمس أن نتواصى بالحق ونتناصح في الدين.
وهكذا فستجد بإذن الله استجابة وألفة ومحبة يلقيها الله في صدره ولا تيأس ، فما دخل الرفق في شيء إلا زانه. قال تعالى : " ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ " [فصلت /34]
إخوتاه
إن الدعوة بالكلام وحده لا تكفي ، فلابد من السمت الطيب والمعاملة الحسنة ، والرفق الذي يجذب قلوب الناس ، ولابد من المبالغة في ذلك ، فالنفوس مختلفة ، والبيئات مختلفة ، والتنشئة والتربية مختلفة ، والناس معادن فمنهم كالذهب ، ومنهم كالفضة ، ومنهم كالحديد…وهكذا ، فليس كل الناس يصلح لهم أسلوب معين لدعوتهم ،وجميعهم يحتاجون إلى عمليات صهر حتى تنصهر جميعا في بوتقة الأخوة ، فيصيرون على قلب رجل واحد كأنهم قالب واحد. اللهم ألف بين قلوبنا ولا تجعل لغيرك فيها شيئا.
إخوتاه
لابد من رفق يناسب كل معدن من تلك المعادن ، لابد أن تكون ذا يد حساسة تشعر بنوع ما تلمسه ، ثم تستطيع بعد ذلك أن تصلحه وتعامله مرة أخرى ، حينها تجتمع القلوب كما يجتمع النَّمل على قطعة السكر.
إخوتاه
الرفق كلمة جميلة ترفقت بها كثيرا قبل إيرادها في هذه الورقات ، وضعتها بيسر على الخطوط كي يتلاءم معناها مع مغزاها ،إنني وضعت كلمة "الرفق" برفق حتى تصل إلى الأخ الفاضل ـ حبيبي وأخي في الله ـ لينة سهلة ، فنستطيع بعد ذلك استثمار معانيها وترجمتها إلى واقع حي .
إخوتاه
قال الله لنبيه  : " فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ واسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ " آل عمران/159
نعم إنَّ الله يعلم نبيه كيف يدعو الناس ، وهو أحسن الناس خلقا ، زكاه الله فقال : " وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ " القلم/4 إلا أنَّ شأن الدعوة خطير، ويحتاج إلى تدريب وممارسة.
يقول : " فبما رحمة من الله لنت لهم " فاللين نتج عن محض رحمة الله جل وعلا، فاللهم هبْ لنا الرحمة من عندك تهدِ بها قلوبنا وتؤلف بيننا .
كان عمر حين تولى الخلافة يدعو ربه في جوف الليل فيقول: اللهم إنِّي حديد فليني للمسلمين.
فالله وحده الذي يسبغ على عباده هذه الرحمات فتلين القلوب ، وما الصنيع إن نزع الله الرحمة من قلوب الغلاظ الأشداء ، فسل الله قلبا لينا.
إخوتاه
دعونا نتصارح ،ألست محتاجا إلى كنف رحيم ، ألسنا جميعا بحاجة إلى رعاية فائقة ،إلى بشاشة وسماحة ، إلى ود وألفة ، إلى محبة تسعنا وحلم لن يضيق علينا بجهلنا وضعفنا ونقصنا، والله إنَّنا ـ جميعاً ـ لفي أمس الحاجة إلى القلوب الكبيرة التي تسعنا وتعطينا ولا تأخذ منا.
فإنَّ قسوة الظروف وضراوة التحدي وعمق المأساة التي يعانيها المسلمون ، والتي يتكبدها الملتزمون على وجه الخصوص ، هذا كله يجعلنا في حاجة إلى " الأخوة الصادقة " التي لا تعرف المصالح ، بل قانون المنفعة الذي يحكمها هو" زيادة الإيمان " فأنت تنفعني في ديني وأنا أنفعك في دينك.
