www.elnaghy.com
عزيزي الزائر
هذه الرسالة تفيد أنك غير مسجل
يمكنك التسجيل ببساطة ويسعدنا انضمامك إلينا
www.elnaghy.com
عزيزي الزائر
هذه الرسالة تفيد أنك غير مسجل
يمكنك التسجيل ببساطة ويسعدنا انضمامك إلينا
www.elnaghy.com
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

www.elnaghy.com

منتدى الشيخ الناغى للعلوم الإسلامية
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
دعوة لإخواننا جميعا - شاركونا في استمرار هذا العمل الصالح لنحقق معا الأهداف التي قام من أجلها وهي : نشر العلم النافع ، نشر العقيدة الإسلامية والدعوة إليها ، الدفاع عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم ودفع الشبهات عن الإسلام والمسلمين ، إصلاح حال الأمة بإصلاح عقيدتها وبيان صالح الأعمال ومكارم الأخلاق ، السعي في مصالح الناس بما نستطيع من صالح العمل.

 

 الإغضاء وعدم الاستقصاء

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سيف اليزل فرج
عضو بارز
عضو بارز



عدد المساهمات : 130
نقاط : 402
التقييم : : 0
تاريخ التسجيل : 29/10/2010

الإغضاء وعدم الاستقصاء Empty
مُساهمةموضوع: الإغضاء وعدم الاستقصاء   الإغضاء وعدم الاستقصاء Icon_minitimeالجمعة أكتوبر 29, 2010 5:08 pm

تعميق أواصر الأخوة
الإغضاء وعدم الاستقصاء .
والمقصود بهذا أن تغض طرفك عما تجد من عيوب إذا كان الفضل أعظم ؛ لأنَّه ما من إنسان إلا وفيه عيب ، والمعصوم هو النبي محمد  والأنبياء ، أما بقية البشر فليسوا بمعصومين ، بل لا بد لهم من خطأ وزلل.
قال الله تعالى : " ولَقَدْ عَهِدْنَا إلَى آَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا " [طه/115] وقال رسول الله  : " كل ابن آدم خطاء " .
ويقول سعيد بن المسيب (سيد التابعين) : ليس من شريف ولا عالم ولا ذي فضل إلا وفيه عيب ، ولكن من الناس من لا ينبغي أن تذكر عيوبه ، فمن كان فضله أكثر من نقصه وُهِبَ نقصه لفضله .
وهذه من القواعد المهمة التي ينبغي أن نلتزمها وتربى عليها الأجيال ليكون القرن القادم هو قرن الإسلام بإذن الله تعالى ، وذلك أنه ينبغي أن نتحلى بالحكمة فنضع كل شئ في محله فبدايةً : علينا أن نكون أصحاب أصول وثوابت ومنطلقات وقواعد فلا نكون كل يوم برأي وكل سنة بمنهج ، وإذا لم يكن ذلك فسوف نتخبط وسط الآراء والخلافات ، ولا يتضح الصواب من الخطأ ، ولا الحق من الباطل ، وحينئذٍ قد يحيد بعض أصحاب الفضل عن أحد هذه الأصول أو الثوابت ، فهذا عندنا لا يشينه ولا يقلل من قدره ، بل نهب نقصه إلى فضله وتنتهي القضية.
فالمسائل المجمع عليها ، ومسائل العقيدة ، والمسائل التي تعتمد على سد الذرائع ، أو التي هي في الأصل لدرء المفاسد . هذه ينبغي ألا نبحث فيها، فتلك ليست قضيتنا ، وإلا إذا مَيّعنا جميع القضايا فلن تثبت قدم ، بل ستزل الأقدام بعد ثبوتها ، وتقع في دائرة الشك الذي لا نهاية له .
من هذه الثوابت تبجيل السلف وتقديمهم فلا نسمح بالطعن في أحدٍ منهم ، نقول : أن الذين يسبون الصحابة ضُلال ، كيف وقد نهانا رسول الله عن سب أصحابه فقال : " لا تسبوا أصحابي " (1) فنقول : إن علياً ومعاوية كانا من أصحاب رسول الله  ، ولا يجوز إلا إحسان الظن بهما ، وإن كنا نقدم علياً  ونوقن بأنه أفضل من معاوية  ، ولكن هذا لا ينقص من فضل معاوية  ، ولا يجيز الطعن عليه .
