حكم الاحتفال بعيد المولد النبوي

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

]

حكم الاحتفال بالمولد النبوي

الشیخ الإمام عبد العزیز بن عبدالله بن بازرحمھ الله

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آلھ وصحبھ ومن اھتدى بھداه.
أما بعد :
فقد تكرر السؤال من كثیر عن حكم الاحتفال بمولد النبي صلى الله علیھ وسلم ، والقیام
لھ في أثناء ذلك ، وإلقاء السلام علیھ ، وغیر ذلك مما یفعل في الموالد.
والجواب أن یقال:
لا یجوز الاحتفال بمولد الرسول صلى الله علیھ وسلم ، ولا غیره ؛ لأن ذلك من البدع
المحدثة في الدین ؛ لأن الرسول صلى الله علیھ وسلم لم یفعلھ ، ولا خلفاؤه الراشدون ،
ولا غیرھم من الصحابة رضوان الله على الجمیع ولا التابعون لھم بإحسان في
القرون المفضلة ، وھم أعلم الناس بالسنة ،وأكمل حباً لرسول الله صلى الله علیھ وسلم
ومتابعة لشرعھ ممن بعدھم.
وقد ثبت عن النبي صلى الله علیھ وسلم أنھ قال : " من أحدث في أمرنا ھذا ما لیس منھ
فھو رد " ،أي : مردود علیھ ، وقال في حدیث آخر : " علیكم بسنتي وسنة الخلفاء
الراشدین المھدیین من بعدي ، تمسكوا بھا وعضوا علیھا بالنواجذ ، وإیاكم ومحدثات
الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة. "
ففي ھذین الحدیثین تحذیر شدید من إحداث البدع والعمل بھا.
وقد قال الله سبحانھ في كتابھ المبین : ( ومآ ءاتاكم الرسول فخذوه وما نھاكم عنھ
فانتھوا ) ( سورة الحشر : ٧ ) ، وقال عز وجل : ( فلیحذر الذین یخالفون عن أمره
أن تصیبھم فتنة أو یصیبھم عذاب ألیم ) ( سورة النور : ٦٣ ) ، وقال سبحانھ: ( لقد
كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان یرجوا الله والیوم الآخر وذكر الله كثیراً ) (
سورة الأحزاب : ٢١ ) ، وقال تعالى : ( والسابقون الأولون من المھاجرین والأنصار
والذین اتبعوھم بإحسان رضي الله عنھم ورضوا عنھ وأعد لھم جنات تجري تحتھا
الأنھار خالدین فیھا أبداً ذلك الفوز العظیم ) ( سورة التوبة : ١٠٠ ) وقال تعالى : (
الیوم أكملت لكم دینكم وأتممت علیكم نعمتي ورضیت لكم الإسلام دیناً ) ( سورة المائدة
: 3 ) .
والآیات في ھذا المعنى كثیرة.
وإحداث مثل ھذه الموالد یفھم منھ : أن الله سبحانھ لم یكمل الدین لھذه الأمة ، وأن
الرسول صلى الله علیھ وسلم لم یبلغ ما ینبغي للأمة أن تعمل بھ ، حتى جاء ھؤلاء
المتأخرون فأحدثوا فیشرع الله ما لم یأذن بھ ، زاعمین : أن ذلك مما یقربھم إلى الله ،
وھذا بلا شك فیھ خطر عظیم ، واعتراض على الله سبحانھ ، وعلى رسولھ صلى الله
علیھ وسلم ، والله سبحانھ قد أكمل لعباده الدین ، وأتم علیھم النعمة.
والرسول صلى الله علیھ وسلم قد بلغ البلاغ المبین ، ولم یترك طریقاً یوصل إلى الجنة
ویباعد من النارإلا بینھ للأمة ، كما ثبت في الحدیث الصحیح ، عن عبدالله بن عمرو
رضي الله عنھما ، قال رسول الله صلى الله علیھ وسلم " : ما بعث الله من نبي إلا كان
حقاً علیھ أن یدل أمتھ على خیر ما یعلمھ لھم ، وینذرھم شر ما یعلمھ لھم " رواه مسلم
في صحیحھ.
ومعلوم أن نبینا صلى الله علیھ وسلم ھو أفضل الأنبیاء وخاتمھم ، وأكملھم بلاغاً
ونصحاً ، فلو كان الاحتفال بالموالد من الدین الذي یرضاه الله سبحانھ لبیَّنھ الرسول