هذه القلوب الكبيرة أين هي؟ هذه الصدور الحنونة التي نريح عليها رؤوسنا أين ـ بالله ـ نجدها ؟ نريد من نبكي على صدره ويحمل همومنا ولا يعنينا بحمل همه ، نريد من يهتم بنا ويرعانا يعطف علينا ، يعاملنا بالسماحة والرضا والود ، نريد أصحاب الوجوه البشوشة، أصحاب البسمة العطرة والكلمة الندية.
أين نحن من رسول الله  وقد كان الصحابة إذا حزبهم أمرٌ أتوه ، فبمجرد أن ينظروا إليه تنشرح صدورهم وينقلب غمهم سرورا .
إخوتاه
هذا واجبكم وواجب الدعاة في كل زمان أن يحملوا همَّ الناس ولا يتعبوا الناس بحمل همومهم ، أن يبشوا في وجوه الناس ولا يطلبون من الناس تلك البشاشة ، أن يحسنوا إلى الناس ولا ينتظرون جزاء الإحسان ، أن يساعدوا الناس ولا ينتظرون مساعدة من أحد، هذا واجبك ؛ لأنَّ الدعوة واجبة على كل مسلم.
إخوتاه
من أسباب ضياع معاني الأخوة ، أن تنتظر من أخيك أن يصنع ما هو أفضل دائما،علينا أن نأخذ زمام المبادرة وقصب السبق حتى لا تنتكص على عقبيك مخذولا ، ويتسلل إليك الفتور ، وتبتلى بالحور بعد الكور ، والوقوع في الضلال بعد الهدى.
وتذكرها دائما واجعلها نصب عينيك" إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا " "[ الإنسان/9ـ10 ]
قل كما قالت الرسل في كل زمان " يَا قَوْم لا أسألكم عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلاَ تَعْقِلُونَ " هود/51
حين تفطن إلى ذلك وتصير ذلك القلب الكبير فعليك أن تدرك أنَّ أول الأمر وغايته ومنتهاه يكمن في الرحمة والرقة واللين والوداعة وطيب النفس والخلق فإنَّها أدواتك حتى يتسع قلبك للناس جميعا.
إخوتاه
لا يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر إلا من كان فقيها فيما ينهي عنه ، وفقيها فيما يأمر به ، رفيقا فيما يأمر به ، رفيقا فيما ينهي عنه ، حليما فيما يأمر به ، حليما فيما ينهي عنه.
هذا كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالته " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " أورده من كلام بعض السلف ، وعليك أن تتدبره جيدا فإنَّه ثمين للغاية ، فانظر كيف أنَّ أبجديات الدعوة إلى الله تقوم على هذه الخصال الثلاثة :الفقه والرفق والحلم حتى لا ينفر الناس.
الرفق في أخذ هذا الدين عامل رئيس في تكوين صورة المسلم ، فالاتزان في الالتزام نتيجة التعامل مع الفطرة ومع الدين ، فإنَّ السبب الرئيسي للتفلت أخذ الدين بصورة غير طبيعية بشيء من العنف وعدم الرفق فينتج عنه هذا الاعوجاج.
قال  " إنَّ هذا الدين فأوغلوا فيه برفق "1
فعليك بالرفق في أخذ تعاليم الإسلام ، وعليك بالرفق في تطبيقها ،وإياك أن تظن أن معنى الترفق في الأمور هو الوقوع في المحظور ، فهذا مالا ينبغي أن يتطرق إليه فهمك ، بل المقصود الترفق في تلقي الأمور.
قال  " فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم"2
ففي المنهيات لا يوجد تفاهم ،أما الأوامر فشأنها أوسع.
إخوتاه
لابد من التدرج ، ولا يكون التدرج تكأة يتكأ عليها من لا يدرك فيذهب في غمرات الغفلة ، وإنما التدرج يكون بالتمهيد للعمل ثم نعمل ونمهد لغيره حتى نصل.
