كلمة مهمَّة؛ إبراءً للذِّمَّة
دفاعا عن ام المؤمنين
الطاهرة المطهرة عائشة رضي الله عنها
الحمدُ لله ربِّ العالمِين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِهِ الأمين، وآلِهِ الطَّيِّبِينَ، وصَحبِهِ -أجمعين-، ولا عُدوانَ إلّا على الظّالِمِين.
أمَّا بعدُ:
فيقولُ اللهُ -تباركَ وتعالى-: {وَلَوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيم} [النور:16].
... انطِلاقاً مِن هذا الأصلِ القُرآنِيِّ العظيمِ نَقولُ:
[*]لَم يُفْجِعْنا -أو يُفاجِئْنا -ألْبَتَّةَ- كَلامُ ذلك النَّاعِقِ الخَبيثِ، الذي تعدَّى وكَذَبَ، وظَلَمَ، وأساءَ: مُفترِياً بالزُّورِ والبُهتانِ، والجَهْلِ والهِذْيانِ على أُمِّ المُؤمنِينَ، وزَوجَةِ رسولِ ربِّ العالَمِين، الصِّدِّيقَة بنت الصِّدِّيق، الطّاهرة المُطهَّرَة، والطَّيِّبة المُطَيَّبَة -رضيَ اللهُ عنهَا وأرضاها، وقاتَلَ مَن انْتَقَصَها وآذاها-...
نَقولُ: (لمْ يُفجِعْنا -أو يُفاجِئْنا-)؛ لأنَّ هذا الحِقدَ الدَّفِينَ مِن ذاكَ الأفّاكِ الأَفِين: حِقدٌ مُتوارَثٌ بَغيضٌ، يُلَقِّنُهُ الرَّوافِضُ أتْباعَهُم، ويُرضِعُونَهُ أبناءَهُم -على مَرِّ العُصورِ، وكرِّ الدُّهور-.
وهُم في ذلك -كُلِّهِ- مُكذِّبُونَ لِصَريحِ القُرآنِ الكريمِ، ومُتعرِّضُونَ -بالإِفكِ- لِعِرْضِ رسولِ الله الأمِين -صلَّى اللهُ عليه وعلى آلهِ وصَحبِهِ -أجمعِين-.
وليسَ مِن شكٍّ -فِقهاً وعقيدةً- أنَّ حُكمَ المُكذِّبِ للقُرآنِ، والمُتعرِّضِ بالباطِلِ لنبيِّ الإسلامِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: أنَّهُ كافِرٌ، خارجٌ مِن مِلَّةِ الإسلامِ:
قال الإمامُ النّوَوِيُّ -رحمهُ اللهُ- في «شَرحِ صحيحِ مُسلم»: «بَراءةُ عائشةَ -رضيَ اللهُ عنهَا- مِن الإِفكِ بَراءةٌ قَطعيَّةٌ بنصِّ القُرآنِ العزيزِ، فلو تشكَّكَ فيها إنسانٌ -والعياذُ بالله- صارَ كافِراً مُرتدًّا بإجماعِ المُسلمِين».
واللهُ -تعالى- وَحدَهُ- المَسؤولُ أنْ يُوَفِّقَ وُلاةَ أُمورِ المُسلمِين -كُلَّهم أو بعضَهُم- للقِيامِ بمسؤوليَّاتِهِم الدِّينيَّة والدُّنيويَّة تُجاهَ كُلِّ خاسِرٍ خَبيثٍ؛ تُسَوِّلُ له نَفسُهُ الشيطانيَّةُ أنْ يتكلَّمَ بالإفكِ والافتِراءِ، أو يتعرَّضَ بالطَّعْنِ والإيذاءِ: لأيِّ واحدٍ مِن أصحابِ رسولِ الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-؛ فَجَنابُهُم مُصانٌ، ومَكانَتُهُم عظيمةٌ، ومَنزِلَتُهُم عالِيَةٌ -رضيَ اللهُ عنهُم-.
فكيفَ بالتَّعَرُّضِ للمُقَدَّمِ فيهِم، والمُتقدِّم بينَهم؛ مِن أمثالِ السيِّدَةِ العالِمَةِ الطَّاهِرَةِ الجليلةِ، أُمِّ المُؤمنِينَ عائشةَ -رضيَ اللهُ عنهَا-، والتي بَرَّأَها اللهُ -تعالى- مِن فوقِ سَبْعِ سَماوات -قُرآناً يُتلَى إلى يومِ القِيامةِ-؟!
قال الإمامُ السُّيوطِيُّ -رحمهُ اللهُ- في تفسيرِ قوله -تعالى-: {إنَّ الذِين جاءُوا بالإفكِ عُصْبَةٌ مِنكُم} -كما في كتابِهِ «الإكليل في استِنباطِ التَّنزيل»-:
«نَزَلَتْ في براءةِ عائشةَ فيما قُذِفَتْ به، فاستدلَّ به الفُقهاءُ على أنَّ قاذِفَها يُقتَلُ؛ لِتكذيبِهِ لِنصِّ القُرآنِ:
قال العُلماءُ: قَذْفُ عائشةَ كُفرٌ؛ لأنَّ اللهَ سَبَّحَ نَفسَهُ عندَ ذِكْرِهِ -أي: قِصَّةَ الإفكِ- فقال: {سُبحانَك هذا بُهتانٌ عظيمٌ}، كما سَبَّحَ نَفسَهُ عندَ ذِكْرِ ما وَصَفَهُ به المُشرِكُونَ مِن الزَّوجةِ والوَلَدِ...».
إنَّها كَلمةُ حَقٍّ رَأَينا الواجبَ الشَّرْعِيَّ الحَتْمَ يَدفعُنا إلى إبدائِها، وبيانُ صِدْقٍ ألْزَمَنا بإظهارِهِ العهدُ الذي أَخَذَهُ اللهُ -تعالى- على أهلِ العِلمِ -في كُلِّ زَمانٍ ومَكانٍ-: {لَتُبَيِّنُنَّهُ للنَّاسِ ولا تَكْتُمُونَهُ}.
واللهُ يقولُ الحقَّ وهو يَهدِي إلى سواءِ السَّبيلِ، وهو -سُبحانَهُ- بِكُلِّ جَميلٍ كَفيل...
وآخِرُ دَعْوانَا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالَمِين.
مركز الإمام الألباني
عمَّان - الأُردُنّ
18- شوّال - 1431هـ