نقول : إن الذين يتهمون أبا هريرة هم الكذابون الأفاكون ، وإن الذين يتنكرون لسنة المصطفي  من المبتدعة الضُّلال ، وهم على شفا هلكة والعياذ بالله .
ثم علينا ثانياً : أن نكون منصفين فلا نجاوز الحد ، فإذا أخطأ أحد الأفاضل في مسألة ما ، وقد يكون مخالفاً لأحد هذه الثوابت المستقرة عندنا فنقول : فضله يغلب نقصه وزلَله ، فمن الناس من لا ينبغي أن يذكر عيبه لما له من فضل ، مثلاً فضيلة الشيخ ابن باز – رحمه الله – له فضل ومكانة عظيمة ، وقد نفع الله المسلمين به طيلة عمره ، وكان كالحصن الحصين على ثغرة من ثغرات الإسلام ، لكن عندما جاءت مسألة الاستعانة بالكفار قلنا : أخطأ ، ولكن للرجل تقديره وشأنه الذي لا ينبغي أن يتزعزع في صدور المسلمين ، لما له من أيادٍ عظيمة .. وانتهت القضية.
نعم ـ إخوتاه ـ الإغضاء وعدم الاستقصاء
يقول رسول الله  " اتق الله – عز وجل – ولا تحقرن من المعروف شيئاً ، ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي ، وإياك والمخيلة فإنَّ الله تبارك وتعالى لا يحب المخيلة ، وإنْ امرؤ شتمك وعَيَّرك بأمر يعلمه فيك فلا تعيره بأمر تعلمه فيه ، فيكون لك أجره ، وعليه إثمه ، ولا تشتمن أحداً "(1)
سبحان الله لو حفظنا أولادنا من سن الرابعة مثل هذه الأحاديث لخرج فينا جيل متأدب بآداب النبوة .
والحديث فيه فوائد عظيمة ، بداية من الحث على فعل الطاعات مهما قل شأنها في عين البشر ، فهذا يعطي أخاه كوب ماء ويؤثره على نفسه فيكتب الله له الأجر لمعروفه هذا.
وفيه نهي عن الكبر والخيلاء لما فيه من عبودية للمظاهر " تعس عبد الدرهم والدينار والقطيفة والخميصة "(2)
ثم يعلمنا رسول الله  هذا الأدب العظيم – وهنا محل الشاهد – فلو سَبَّك شخص أو عَيّرك فعليك أن تتغاضى عن مثل هذا حتى لا تقع في الوزر إذا أردت أن تتشفى لنفسك فتعيره بما هو فيه من العيوب والخلل.
وقد كان أبو بكر  جالس فأخذ رجل يسبه ويشتمه ، وما يزيده جهل هذا الرجل إلا حلماً ، ورسول الله  جالس ، فلما زاد الرجل في جهله أراد أبو بكر  أن يرد على الرجل فقام رسول الله  ثم أخبره بعد ذلك أن الله بعث ملكاً كلما كان الرجل يسب أبا بكر  كان يقول : بل أنت ، وكان أبو بكر كلما سبه الرجل يقول له : يغفر الله لك فكان الملك يقول لأبى بكر بل أنت وأنت أحق به ، فلما همَّ بالرجل انصرف الملك وحل محله الشيطان(1)
إننا نريد هذا السلوك القويم " التغاضي عن جهالات الناس " لأنَّك لا تعاملهم بل تعامل ربهم ، وربك لا يحب أن تغضب لنفسك ، وعلى الجملة يرشدنا رسول الله  بعدم سب أي إنسان كائناً من كان.
إنك لن تجد إنساناً كاملاً فلا بد له من عيب ، وإذا استقصيت في البحث عن مثل هذا فلن تظفر به في الوجود ، فليس بمعصوم إلا من عصمه الله ، والكمال المطلق لله وحده.
من هنا فليس المقصود أن يكون أخوك من تكاملت صفاته الظاهرة والباطنة ، بقدر ما يكون المطلوب أن تتوافر فيه الصفات التي تصلح بها المعاشرة ، أعني شروط صحة الأخوة ، فتنتفي بوجودها أسباب الملل والقطيعة ، فإنَّ توافر الخير كله في إنسان عزيز قليل الوجود ، والنادر لا حكم له ، فلا يكاد يوجد إلا في الموفقين وهم قلة قليلة.