التدرج هنا أن يتصاعد بك مؤشر إيمانك ، فتبدأ بإدامة الصلوات الخمس في جماعة ، ثم المحافظة على السنن الرواتب ، ثم تحافظ على قيام الليل ، ثم تنشط في صيام النوافل ، لا بأس بثلاثة أيام من كل شهر ، ثم تداوم على صيام الاثنين والخميس ، ثم يرتقي بك الحال لصيام يوم وإفطار يوم على هيئة صيام نبي الله داود ـ عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ـ وهكذا. هنا نقول لمن يريد الوصول لهذه المرتبة من اللحظة الأولى ارفق بنفسك ،لا أنَّ الترفق يكون بترك الأوامر وفعل المحظورات ، بل هذا في باب المندوبات والمستحبات من الأعمال. " ومازال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ".1
فالدين كلٌ واحد ، قال تعالى: " يَأيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي الْسِّلْمِ كَافَّةً "  البقرة/ 208
فالمقصود ـ إخوتاه ـ أن نتبصر حقيقة الرفق .
قال  : " لن يشاد الدين أحد إلا غلبه ، فسددوا ، وقاربوا ، وأبشروا ،واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة "2
إخوتاه
حين آمركم بالتواصي بالرفق في معاملة الناس ، وبتحري الرفق في علاقاتكم الأخوية أريدك أن تدرك أن ذلك من مقاصد شريعة الإسلام ، فالتيسير أمر مراد ، " يُرِيدُ اللَّهَ بِكُم الْيُسْرَ "  البقرة/185 والتعسير أمر غير مستطاب " وَلَا يُرِيدُ بِكُم الْعُسْرَ" البقرة/185
وهذا لا يعني أن ننحرف لذوي الأفهام السقيمة من المبتدعة وأهل الأهواء حين يظنون أن الرفق يقتضي الوقوع فيما حرم الله بدعوى التيسير ، بل كل ما جاءت به شريعة الرحمن فهو لجلب المصالح (سواء كانت معلومة أو خافية عن العبد ) ودرء المفاسد ، وليس الدين باتباع الهوى.
إخوتاه
أسأل الله لي ولكم السداد ، آه لو أنعمنا البصيرة ، فانظر كيف ربط رسول الله  بين الرفق والسداد ، وكأنها وصية الوقت ، فإنَّ السداد يعني التركيز على الهدف لإصابته ،أي ليكن شغلك الشاغل منصبا على هدفك وهو"الجنَّة" فإن كنت لا تستطيع ذلك فلا بأس بالمقاربة ، وطالما الأمر كذلك فأبشر ، لكن لا تطمئن لعملك بل عليك بالمزيد فأكثر من فعل الصالحات واغتنم الأوقات ، وهذا شأن تلقيك للأوامر توجه للهدف ، حاول مرة بعد أخرى ، لا تمل ، ولا تيأس ، بل أبشر ، وابدأ في التدرج في الزيادة ، والله يعينك .انظر لبساطة الموضوع والرفق في توضيحه حتى لا تنوء بنا الطرق لغياهب الغلو والشطط.
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا ، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير ، واجعل الموت راحة لنا من كل شر.
إخوتاه
قال  : " إنَّ الله رفيق يحب الرفق ، ويعطي على الرفق مالا يعطي على العنف "1
يقول ابن المنير : " هذا الحديث علم من أعلام النبوة ، وقد رأينا ورأى الناس قبلنا أنَّ كل متنطع في الدين ينقطع، وليس المراد منع الطلب الأكمل في العبادة فإنَّه من الأمور المحمودة ، بل المراد منع الإفراط المؤدي إلى الملال أو المبالغة المفضية إلى ترك الأفضل أو إخراج الفرض عن وقته " .
