« كاد » تفيد الدلالة على وقوع الفعل بعسر
كاد فعل ناقص أتى منه الماضي والمضارع فقط، له اسم مرفوع
وخبر مضارع مجرد من إن، ومعناها: قارب، فنفيها نفي للمقاربة
وإثباتها إثبات للمقاربة، واشتهر على ألسنة كثير أن نفيها إثبات
وإثباتها نفي، فقولك كاد زيد يفعل معناه يفعل بدليل - وإن كادوا
ليفتنونك - وما كاد يفعل - معناه فعل بدليل - وما كادوا يفعلون .
أخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس قال: كل
شيء في القرآن كاد وأكاد ويكاد فإنه لا يكون أبداً. وقيل إنها تفيد
الدلالة على وقوع الفعل بعسر، وقيل نفي الماضي إثبات بدليل –
وما كادوا يفعلون - ونفي المضارع نفي بدليل - لم يكد يراها - مع
أنه لم ير شيئاً، والصحيح الأول أنها كغيرها: نفيها نفي وإثباتها
إثبات. فمعنى كاد يفعل: قارب الفعل ولم يفعل، وما كاد يفعل: ما
قارب الفعل فضلاً عن أن يفعل، فنفي الفعل لازم من نفي المقاربة
عقلاً، وأما آية - فذبحوها وما كادوا يفعلون - فهوإخبار عن
حالهم في أول الأمر، فإنهم كانوا أولاً بعداء من ذبحها، وإثبات
الفعل إنما فهم من دليل آخر وهوقوله (فذبحوها - وأما قوله (لقد
كدت تركن - مع أنه صلى الله عليه وسلم لم يركن لا قليلاً ولا
كثيراً فإنه مفهوم من جهة أن لولا الامتناعية تقتضي ذلك.
فائدة ترد كاد بمعنى أراد، ومنه - كذلك كدنا ليوسف. أكاد أخفيها –
وعكسه كقوله (جداراً يريد أن ينقض - أي يكاد.
جلال الدين السيوطي