صلى الله علیھ وسلم للأمة ، أو فعلھ في حیاتھ ، أو فعلھ أصحابھ رضي الله عنھم ، فلما
لم یقع شيء من ذلك علم أنھ لیس من الإسلام في شيء ، بل ھو من المحدثات التي
حذر الرسول صلى الله علیھ وسلم منھا أمتھ ، كما تقدم ذكر ذلك في الحدیثین السابقین
.وقد جاء فیمعناھما أحادیث أُخر ، مثل قولھ صلى الله علیھ وسلم في خطبة الجمعة : "
أما بعد : فإن خیر الحدیث كتاب الله ، وخیر الھدي ھدي محمد صلى الله علیھ وسلم ،
وشر الأمور محدثاتھا ، وكل بدعة ضلالة " رواه الإمام مسلم في صحیحھ.
والآیات والأحادیث في ھذا الباب كثیرة .
وقد صرح جماعة من العلماء بإنكار الموالد والتحذیر منھا ؛عملاً بالأدلة المذكورة
وغیرھا.
وخالف بعض المتأخرین فأجازھا إذا لم تشتمل على شيء من المنكرات ؛ كالغلو في
رسول الله صلى الله علیھ وسلم ، وكاختلاط النساء بالرجال ، واستعمال آلات الملاھي ،
وغیر ذلك مما ینكره الشرع المطھر ، وظنوا أنھا من البدع الحسنة.
والقاعدة الشرعیة : رد ما تنازع فیھ الناس إلى كتاب الله ،وسنة رسولھ محمد صلى الله
علیھ وسلم.
كما قال الله عز وجل : ( یآ أیھا الذین ءامنوا أطیعوا الله وأطیعوا الرسول وأولي الأمر
منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله والیوم الآخر
ذلك خیر وأحسن تأویلاً ) ( سورة النساء : ٥٩ ) ، وقال تعالى: ( وما اختلفتم فیھ من
.( شيء فحكمھ إلى الله ) ( سورة الشورى : ١٠
وقد رددنا ھذه المسألة وھي الاحتفال بالموالد إلى كتاب الله سبحانھ ، فوجدنا یأمرنا
بإتباع الرسول صلى الله علیھ وسلم فیما جاء بھ ویحذرنا عما نھى عنھ ، ویخبرنا بأن
الله سبحانھ قد أكمل لھذه الأمة دینھا ، ولیس ھذا الاحتفال مما جاء بھ الرسول صلى الله
علیھ وسلم ، فیكون لیس من الدین الذي أكملھ الله لنا وأمرنا بإتباع الرسول فیھ ، وقد
رددنا ذلك أیضاً إلى سنة الرسول صلى الله علیھ وسلم فلم نجد فیھا أنھ فعلھ ، ولا
أمر بھ ولا فعلھ أصحابھ رضي الله عنھم ، فعلمنا بذلك أنھ لیس من الدین ، بل ھو من
البدعالمحدثة ، ومن التشبھ بأھل الكتاب من الیھود والنصارى في أعیادھم.
وبذلك یتضح لكل من لھ أدنى بصیرة ورغبة في الحق وإنصاف في طلبھ أن الاحتفال
بالموالد لیس من دین الإسلام ، بل ھو من البدع المحدثات التي أمر الله سبحانھ ورسولھ
صلى الله علیھ وسلم بتركھا والحذر منھا.
ولا ینبغي للعاقل أن یغتر بكثرة من یفعلھ من الناس في سائر الأقطار ، فإن الحق لا
یعرف بكثرة الفاعلین ، وإنما یعرف بالأدلة الشرعیة ، كما قال تعالى عن الیھود
والنصارى : ( وقالوا لن یدخل الجنة إلا من كان ھوداً أو نصارى تلك أمانیھم قل ھاتوا
برھانكم إن كنتم صادقین ) ( سورة البقرة : ١١١ ) ، وقال تعالى : ( وإن تطع أكثر
( من في الأرض یضلوك عن سبیل الله ) ( سورة الأنعام: 116
ثم إن غالب ھذه الاحتفالات بالموالد مع كونھا بدعة لا تخلو من اشتمالھا على منكرات
أخرى ؛ كاختلاط النساء بالرجال ، واستعمال الأغاني والمعازف ، وشرب المسكرات
والمخدرات ، وغیر ذلك من الشرور ، وقد یقع فیھا ما ھو أعظم من ذلك وھو الشرك
الأكبر ، وذلك بالغلو في رسول الله صلى الله علیھ وسلم ، أو غیره من الأولیاء ،
ودعائھ والاستغاثة بھ وطلبھ المدد، واعتقاد أنھ یعلم الغیب ، ونحو ذلك من الأمور
الكفریة التي یتعاطاھا الكثیر من الناس حین احتفالھم بمولد النبي صلى الله علیھ وسلم