إخوتاه .. الرفق بالنفس.. الرفق بالمسلمين ، فما نزع الرفق من شيء إلا شانه ، فاعلموا ـ رحمكم الله ـ أن أعظم مراتب الإيمان حسن الخلق ، ومن أجل الأخلاق فضلا الرفق ، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله  " أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا" 2
وعن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله  " إنَّ من أحبكم إليَّ أحسنكم أخلاقا "1
وعنه قال : قال رسول الله  " إنَّ من خياركم أحسنكم أخلاقا " 2
وعن أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنهاـ قالت: سمعت رسول الله  يقول : " إنَّ المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة قائم الليل وصائم النهار"3
أما حسن خلقه  ورفقه فنسيج وحده .
عن أنس بن مالك قال : كانت امرأة في عقلها شيء قالت :يا رسول الله إنَّ لي إليك حاجة ، فقال :يا أم فلان انظري أي السكك شئت حتى أقضي لك حاجتك ، فخلا معها في بعض الطرق حتى فرغت من حاجتها ثم رجع.4
كان إذا جاء الغداة جاء خدم المدينة بآنيتهم فيها الماء ، ما يؤتي بإناء إلا غمس يده فيه وربما جاؤوا في الغداة الباردة فيغمس يده فيها.5
فهؤلاء كانوا يلتمسون بركة النبي  يأتون بإناء فيه ماء ليضع الرسول  يده فيه ثم يشربون منه أو ينتفعون به ، فربما يأتون في اليوم البارد والماء كأنه ثلج ، ومع ذلك يضع يده  .
أما الصحابة والسلف الصالح فشيء عجيب شأنهم ،انظر للرجل الذي جاء لعمر بن الخطاب  بصدقة ماله ، فقال له عمر: بارك الله لك في مالك.
قال الرجل : يا أمير المؤمنين وأهلي ؟
قال : ولك أهل ؟
قال: يكون إن شاء الله .
قال عمر : وأهلك إن كانوا معك إن شاء الله .
فانظر لرفق عمر وطيب معاملته للرجل ، فكأنه رأى صغره أو علم أنَّه غير متزوج فيتعجب لطلب الرجل أن يدعو لأهله ، ثم يلاطفه ويداعبه ويدعو له ولأهله إن كانوا إن شاء الله.
أمير المؤمنين يلاطف الناس ويداعبهم مع ما علم عن شدته في دين الله ، لكنَّها شدة في الحق لا عن غلظ وقساوة ، كيف وعمر أرق الناس قلبا ، وخشيته لله معلومة ،ووجله وخوفه معروف تشهد له المواقف الكثيرة.
وانظر إلى غاية الأدب في شخص الإمام أحمد إمام أهل السنة.
يقول سلمة بن شبيب : سألت الإمام أحمد بن حنبل عن محمد بن معاوية النيسابوري .
فقال: نعم الرجل يحيى بن يحيى .
فمحمد بن معاوية متروك كما يقول عنه الحافظ في التقريب وكان يتلقن ، وقال عنه ابن معين : كذاب.
فعندما سئل الإمام أحمد عنه ترك الكلام فيه ، وأخبر السائل عن رجل آخر هو من الأثبات الثقات "يحيى ين يحيى".
إخوتاه ..
لقد كانوا يحبون الرفق في كل شيء حتى في اللفظ ، كانوا يوصون باستخدام الألفاظ الحسنة الطيبة دون الألفاظ الخشنة .
يقول الإمام الشافعي : حَسِّن ألفاظك ، لا تقل :كذاب ، وقل : ليس بشيء.
إخوتاه..
لقد كان الناس ينالون من الأئمة وربما آذوهم بكلام شديد ، ولا يزيدهم جهل الجهال إلا حلما.
كان بلال الأجوري صاحباً للإمام أحمد فتكلم عن أبي حنيفة  فأعرض الإمام أحمد عنه.1
والأئمة كانوا يشددون على المخطئ حتى لا يشيع خطؤه بين الناس ، وبلال الأجوري كان معظماً لأبي حنيفة فلما أعرض عنه الإمام أحمد ، قال له : كان بول أبي حنيفة أكبر من ملء الأرض مثلك. يقول : فنظر إليَّ وقال : سلام عليك ، ومضى.