اللهم اجعلنا من عبادك الموفقين ، اللهم وفقنا لما تحب وترضى .
إخوتاه
عليكم أن تتحلوا بشيء من الإغضاء ولا تستقصوا في معرفة أدق التفاصيل والصفات ، كان بعض السلف إذا مضى إلى درس شيخه يُخرج صدقة ، ويقول : اللهم استر عيب معلمي عني ولا تذهب بركة علمه مني ، أما الآن فتجد من يتتبع العورات ، ويتفقد الأخطاء ، هذه والله نية فاسدة .
جاءني أحد الشباب فقال لي : إن الإمام النووي مبتدع ، قلت : أعوذ بالله كيف هذا ؟ قال أنت قرأت صحيح مسلم بشرح النووي ؟ قلت : الحمد لله قال : قرأته كم مرة ؟ قلت : كذا ، قال : عليك أن تقرأه مرة أخرى لكن هذا المرة بعين النقد والبحث عن الأخطاء.
قلت : معاذ الله أن أصنع هذا ، نحن نقرأ لنتعلم ونتعبد وتتنزل علينا رحمات ربنا ، نقرأ لنعبد الله على بصيرة ، نقرأ لنتعلم ونُعلم الناس ، لكن نقرأ من أجل تخطئة فلان من أهل العلم ، هذه نية فاسدة ، فإن وُجد خطأ نقول كما قال شيخ الإسلام : مجتهد إن أصاب فله أجران ، وإن أخطأ فله أجر.
قال  : " أقيلوا ذوى الهيئات عثراتهم إلا الحدود "(1)
فالإمام النووي والقرطبي وابن حجر العسقلاني من ذوى الهيئات ، فينبغي أن نقيل عثراتهم ، نعم أخطأ من أخطأ منهم في مسألة التأويل ، ووافقوا قول الأشاعرة لكن نقول : يغفر الله لهم ، ألم نقل : إنَّ من الناس من لا ينبغي أن يذكر عيبه لما له من فضل فنهب نقصه لفضله .
وأصحاب الهيئات كما يقول الشافعي ـ رحمه الله ـ إنَّهم الذين لا يعرفون بالشر فيزل أحدهم الزلة ، فتغفر له زلته ، ولا تذكر ، ولا يُشَنّع بها عليه.، " إلا الحدود " فلا شفاعة في حد من حدود الله .
إخوتاه
قال عبد الرحمن بن عمر الأصبهاني : كنا في مجلس عبد الرحمن بن مهدى (وهو من المحدثين الأكابر وشيخ الإمام البخاري ) إذ دخل عليه شاب فما زال يدنيه حتى أجلسه إلى جنبه.
فقال شيخٌ في المجلس فقال : يا أبا سعيد هذا الشاب يتكلم فيك حتى إنَّه ليكذبك .
فقال عبد الرحمن : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، " ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ " [فصلت /34ـ35]
فانظر كيف عالج القضية إنَّه الرد بالحسنى ، اعقل هذا ـ أخي ـ عن سلفنا الصالح حتى تعرف كيف تعيش بمنهج السلف وتمضى على إثره.
ثم ساق عبد الرحمن سنده فقال : حدثني أبو عبيدة الناجي قال : كنا في مجلس الحسن البصري إذ قام إليه رجلٌ فقال : يا أبا سعيد إنَّ هنا قوماً يحضرون مجلسك ليتتبعوا سقط كلامك.
فقال الحسن : يا هذا إني أطمعت نفسي في جوار الله فطمعت ، وأطمعت نفسي في الحور العين فطمعت ، وأطمعت نفسي في السلامة من الناس فلم تطمع ، إنِّي لما رأيت الناس لا يرضون عن الله علمت إنَّهم لا يرضون عن مخلوق مثلهم. أ.هـ
فإذا كان الناس يتكلمون في حق الله جل وعلا فكيف بالمخلوقين ؟!! هكذا تعالج القضية ، فليس لنا أن نتكلم في شأن غيرنا إلا بالحسنى ، فإن وقع فينا أحد ، فالعلاج هو أن ترد السيئة بالحسنة فتدعو لمن أساء إليك.
