حكم زكاة الحلى للمرآة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. اما بعد

فاليوم أتحدث عن مسالة جديدة من مسائل الفقه ألا وهي مسالة زكاة الحلي بالنسبة للنساء.
وصورة المسالة : أنه لو كان لمرأة ما من نساء المسلمين شيئا من الذهب فهل يجب عليها إخراج الزكاة منه أم لا .

وقبل الخوض في تفصيل المسالة لابد ان نتحدث عن المقدمات التالية :
1- اتفق الفقهاء على وجوب الزكاة في الحلي المستعمل استعمالا محرما ، كأن يتخذ الرجل حلي الذهب للاستعمال ، لأنه عدل به عن أصله بفعل غير مباح فسقط حكم فعله وهو صياغته صياغة محرمة ، وبقي على حكم الأصل من وجوب الزكاة فيه .
2- و اتفقوا على وجوبها في الحلي المكنوز المقتنى الذي لم يقصد به مقتنيه استعمالا محرما ولا مكروها ولا مباحا ، لأنه مرصد للنماء فصار كغير المصوغ ، ولا يخرج عن التنمية إلا بالصياغة المباحة ونية اللبس .

أما مسالتنا لهذا الأسبوع فكان رأي الفقهاء فيها على ما يلي :
1- ذهب المالكية والحنابلة والشافعي في القديم وأحد القولين في الجديد وهو المفتى به في المذهب إلى عدم وجوب الزكاة في الحلي المباح المستعمل . وروي هذا القول عن ابن عمر وجابر وعائشة وابن عباس وأنس بن مالك وأسماء - رضي الله عنهم - والقاسم والشعبي وقتادة ومحمد بن علي وعمرة وأبي عبيد وإسحاق وأبي ثور.
واستدلوا بما يلي :
- روي عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تلي بنات أخيها في حجرها لهن الحلي فلا تخرج منه الزكاة .ولا يخفى أنها زوج النبي وأعلم الناس بهذه المسائل
- وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يحلي بناته وجواريه الذهب ثم لا يخرج من حليهن الزكاة .أما ابن عمر فهو أخ حفصة زوج النبي رضي الله عنها.
- وروي أن رجلا سأل جابرا رضي الله عنه عن الحلي أفيه زكاة ؟ فقال جابر لا ، فقال : وإن كان يبلغ ألف دينار فقال جابر كثير .
-و استدلوا بقياس الحلي المباح على ثياب البدن والأثاث وعوامل البقر في أنها مرصدة في استعمال مباح فسقط وجوب الزكاة فيها .لأن الزكاة إنما تجب في المال النامي أو المعد للنماء، والحلي ليس واحدًا منهما، لأنه خرج عن النماء بصناعته حليًا يلبس ويستعمل وينتفع به فلا زكاة فيه
- أن الأصل براءة الذمم من التكاليف ما لم يرد بها دليل شرعي صحيح، ولم يوجد هذا الدليل في زكاة الحلي، لا من نص، ولا من قياس على منصوص.

2- ذهب الحنفية والشافعي في القول الآخر في الجديد إلى وجوب الزكاة في الحلي المباح المستعمل ، وهو مروي عن عمر بن الخطاب وابن عمر ، وابن عباس ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وأبي موسى الأشعري ، وسعيد بن جبير وعطاء ، وطاوس ، وابن مهران ومجاهد ، وجابر بن زيد ، وعمر بن عبد العزيز ، والزهري ، وابن حبيب .

ومن الادلة التي استدلوا بها ..
-عموم الآية الكريمة: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم) (التوبة: 34) فالذهب والفضة في الآية يشمل الحلي كما يشمل النقود والسبائك، فما لم تؤد الزكاة منها فهي كنز يكوى به صاحبه يوم القيامة.
- حديث عبد الله بن عمرو أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب فقال لها : أتعطين زكاة هذا ؟ قالت : لا . قال : أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار ؟ قال : فخلعتهما فألقتهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت : هما لله ورسوله .
-كما استدلوا بحديث عائشة رضي الله عنها قالت دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى في يدي فتخات من ورق ، فقال : ما هذا يا عائشة ، فقلت : صنعتهن أتزين لك يا رسول الله . قال : أتؤتين زكاتهن ؟ قلت : لا ، أو ما شاء الله قال : هذا حسبك من النار.
- كما أن الحلي مال نام ودليل النماء الإعداد للتجارة خلقة.

وبعد هذا الخلاف الفقهي الدائر .. نرجح الرأي الذي يقضي بعدم وجوب إخراج الزكاة من الذهب والفضة لما يلي ..
1- فعل السيدة عائشة السابق متأخر عن القول والمتأخر عادة يحمل احتمالات عدة غما كون المتقدم منسوخا أو غيره مما يقضي عدم العمل بالاول والعمل بالثاني .
2- الذهب المعد باللبس يلحق بالثياب الأنيقة، والأثاث الفاخر، وألوان الزينات والأمتعة الرائعة التي تقتنيها في البيت مما ليس محرمًا عليها.وهي تقاس على اللالئ والجواهر الثمينة التي لم يجب فيها الزكاة لانها نوع من انواع اللبس والحلي.
3- كما أن الزكاة -كما تبين لنا من الهدى النبوي- لا تجب في كل مال، وإنما تجب في المال النامي أو القابل للنماء وما ذلك إلا ليبقى الأصل، وتؤخذ الزكاة من النماء والفضل ولهذا شرط السوم في الماشية، وشرط النماء والفضل عن الحوائج الأصلية وأعفيت دور السكنى ودواب الركوب وأدوات الاستعمال من الزكاة اتفاقًا. ولقد قرر فقهاء الحنفية أنفسهم -الموجبون للزكاة في الحلي- أن سبب وجوب الزكاة هو: ملك مال معد مرصد للنماء والزيادة فاضل عن الحاجة
وهذا لا ينطبق هذا على حلى المرأة المباح، وهو ليس مرصدًا للنماء والزيادة، ولا فاضلاً، ما دام مستعملاً في حدود القدر المعتاد لمثلها

هذه صورة مختصرة للمسالة احببت أن أوضح فيها آراء الفقهاء .. لكن المسألة تبقى مسالة خلافية وكل من الرأيين يحوي أسماء جهابذة من علماء الأمة .
لذا إذا أخرجت المرأة زكاة حليها فإنها لا تأثم .. وإذا لم تخرج بناء على الرأي الراجح والذي رجحه العلامة القرضاوي وغيره فإنها لا تأثم أيضا

والله تعالى اعلم

منقول

أكرمك الله أيها الكريمة وزادك الله فهماً

بارك الله فيك وجزاك خيرا على هذا الموضوع

بارك الله فيك وأحسن اليك