عن عائشة رضي الله عنها أن فاطمة بنت أبي حبيش سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إني أستحاض فلا أطهر ، أفأدع الصلاة ؟ فقال : لا ، إن ذلك عرق ، ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ، ثم اغتسلي وصلي .
وفي رواية : وليس بالحيضة ، فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة ، فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي .
في الحديث مسائل :
1 = في تعريف الاستحاضة
في الحديث قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم : إن ذلك عرق .
أي أنه دم عرق وليس دم حيض .
والمستحاضة هي التي ترى الدم من قُبلها في زمان لا يعتبر من الحيض والنفاس ، مُستغرقاً وقت صلاة في الابتداء ، ولا يخلو وقت صلاة عنه في البقاء .
2 = الفرق بين الحيض والاستحاضة
دم الحيض يتميّز عن دم الاستحاضة بثلاثة أشياء :
برائحته
وبلونه
وبكثافته
وبما يُصاحبه من آلام
ولذا قال عليه الصلاة والسلام : إذا كان دم الحيضة فإنه دم أسود يعرف ، فإذا كان ذلك فامسكي عن الصلاة ، فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي ، فإنما هو عرق . رواه أبو داود والنسائي .
فقوله : دم أسود يعرف
ميّزه باللون الأسود وهو دم أسود ثخين رائحته كريهة
وبرائحته \" يعرف \" وضُبطت هذه اللفظة :
بضم الياء \" يُعرف \" أي تعرفه النساء
وبفتح الياء \" يَعرف \" من العَرف ، وهو الرائحة .
وأما دم الاستحاضة فهو مختلف من حيث جميع هذه الصفات
فهو دم أحمر
ليس له رائحة كريهة
ولا يُصاحبه – غالباً – آلام .
4 = قولها \" فلا أطهر \"
المراد به النظافة من الدمّ ، بدليل أنها عبّرت بـ \" الاستحاضة \"
5 = سؤال المرأة عما يُشكل عليها ، فإن الله لا يستحيي من الحق ، وقد تقدّم ذلك .
فهي رضي الله عنها قد عرضت مشكلتها ثم سألت : هل تترك الصلاة ؟
6 = سبب الاستحاضة
قالت حمنة بنت جحش رضي الله عنها : كنت استحاض حيضة كثيرة شديدة ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أستفتيه وأُخبره ، فوجدته في بيت أختي زينب بنت جحش ، فقلت : يا رسول الله إني امرأة استحاض حيضة كثيرة شديدة ، فما ترى فيها ، قد منعتني الصلاة والصوم ؟ فقال : أنعت لك الكرسف ، فإنه يذهب الدم . قالت : هو أكثر من ذلك . قال : فاتخذي ثوبا ، فقالت : هو أكثر من ذلك ، إنما أثج ثجا ! فقال لها : إنما هذه ركضة من ركضات الشيطان .. الحديث . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم .
وفي هذا الحديث بيان سبب الاستحاضة ، وأنها ركضة أي ركلة من ركلات