وإذا أنت اتقيت الله ـ جل وعلا ـ يحول القلوب إلى حبك ، فالقلوب بيد الرحمن يقلبها كيف يشاء .
عن سعيد بن عبد العزيز قال : إن رفيقاً لحبيب بن مسلمة ضاق يوماً عن شيء . (أي أن أخلاقه ساءت في شيء ما) . قال حبيب : إن استطعت أن تغير خلقك بأحسن منه فافعل وإلا فسيسعك من أخلاقنا ما ضاق عنَّا من خلقك.
إخوتاه
إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم.
قال محمد بن محبوب : كنا عند عبد الله بن الطالب التميمي المكي المالكي يوماً فخاطبه بعض أهل مجلسه بخطاب خشن ، لم يخاطب مثله بمثله ، فتمادى ابن الطالب في مكالمته كأنَّه ما سمع مكروهاً فقام الرجل وذهب.
فقال ابن الطالب : رأيت نظر بعضكم إلى بعض ، فقلت في نفسي رجل قصدني يؤدى الذي يجب من حقي هنا ، عليه أصول ، عليه بسلطاني والله إن هذا لهو اللؤم.
أراد ـ رحمه الله ـ  أن هذا الرجل الذي جاء يشتمني أتاني ، وهو يعلم أنى لن أخطأ في حقه ، فلما كنتم حولي استكثر بكم فأرد عليه ، فهذا هو اللؤم.
فانظر كيف كان كرم أخلاقهم حتى وسعت صدورهم جهالات الناس وسفههم .
إخوتاه
قال ابن مراد تكلم عبد الله بن عياش بكلام أساء به إلى عمر بن ذر فقام إلى منزله  وكان عبد الله ابن عمه ، فندم ابن عياش لما بدر منه فأتى عمر فقال : أيدخل الظالم ؟!! فقال عمر : نعم مغفوراً له ، والله ما كافأت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه . فصارت مثلاً سائراً.
هذا هو الإغضاء حتى لا تدع في النفس شائبة تجاه أي إنسان ، فقط عليك أن تعامله بالحسنى ، أن تدعو الله له ، أن تطيع الله في نفسك فلا تتشفى ، وتطيع الله في غيرك فلا تعامله بنظير عمله ، واعلم أنَّه في الأول والآخر أخوك فلا تبتئس !!
قال الجاحظ [ في الترفق بالصاحب واحتماله] : " لا تكوننَّ لشيء ممَّا في يديك أشد ضناً ، ولا عليه أشد حدباً منك بالأخ ".
يريد أن أغلى ما تملكه هو أخوك فلا تفرط فيه أبداً ، فليس بخطأ يُبعد ويُهجر ، بل اثبت عليه ، فإنَّنا بحاجة إلى الأخوة ثم يقول :
" الأخ الذي بلوته في السراء والضراء فعرفت مذاهبه ، وخبرت شيمه ، وصح لك غيبه ، وسلمت لك ناصيته ، فإنَّما هو شقيق روحك ، وباب الروح إلى حياتك ، ومستمد رأيك ، وهو توأم عقلك ، إذا صفا لك أخٌ فكنْ به أشد ضناً منك بنفائس أموالك ، ثم لا يزهدن لك فيه أن ترى منه خلقاً أو خلقين تكرههما ، فإنَّ نفسك التي هي نفسك لا تعطيك المقادة في كل ما تريد فكيف بنفس غيرك " أهـ
يريد أن أخاك إذا ساءك منه خلق فلا تتركه لأجل ذلك ، فأنت تجد في نفسك أشياء كثيرة لا ترضيك وتصبر عليها ، فكما صبرت على نفسك فصبراً على أخيك.
قالوا : بحسبك أن يكون لك من أخيك أكثره ؛ لذلك قال أكثم بن صيفي : من لك بأخيك كله .
وقال النابغة الذبياني :
ولست بمستبقٍ أخاً لك لا تَلُمُّه على شَعثِ أي الرِّجَال المُهَذَّبُ
إخوتاه
هل تريدون من إخوانكم أن يكونوا على أكمل صورة في مخيلاتكم ؟!! هل تظنون أنكم ستجدون الأخ العابد الزاهد العالم أو طالب العلم المتواضع الكريم المنفق الصوَّام القوام ، ذا الوجه الطلق ، الذي تجده دائماً بجوارك ، فمن أين لكم بهذا وأنتم لا تتصفون بكل ذلك ؟ ولذلك نقول : عليكم بالإغضاء وعدم الاستقصاء ، ولينشغل كلٌ منا بعيب نفسه.
يقول رجاء بن حيوة [ وزير عمر بن عبد العزيز ] : " من يؤاخى من الإخوان إلا من لا عيب فيه قلَّ صديقه ، ومن لا يرضى من صديقه إلا بإخلاص له دام سخطه ، ومن عاتب إخوانه على كل ذنب كثر عدوه ".
لذلك جاء عن بعض السلف أنَّه أغضب أخاً له فجاءه يقول : جئتك لنتعاتب ، فقال : لا تقل هكذا بل جئت لنتغافر ونتسامح ، بل نسيتُ فنسيتَ .
قال الرجل لأخيه : إني أحبك في الله ، قال : لو علمت ذنوبي لأبغضتني في الله ، قال : لو علمت ذنوبك لمنعني من بغضك في الله علمي بذنوبي .
على مثل هذا ينبغي أن تكون نفسيات الأخوة ويكون التعامل بمثل هذه الطريقة لماذا لا ؟!!
ما كان حسناً فأهده إلى نفسك ، وما كان غير ذلك فألقه ، ولا تقم له وزناً ، فلا يؤلمنَّك مساوئهم فتنسى محاسنهم ، من كانت حسناته أكثر من سيئاته دخل الجنة على ما كان منه .
فلماذا لا يكون هذا هو منهجنا ، فمن كانت حسناته أكثر من سيئاته فذلك هو الرجل الذي يستحق أخوتك ، فما بالذنب الواحد يهجر الخلان ، فالروضة الحسنة لا تترك لموضع قبر ، فالحديقة الغناء المليئة بالزهور النضرة والجمال الفتان والطبيعة الخلابة لا تترك لمجرد وجود قبر في وسطها فلا يجوز التنزه فيها.
فهذا الإنسان الذي وقع في زلل يسير لا ينبغي هجره ، بل نقول  : " إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِين " [هود 114]
قواعد في الحُكم على النَّاس
وقبل أن ننتقل إلى سبب آخر لتعميق أواصر الأخوة ، ينبغي أن نضع هذه القضية الخطيرة " تصنيف الناس والحكم عليهم " في ميزانها الشرعي ، وذلك من خلال ثماني قواعد .
القاعدة الأولى : الإنسان يوزن بحسناته وسيئاته .
قال تعالى : " فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُون "[ المؤمنون/102ـ103 ]
فأخبرنا الله ـ جل وعلا ـ أن من كانت حسناته هي الراجحة على سيئاته مع الندم على السيئات كان على سبيل النجاة ،وطريق الفوز والفلاح ، ومن مالت سيئاته بحسناته كان الهلاك والعذاب أولى به.
وهنا فوائد مهمة ينبغي علينا أن نحفظها جيداً ، فليس من شرط أولياء الله المتقين ألا يكونوا مخطئين.
قال تعالى – في وصف المتقين – : "وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُون " [ آل عمران/135]
فالتقي قد يقع في كبيرة ،  وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةًكبيرة من الكبائر  أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ  صغيرة من الصغائر ، لكنهم يتوبون سريعاً حال يقظتهم من غفلة المعصية فلا يصرون على فعل المعاصي ، بل يستغفرون الله على فعلهم.
يقول الإمام الذهبي في (مقدمة ميزان الاعتدال) :
" ليس من شرط الثقة أن يكون معصوماً من الخطايا والخطأ ، فالكامل الذي ليس فيه شيء عزيز نادر الوجود " .
يقول ابن الأثير في (اللباب في تهذيب الأنساب) :
" إنَّما السيد من عدت سقطاته ، وأخذت غلطاته ، فهي الدنيا لا يكمل بها شيء ". وقد صح عن النبي  حين سبقت ناقة اليهودي ناقته فقال عليه الصلاة والسلام : "حقٌ على الله ألا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه" والأمثلة الحية كثيرة ، فاللهم ارحم الموحدين من المؤمنين.

إخوتاه
هذا الميزان ينبغي أن نطبقه مع إخواننا ومشايخنا ، فلا نغلوا فيهم ، ولا نبخسهم حقهم لمجرد هفوة أو زلة صدرت من أحدهم ، فالمرء يوزن بتقواه ، ومن كثرت حسناته تغوضي عن سيئاته.
استمع لكلام سلفنا وتذكر قول الإمام الشافعي : " إني لأظفر بالمسألة لم أكن قد سمعتها من قبل ، فأود لو أن كل جسمي آذانٌ ليستمتعَ جسمي كما استمتعت أذني .
يقول الإمام الذهبي ـ والذهبي ذهبي الكلام ـ " إنَّ الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه ، وعُلم تحريه للحق ، واتسع علمه ، وظهر ذكاؤه ، وعُرف صلاحه وورعه واتباعه للحق يغفر له زلَله ، لا نضلله ، ولا نطرحه ، ولا ننسى محاسنه ، نعم ولا نقتدي به في بدعته وخطئه ، ونرجو له التوبة من ذلك " أهـ
لذلك علينا ألا نشهر بأحدٍ ، ولا نبالغ في إفشاء ستره ، فلو فتح هذا الباب لما سلم لنا أحدٌ من الأئمة والدعاة ، إذ ما من إمام إلا وقد طعن فيه طاعنون ، وهلك فيه هالكون.
مثلاً : ضعف بعضهم الإمام البخاري فيرد ابن حجر – رحمه الله – فيقول : ومن ضعفه فهو الضعيف.

إخوتاه
يقول الإمام السبكي : " من ثبتت إمامته وعدالته وكثر مادحوه ومزكوه وندر جارحوه وكانت هناك قرينة دالة على سبب جرحه من تعصب مذهبي أو غيره فإنَّا لا نلتفت إلى الجرح فيه ، ونعمل فيه بالعدالة ".
فهذا هو الأصل ليس صنف من الناس إلا وفيه عيب ، فمن ذا خلص من الآفات ، ومن ذا صفا من الكدورات ، فاللهم اجبر نقصنا ، واغفر زللنا إليك يا رب المشتكى .
القاعدة الثانية : التحري والتصور لجميع حال ذلك الإنسان.
يقول ابن حجر رحمه الله تعالى : " إن الذي يتصدى لضبط الأفعال والأقوال والرجال يلزمه التحري في النقل فلا يجزم إلا بما يتحققه لا يكتفي بالقول الشائع " أهـ
مثلاً : تجد من الإخوة من يحضر درساً فينقل عن الشيخ كلاماً ربما لم يقله ، أو فهمه بطريق الخطأ ، في مثل هذه الأحوال ينبغي أن تتحرى فتسأل الشيخ أو الثقات الأثبات حتى لا تنتشر المقولات الكاذبة عن الدعاة والعلماء.
قال رسول الله  : " بئس مطية الرجل زعموا "(2) فهذه من علامات السند المنقطع ؛ لذلك لابدَّ من اتصال السند ، والتحقق والتحري بنفسك ، خاصةً إذا ترتب على ذلك مفسدة كالطعن في أحد من أهل العلم والصلاح ، وإن كان في الواقعة أمرٌ فادح كموقف أو قول أو فعل في حق المستور فينبغي ألا يبالغ في إفشائه ، بل يكتفي بالإشارة لئلا يكون الأمر فلتة ، أو على غير الوجه الذي تتصوره.
لذلك يحتاج المسلم إلى أن يكون عارفاً بمقادير الناس ، وبأحوالهم ومنازلهم فلا يرفع الوضيع ، ولا يضع الرفيع.
فيا لله لو أعطى الناس بدعواهم لذهبت أموال وأنفس كثيرة لا يعلمها إلا الله ، فإياك وسماع الدعاوى فإنَّها لا تثمر خيراً ، وأكثر الشرور تأتى من " قيل وقال وسمعت وظننت وبلغني " .