فلما كان من السَّحر، بكرت إليه فقلت : يا أبا عبد الله ،إنَّ الذي كان منِّي كان على غير تعمد فأرجو أن تجعلني في حل.
فقال : سبحان الله ، والله ما زالت قدماي من مكانهما حتى سامحتك ودعوت لك.
إخوتاه ..
هكذا كانت الأخلاقيات ، كان الأدب وحسن الخلق ، كان الرفق في أجمل معانيه وتجلياته.
وانظر ـ أيضًا ـ ما يرويه الإمام السخاوي في " أدب الشيخين "عن صنيع القاضي أحمد بن إبراهيم الحماد المالكي ، والإمام أبي جعفر الطحاوي الحنفي.
وهذه الحادثة ستتعلم منها أدب السلف عند الاختلاف ، وكيف كانوا يعيشون دون تعصب وتنافر مما أحدثه المتأخرون المقلدون.
فالقاضي أحمد بن إبراهيم كان قاضي القضاة وكان مالكيا ، ومع ذلك ما كان يتورع من الذهاب لمجلس الإمام الطحاوي ليسمع من تصانيفه المفيدة
فاتفق مجيء شخص لاستفتاء الإمام الطحاوي عن مسألة بحضرة القاضي ، فقال الإمام الطحاوي: مذهب القاضي ـ أيده الله ـ كذا وكذا ، فقال السائل : ما جئت لأسأل القاضي، إنما جئت لأسألك أنت ، فقال:يا هذا ليس عندي إلا ما ذكرت لك ، ورد السائل.
فقال له القاضي: أفته أيدك الله .
فقال له الطحاوي: طالما أمرني القاضي فلا يسعني إلا الطاعة ، الجواب كذا وكذا .
إخوتاه
الرفق من أعظم دواعي المحبة والألفة بين الإخوة والأصحاب ، فالرفق يجعل نفوس المتحابين وأموالهم ليست لهم بل هي قسمة وشركة بينهم ، وما اتحفت النفوس بمثل استعمال الرفق والرحمة ، فإنهما ما كانا في شيء إلا زان ، وما نزعا من شيء إلا شان ، فإنَّ الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف ، فمن أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من الخير، ومن حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من الخير كله.
إخوتاه
تأملوا قوله  " إنِّي لأقوم في الصلاة وأريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه "1
كيف كان رفيقا  يستشعر حال الناس ، ويقدر ظروفهم ،وما يمنعه شيء عن رحمتهم والإحسان إليهم .
قال  : " إنَّ الله لم يبعثني معنتاً ولا متعنتاً ولكن بعثني معلماً ميسراً "1
وعن معاوية بن الحكم السلمي قال: بينا أنا أصلي مع رسول الله  " إذا عطس رجل من القوم ، فقلت : يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم.
فقلت: واثكل أماه ، ما شأنكم تنظرون إلي ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم ، فلما رأيتهم يصمتونني سكت.
فلما صلى رسول الله  بأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه ، فوالله ما نهرني ، ولا ضربني ، ولا شتمني. قال: إنَّ هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنَّما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن "2
إخوتاه
لا تكونوا منفرين ، لما قام أعرابي فبال في المسجد فتناوله الناس ، قال لهم رسول الله  : " دعوه واهرقوا على بوله سجلا من ماء ـ أو ذنوبا من ماء ـ فإنَّما بعثتم ميسرين ، ولم تبعثوا معسرين " 3
إخوتاه
ينبغي أن ننتبه لاستخدام الرفق والرحمة ، فما يضع الله رحمته إلا على رحيم ، فاللهم اجعلنا من الرحماء.