وغیره ممن یسمونھم بالأولیاء.
وقد صح عن رسول الله صلى الله علیھ وسلم أنھ قال : " إیاكم والغلو في الدین ،فإنما
أھلك من كان قبلكم الغلو في الدین " ، وقال صلى الله علیھ وسلم : " لا تطروني كما
أطرت النصارى عیسى ابن مریم إنما أنا عبده ، فقولوا : عبد الله ورسولھ " أخرجھ
البخاري في صحیحھ من حدیث عمر رضي الله عنھ.
ومن العجائب والغرائب : أن الكثیر من الناس ینشط ویجتھد ي حضور ھذه الاحتفالات
المبتدعة ، ویدافع عنھا ، ویتخلف عما أوجب الله علیھ من حضور الجمع والجماعات ،
ولا یرفع بذلك رأساً ، ولا یرى أنھ أتي منكراً عظیماً ، ولا شك أن ذلك من ضعف
الإیمان وقلة البصیرة ، وكثرة ما ران على القلوب من صنوف الذنوب والمعاصي ،
نسأل الله العافیة لنا ولسائر المسلمین.
ومن ذلك : أن بعضھم یظن أن رسول الله صلى الله علیھ وسلم یحضر المولد ؛ ولھذا
یقومون لھ محیین ومرحبین ، وھذا من أعظم الباطل وأقبح الجھل ، فإن الرسول صلى
الله علیھ وسلم لا یخرج من قبره قبل یوم القیامة ، ولا یتصل بأحد من الناس ، ولا
یحضر اجتماعاتھم ، بل ھو مقیم في قبره إلى یوم القیامة، وروحھ في أعلى علیین عند
ربھ في دار الكرامة، كما قال الله تعالى في سورة المؤمنون ( ١٥ ١٦ ) : ( ثم إنكم
بعد ذلك لمیتون * ثم إنكم یوم القیامة تبعثون ).
وقال النبي صلى الله علیھ وسلم : " أنا أول من ینشق عنھ القبر یوم القیامة ، وأنا أول
شافع ، وأول مُشَفَّعٍ " علیھ من ربھ أفضل الصلاة والسلام.
فھذه الآیة الكریمة والحدیث الشریف وما جاء في معناھما من الآیات والأحادیث ، كلھا
تدل على أن النبي صلى الله علیھ وسلم وغیره من الأموات إنما یخرجون من قبورھم
یوم القیامة، وھذا أمر مجمع علیھ بین علماء المسلمین لیس فیھ نزاع بینھم ، فینبغي لكل
مسلم التنبھ لھذه الأمور ، والحذر مما أحدثھ الجھال وأشباھھم من البدع والخرافات التي
ما أنزل الله بھا من سطان . والله المستعان وعلیھ التكلان ولا حول ولا قوة إلا بھ.
أما الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله علیھ وسلم فھي من أفضل القربات ، ومن
الأعمال الصالحات ، كما قال تعالى : ( إن الله وملائكتھ یصلون على النبي یآ أیھا
( الذین ءامنوا صلوا علیھ وسلموا تسلیماً ) ( سورة الأحزاب: 56
وقال النبي صلى الله علیھ وسلم : " من صلى عليَّ واحدة صلى الله علیھ بھا عشراً " ،
وھي مشروعة في جمیع الأوقات ، ومتأكدة في آخر كل صلاة ، بل واجبة عند جمع
من أھل العلم في التشھد الأخیر من كل صلاة ، وسنة مؤكدة في مواضع كثیرة ، منھا
بعد الأذان ، وعند ذكره علیھ الصلاة والسلام ، وفي یوم الجمعة ولیلتھا، كما دلت على
ذلك أحادیث كثیرة.
والله المسئول أن یوفقنا وسائر المسلمین للفقھ في دینھ والثبات علیھ ، وأن یمن على
الجمیع بلزوم السنة والحذر من البدعة ، إنھ جواد كریم .
وصلى الله وسلم على نبینا محمد ، وآلھ وصحبھ.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]دائما متميزة

مشكور أخي الكريم على مرورك
و
وفقك الله لما يحب ويرضى

جزاك الله خيراً على هذا الموضوع الطيب وهذه اللفتة المباركة

وكم من أمور دينية يلتبس فيها الفهم يقع فيها كثير من المسلمين فى أخطاء عافنا الله جميعاً

بارك الله فيك شيخنا الفاضل مروركم أنار صفحتي