فإياك .. إياك فمن صحت عدالته ، وعُلم بالعلم عنايته ، وسلم من الكبائر ولزم المروءة ، وكان خيره غالباً ، وشره أقل عمله ، فهذا لا يُقبل فيه قول قائل لا برهان له به.
فدلائل الأمور أشد تثبيتاً من شهادات الرجال ، إلا أن يكون في الخبر دليلٌ ، ومع الشهادة برهانٌ ؛ لأن الدليل لا يكذب ولا ينافق ، ولا يزيد ، ولا يبدل ، وشهادة الإنسان لا تمتنع من ذلك وهذا هو الحق – إن شاء الله – الذي لا حق غيره.


القاعدة الثالثة :التثبت من كلام الأقران وأرباب المذاهب والجماعات في بعضهم البعض.
كلام الأقران لا يعبأ به خاصة إذا بدا لك أنه لعداوة أو لمذهب أو لحسد ، كذلك في الإخوة الأقران الذين بينهم وبين بعض تنافس كأصحاب المحلات الواحدة ، أو المهنة المشتركة ، أو أصحاب دعوات مختلفة أو أصحاب أفكار متباينة.
هؤلاء لا يقبل كلام بعضهم في بعض – كما يقول الإمام الذهبي – في قاعدته الذهبية.
" كلام الأقران يُطوى ولا يُروى ، فإن ذُكر تأمله المحدث فإن وجد له متابعاً ، وإلا أعرض عنه ".
مثلاً : يشيع أن تجد العداوات بين الأصحاب إذا اختلفوا ، وناءت بهم السبل ، أو رجل كان متزوجاً من امرأة فطلقها فيبدأ في التقول عليها ، أو العكس فكل ذلك يُطوى ولا يُروى إلا إذا وُجد الدليل على صدق القائل.
ينبغي أن نحمل الكلام محملاً حسناً ، وحسن الظن واجب ، والتأويل الحسن لازم لسلامة الصدر.
القاعدة الرابعة : الخبرة بمدلولات الألفاظ ومقاصدها .
يقول الأدباء : قد يوحش اللفظ ، وكله وُدّ.
حين يقول رسول الله  لمعاذ – مثلاً – " ثكلتك أمك" (1) معناها فقدتك ، فاللفظ موحش ولكنه يفيض محبة ، فالرسول أراد أن يفهمه وقد قال له  " إني لأحبك يا معاذ "(2)
ففهم مدلولات الألفاظ ضرورة ، فمن الألفاظ ما يجرى على الألسنة بغير قصد لمدلوله الظاهر ، بل يتعارف الناس فيه معنى آخر ، ويتداول بينهم حتى يعود هو المتبادر.
كمثل قولهم : ويله وويل أمه ، تربت يمينه ،... الخ هذه العبارات ، وهنا ينظر أصحاب العقول البصيرة ، فيتأملوا قرائن الحال والمتكلم ، فإن كان ولياً فهو الولاء ، وإن بدا القول خشناً ، وإن كان عدواً فهو البلاء حتى ولو بدا القول حسنا(3)
يقول الإمام السبكي : " فكثيراً ما رأيت من يسمع لفظة فيفهمها على غير وجهها ، فيغير على الكتاب والمؤلف ومن عاشره ومن استن بسنته مع أن المؤلف لم يرد بذلك الوجه الذي وصل إليه ذلك الرجل " .
إذا كان الرجل ثقة مشهوداً له بالإيمان والاستقامة فلا ينبغي أن يُحمل كلامه وألفاظ كتاباته على غير ما تعود منه بل ينبغي التأويل الصالح ، وحسن الظن الواجب به وبأمثاله ، ليس شيء أنفع لمن لا يدرى مدلول الألفاظ من أن يسيء الظن بنفسه ، وأن يرجع إلى غيره ، ليس في الدنيا إنسان إلا وهو في حاجة إلى تثقيف وزيادة علم ، والمستعين بغيره أبداً على خير ، فلذلك ينبغي أن نفهم مدلولات الألفاظ ، فإن فهم الألفاظ على وجه خطأ هو الذي يُفسد ويسيء.
القاعدة الخامسة : أن لا يجرح من لا يحتاج إلى جرحه .
ينبغي على المسلم حفظ لسانه ، وصيانة جارحته عن أعراض المسلمين ، فليس هو عليهم بحفيظ ولا بمسيطر.