قال  " والذي نفسي بيده لا يضع الله رحمته إلا على رحيم ، قالوا : كلنا يرحم ، قال: ليس برحمة أحدكم صاحبه يرحم الناس كافة "1
وفي تاريخ دمشق للحافظ ابن عساكرـ رحمه الله ـ أنَّ معاوية بن الحارث كان عاملا لعمر بن عبد العزيز على غزاة ، فلما انتهت الغزوة أرسل إلى عمر يبلغه النصر.
فقال عمر بن عبد العزيز:هل سلم المسلمون في الغزوة ؟ قال:نعم ،قال:كلهم؟ قال : نعم كلهم إلا رجلا واحدا عدلت به دابته فساح في الثلج .
قال عمر: فصنع ماذا ؟ قال الرجل: فهلك .
فغضب عمر  غضبا شديدا ، وقام من مجلسه ،وقال :لقد أطلقتها غير مكترث علي بفلان. فكتب إلى معاوية بن الحارث " إياك وغارات الشتاء ، فوالله لرجل من المسلمين أحب إلي من الروم وما حوت " .
إخوتاه
هكذا الأخوة والحب في الله ، فوالله الذي لا إله إلا هو ما أحب إنسان في الله ولله إلا وجد ما وجد عمر بن عبد العزيز أنَّ رجلا من المسلمين بالدنيا وما فيها.
إنَّه الحب في الله ولله ، ينشئ هذه الصور الجميلة ، هذا الإحساس الطيب اللطيف نحو المسلمين ،إنَّه شعور الرحمة والشفقة والرفق.
أحد الدعاة دخلت عليه أمه وهو يبكي ففزعت وقالت:أمسلم في الهند مات؟
أه … نعم ينبغي أن تهتم بحال الناس جميعا ، لابد أن تحزن لموت أي مسلم ، كيف لا وهو أخوك.
إخوتاه
تأملوا هذه القصة العجيبة ، يقول هارون بن عبد الله الحمال : جاءني أحمد بن حنبل بالليل فدق الباب علي ، فقلت:من هذا ؟
فقال :أحمد بن حنبل ، فبادرت إليه وخرجت.
قلت : مرحبا يا أبا عبد الله ،لو دعوتني لجئتك ، ما حاجتك؟
قال : شغلت اليوم قلبي . قلت : بماذا يا أبا عبد الله ؟ قال: مررت عليك اليوم وأنت قاعد تحدث الناس ، أنت في الظل والناس في الشمس بأيديهم الأقلام والدفاتر ،لا تفعل مرة أخرى ، إذا قعدت فأقعد الناس .
فانظر إلى هذه الرحمة البالغة ، والحرص على المسلمين ، فأي قلوب هذه ؟! وأي رقة كانوا يتحلون بها ؟!
كان " أبو حندول الطيب " أحد القراء المشهورين ، وكانت له صحيفة بها ثلاثمائة من أصدقائه يدعو لهم كل ليلة ، ففي ليلة من الليالي تركهم ونام ، فأتاه في المنام من يقول :يا أبا حندول لِمَ لَمْ تسرج مصابيحك الليلة ؟ فقام وأخذ الصحيفة ودعا لواحد واحد حتى فرغ.
المؤمن للمؤمن كالبنيان ، المؤمنون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
إخوتاه
إنَّ الرفق أول طريق النجاح ، وبداية للأخوة الإيمانية الحقيقية ، فأحسن إلى أخيك وارحمه وارفق به ـ والله الموفق ـ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
استعمال الرحمة والرفق وخفض الجناح
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» خطأ استعمال الأمر Refresh يقع فيه الكثير
» استعمال ما يمنع الحيض أو يجلبه
» لفظ ( الرحمة ) في القرآن
» مع الرحمة المهداة
» روائع الإعجاز الغيبي في كلام نبيّ الرحمة صلى الله عليه

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
www.elnaghy.com :: قسم الشاب المسلم :: منتدى للشباب فقط-
انتقل الى: