عام على الثورة المصرية - فإلى أين نسير؟

مضى عام على انطلاق الثورة المصرية في 25 يناير 2011 والتي أيدها غالبية المصريين ونزلت الملايين إلى الشوارع في كل الميادين في مدن مصر الكبرى والصغرى للمطالبة بتحقيق مطالب كثيرة كان على رأسها سقوط النظام بكل رموزه رئيس النظام حسني مبارك ووريثه جمال ورئيس وزارته نظيف ووزير داخليته حبيب العادلي ووزير ماليته يوسف بطرس غالي وذراعه اليمنى حسين سالم بالإضافة إلى مجلسيه الشعب والشورى برئيسيهما سرور والشريف ورجاله القانونيين زكريا عزمي ومفيد شهاب ووزير إعلامه أنس الفقي وجهاز أمن الدولة الفاسد وبعد إسقاطهم محاكمتهم على الفساد الذي أحدثوه في المجتمع المصري وفي إفساد كافة جوانب الحياة السياسية.

وطالب الشعب بعد هذا بالحريات كلها الحرية السياسية والفكرية وإلغاء قانون الطوارئ.

وطالب الشعب بحياة كريمة وتحقيق عدالة اجتماعية والقضاء على الفساد وتوفير متطلبات المعيشة بما يتناسب مع موارد البلاد المنهوبة.

وطالب الشعب بإلغاء دستور 71 وإعادة صياغة دستور جديد يتماشى مع هوية مصر العربية الإسلامية ومع الواقع المعاصر للحياة العامة والظروف العالمية.

وطالب الشعب بإعادة النظر في العلاقات الخارجية خاصة العلاقة المشبوهة بكل من الولايات المتحدة والعدو الصهيوني والعلاقات المرتعشة بالبلاد العربية والتي اهتزت لأهون الأسباب.

وبعد عام لابد أن نسأل إلى أين نسير وهل نسير للأمام أم نسير للخلف ؟

وللحقيقة فسوف أسرد مجموعة من الأحداث حسب ما وصلت إلى وفهمتها وليس بالضرورة أن تكون نظرتي هي النظرة الصحيحة فربما خفيت عني حقائق لا أعلمها :

- تنحى حسني مبارك وهو الآن قيد المحاكمة هو ورجاله الذي سبق وأشرنا إليهم جميعا يحاكمون بتهمة قتل الشهداء وإفساد الحياة السياسية والفساد الاقتصادي رغم الشكوى من بطء المحاكمات وإتلاف الأدلة.
- تم حل مجلسي الشعب والشورى وها هو مجلس الشعب الجديد يعقد جلساته قبل عام على الثورة والكل يعلم أن المجلس تم انتخابه بمنتهى الشفافية رغم أن البعض مازال يشكك في ثقافة المواطن المصري السياسية واختياراته.
- تم إيقاف العمل بدستور 71 وإقرار التعديلات الدستورية باستفتاء شعبي بعد أقل من شهرين على بداية الثورة وإعلان برنامج زمني لتسليم السلطة بعد استكمال مؤسسات الدولة من رئيس ومجلسي شعب وشورى وصياغة الدستور.
- تم حل جهاز أمن الدولة وتحويل قياداته للمحاكمة.
- تم تشكيل ثلاث وزارات بداية من وزارة شفيق التي شكلها مبارك قبل تنحيه وأجري عليها بعض التعديلات ثم وزارة شرف والتي سميت وزارة الثورة وأخيرا وزارة الجنزوري والتي أطلق عليها وزارة الإنقاذ الوطني.
- تم تشكيل المجلس الاستشاري للتوفيق بين مطالب الثوار والقيادات حيث وصل الحوار السياسي بين الاثنين إلى طريق مسدود.
- تم إطلاق حرية الإعلام لأقصى درجة ممكنة خاصة الجانب السياسي وإعادة فتح جميع الصحف والقنوات المغلقة وإطلاق العديد من القنوات التليفزيونية الجديدة.
- تم الإفراج عن كل المعتقلين السياسيين في البلاد.
- استئناف الحياة الطبيعية للمواطن المصري حيث التعليم والعمل وتوفير السلع وغيرها من جوانب الحياة اليومية.
- إتمام انتخابات النقابات الفئوية بشكل حر لأول مرة منذ فترة طويلة وإلغاء الحراسة القضائية على بعض النقابات وعلى رأسها نقابة المهندسين.
- إيقاظ الدور الوطني للمواطن المصري بالمشاركة في الحياة السياسية بعد أن غاب تماما في النظام السابق فشاهدنا اللجان الشعبية ثم نسبة المشاركة العالية جدا في الانتخابات والتي وصلت في بعض لجان الانتخاب إلى 100%.
- تحرير القضاء تماما من الضغوط السياسية والعمل وفق قواعد القضاء وسلطة القانون فقط.

أما على الجانب السلبي فهناك الكثير من السلبيات التي لا تخفى علينا :

- حادث ماسبيرو والطريقة التي تم بها إنهاء الاعتصام.
- حادث شارع محمد محمود الشهيرة والطريقة التي تعامل بها الأمن مع الاعتصام.
- الانفلات الأمني بشكل عام والبلطجة في معظم مدن وقرى مصر الصغيرة والكبيرة.
- البطء الشديد في المحاكمات وبطء إجراءات استرداد الأموال المهربة للخارج.
- عدم الحسم في بعض القضايا والتي كانت تستدعي ذلك وليس المقصود بالحسم هنا هو العنف فهناك سياسات كثيرة غير عنيفة لكنها تتسم بالحسم حيث كادت بعض الأحداث أن تتسبب في كوارث بسبب عدم الحسم وآخرها أزمة الوقود التي تزعم القيادة أن مفتعلة ولكن دون اتخاذ إجراءات حاسمة ضد مفتعلي الأزمة.

إضافة إلى أن الشعب كان سببا في كثير من الأزمات وذلك بسبب بعض التصرفات ومنها :

- التظاهرات الفئوية والاعتصامات الغير مبررة والغير منضبطة في الشكل والطريقة التي يتم بها تقديم الطلبات والتي وصلت إلى الاعتصام المفتوح في أكبر ميادين وشوارع مصر دون أي أمل في الانتهاء.
- استمرار مسلسل الفساد في جوانب الحياة والتي يكون فيها المواطن هو الفاعل وليس الدولة أو التشريعات فلم تنتهي الرشوة أو الدروس الخصوصية أو السرقة أو الاستغلال وكلها سلوكيات شعبية قبل أن تكون مسئولية تشريعية.
- استمرت حملات التشكيك في كل شئ فبدلا من العمل تفرغ البعض للتشكيك في كل شئ وأي شئ حتى ضاع منا الكثير من الجهد والوقت والمال في جدالات وهمية للتشكيك والرد على المشككين.
- التعامل غير الواعي مع الأزمات الاقتصادية خاصة وكأن الثورة كانت فقط لإزالة سلبيات القيادة وتضخيم سلبيات الشعب.
- المشاركة فعليا في الانفلات الأمني سواء في مباريات الكرة أو في قطع الطرق وغيرها من الأحداث التي نشهدها كل يوم وتعطي فرصة للبلطجة في الظهور.

ولست أزعم أنني حصر كل شئ لكن على الأقل هذا ما أعلمه وإن كان هناك إيجابيات فهناك سلبيات وهذا شئ طبيعي وكل ما نتمناه أن تتقدم بلادنا للأفضل لتحقيق الخير لنا ولإخواننا الذين ينظرون إلينا نظرة احترام لعلنا نعود مرة أخرى لدورنا الكبير والذي أهدره النظام السابق بكامل إرادته.