وشأن المسلم أن ينشغل بدعوة الناس وردهم إلى الإسلام رداً جميلاً ، لا أن يوطن نفسه في تصنيف الناس والحكم عليهم.
ومن الناس من لا تحتاج إلى البحث عنه ، لا تفتش عن عدالته أو جرحه ، حتى وإن بدت أمارات حرص ، فلا ينبغي أن تنشغل بالمفضول – أو قل ما هو من جنس المتروك – عن الفاضل من الأعمال والأقوال والطاعات .

القاعدة السادسة :عدم الاكتفاء بنقل الجرح فقط فيمن وجد فيه الجرح والتعديل .
فإذا عُلم عن المرء خيره وشره ، فلا ينبغي أن نكون أصحاب نفوس ذبابية لا تقف إلا على الشيء القذر ، بل ينبغي أن نتحلى بصفة الإنصاف ، وإن كنا في زمان قل فيه من يعرف وأقل منه من يُنصف .
مثلاً : يسألونك عن بعض الجماعات فتقول : أناسٌ على خير كثير ، نحسبهم مخلصين ، وفي الدعوة مجتهدين ، وأصحاب سمت وأدب وهدى صالح لكن عندهم بعض البدع .
فلا تنقل أنهم مبتدعة أو على بدعة في بعض ما يصنعون ، ولكن تنقل التعديل والتجريح معاً.
القاعدة السابعة : الحذر من حسن الهيئة .
فلا يوزن الناس بهيئاتهم ، فهذا مما يشترك فيه المجروحون وأهل العدالة، والصور خداعة ، بل يقاس الناس بأفعالهم ومواقفهم وأقوالهم على موجب الحق والعدل ، فلا نغتر بالشكل أو المظهر.
فليس أحدٌ حجةً على الإسلام بمظهره ، فلا يعظم المرء عندنا لمجرد حسن الهيئة وإظهاره للسنة والتزين بها.
فليس كل من حلق لحيته مجرماً فاسقاً ، ولا كل ملتحٍ صار بلحيته من أولياء الله الصالحين ، وإن كنا نقول : حلق اللحية حرام ، وإدمان حلقها كبيرة من الموبقات ، لكن فيمن يحلقون لحاهم أتقياء ، وأنت لا تدرى فليس كل عُذر يذكر.
فليس الحكم على الأشخاص بالمظهر ، قال تعالى عن المنافقين " وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ "[ المنافقين / 4] فالمظهر ليس شرطاً للعدالة.
القاعدة الثامنة : شرط جواز الجرح عدم قصد التحقير .
قال الإمام السبكي ـ رحمه الله ـ : " كنت جالساً بدهليز دارنا فأقبل كلب فقلت : اخسأ كلب ابن كلب" قال : فزجرني والدي من داخل البيت ، قلت : سبحان الله أليس هو كلباً ابن كلب ، فقال : شرط الجواز عدم قصد التحقير ، قلت : وهذه فائدة " أهـ
مثلاً : أحد الناس مشهور باسم الأعرج – مثلاً – ولا يُعرف إلا بهذه الكنية ، فلا يجوز أن تناديه بهذا إلا بغير قصد التحقير ، وإلا صارت غيبة ، أما إذا قيلت على وجه التعريف فليست بغيبة ،وكذلك الشأن في كل الأمور ، إنك عندما تتكلم على جماعة من الجماعات ، أو دعوة من الدعوات ، أو شخص من الأشخاص فلا ينبغي أن تتكلم بنية التحقير والتهوين من شأنه لإيذائه ، وإنما تقصد بيان الحق ونصرة الدين ، فلا تنتصر لنفسك ، أو تكون نيتك طلب العلو بإنزال قدر خصمك ، فإن فعلت فإنك إذاً من الآثمين،فاللهم طهر ألسنتنا عن قول الزور ، وطهر قلوبنا عن الضغائن والغل والجور ، واجعلنا هداة مهديين لا ضالين ولا مضلين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الإغضاء وعدم الاستقصاء
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» زيادة الطاعات وعدم الاغترار بالعمل اليسير

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
www.elnaghy.com :: قسم الشاب المسلم :: منتدى للشباب فقط-
انتقل الى: